حين شاهد العالم أجمع الملايين الهادرة الراجلة تتوجه الى ضريح الأمام الحسين (ع) لأداء مراسيم زيارة الأربعين فأن علامات أستغراب لابد أن تكون قد أرتسمت على الوجوه من جراء أندفاع الناس بمختلف مستوياتهم (ومنهم طلبة الجامعات وأساتذتهم) دون أدنى تأثير من أية جهة كانت سيرا على الأقدام لمدة ربما تصل الى  12 يوما (أهل البصرة) لبلوغ هدفهم المنشود. وحين نعلم أن الحشود الزائرة لهذا العام قد تجاوزت العشرة ملايين فان العجب لابد أن يصل الى أقصى مداه! ورغم أن مثل هذه المسيرة الحاشدة تمثل الماراثون الأعظم في تاريخ البشرية قاطبة وتعكس أعظم درجات الأيمان بالمباديء السامية التي جسدها الأمام الحسين (ع) وعترته أهل بيته من آل النبي الأكرم محمد (ص) فأن معرفة مغزى مثل هذا الأمر الجلل أمر بسيط للغاية ، فالأمام الحسين (ع) يمتلك قوة جذب هائلة تحرك أعماق المؤمنين وتجعلهم يندفعون بعشق روحاني لامثيل له أبدا.

لقد أعطى الحسين (ع) دروسا جلية في الأباء والشموخ والثورة على الحاكم الظالم المستبد والدفاع حد الشهادة عن الدين الأسلامي الحنيف بهدف تقويم مسيرته التي سعى يزيد الملعون  لتحريفها. أنها ثورة الحق المبين ضد الباطل اللعين وثورة الأيمان الحقيقي ضد الأنحراف الذي وصل حد الكفر كما ورد على لسان يزيد أبن معاوية ذاته حين قال: (لعبت هاشم بالملك فما خبر جاء ولا وحي نزل) ، وهذا قول مفضوح لطاغية العصر يمكن للباحث الحصيف المدقق أن يربطه بالأحداث التي بدأت تطال الأسلام الحنيف في أعقاب وفاة النبي الكرم (ص)وتواصلت حتى أيامنا هذه ولو بطرق شتى!

أن أندفاع تلك الملايين ومجيء عشرات الآلاف من زوار الأمام الحسين (ع) من أقطار الخليج والدول الأسلامية الأخرى تطرح أمورا غاية في الأهمية، فهذا يعني أولا أن كربلاء ومعها النجف الأشرف أصبحتا قبلة للملايين طيلة أيام السنة وأن أعداد الزوار لابد أن تتزايد بشكل مضطرد. من هنا يتعين على الحكومة المحلية في محافظة كربلاء المقدسة وكذلك الحكومة المركزية في بغداد أن تعملا على أيلاء أقصى الأهتمام بمدينتي كربلاء والنجف وأستثنائهما من الميزانية العامة والتخصيصات المتعارف عليها بحيث تصبح للمدينتين ميزانية خاصة بهما. ويتعين على الدولة أن تسارع بتنفيذ مشروعها الأستراتيجي الخاص بوضع خارطة عصرية لمدينة كربلاء وأجراء التوسعات المناسبة في الصحن الحسيني الشريف لأستيعاب مالايقل عن خمسة عشر مليون زائر في زيارة الأربعين للعام القادم. كما لابد من الأستفادة مما فعلته أيران في جعل مرقد الأمام علي موسى الرضا (ع) هيبة حقيقية للزائرين مع العمل على تشييد العشرات من العمارات السكنية العصرية والمتنزهات الفارهة لراحة الزائرين وأقامة المستشفيات الحديثة والمعاهد العلمية والدينية والمكتبات المناسبة والأسواق العصرية وغير ذلك.

ولابد هنا من الأشادة بالدعوة التي أطلقها أكثر من مرة الدكتور جلال الطالباني رئيس الجمهورية بضرورة الأهتمام الشديد بمدينتي كربلاء وةالنجف الأمر الذي يعبر عن حالة شعور عالية بالمسؤولية. ولاريب أن العراقيين يتطلعون بكل أمل لأن يتنبه الساسة العراقيون جميعا الى أهمية أبدال الصورة التي عليها كربلاء اليوم لتتناسب مع المقام الجليل والنوراني لسبط النبي الأكرم محمد (ص) وريحانته وولده الأمام الحسين (ع). وهل ننسى ماقاله النبي (ص) بحق الأمام الحسين (ع): (حسين مني وأنا من حسن)( أحب الله من أحب حسينا) (الحسن والحسين سيدا شبابا أهل الجنة).

فهل من العجب بعد ذلك أن تسير تلك الجموع المليونية الهادرة سيرا على الأقدام لأيام وأيام قاصدة الأمام الحسين(ع) وهي تهتف دون كلل: (ياحسين بضمايرنا)؟!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com