لماذا غزة أيضا..؟!

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

غزة تحترق ولهيب نارها يشعل كل البيوت.. فمن يطفيء الحريق..؟؟

 "المحرقة" التي تُذكي أوارها دولة إسرائيل ضد أبناء غزة، غير مفرقة بين كبير أو صغير؛ هي حرب إبادةٍ جماعية بكل المعايير؛ تقترفها الإدارة الإسرائيلية العسكرية والسياسية، دون أي إعتبار لشريعة أو قانون؛ إنها حرب إبادة تقدم عليها دولة محتلة ضد شعب يرزح تحت الإحتلال؛ حرب تتحدى دولة إسرائيل فيها، المجتمع الدولي والأعراف الإنسانية وكل ما له علاقة بحقوق الإنسان..!؟؟

 تتذرع دولة إسرائيل ب\"صواريخ القسام\"، التي وحسب إدعائها، تهدد أمن وسلامة مواطني إسرائيل في الجنوب..ولا أريد هنا أن أبحث عن وجه للمقارنة، فالموت واحد وإن إختلفت الظروف أو الوسائل، ولكن أتوجه بالسؤال الى الدولة العبرية، التي تطلب من الآخرين أن يحسبوا حسابها كدولةٍ لها أنياب نووية، وتمتلك ترسانةً حربيةً تتفوق بها على جميع ترساناتِ جيرانها العسكرية من الدول المجاورة الأخرى..

  كيف لدولةٍ بهذا القدرِ من القوة والمِكنة العسكرية، وهي تُصَنِفُ نفسَها ضمن الدول الديمقراطية، أَنُ تضع نفسها في موازاة شعب لا يمتلك من الحول والقوة التي تمتلكها، سوى إيمانه الراسخ بحقه في البقاء وتحرير أرضه من ربقة الإحتلال الجائر الذي تفرضه هي نفسُها عليه؛ الدولةُ التي تشتكي اليوم من شدة ضرباته الموجعة، وتقيم الدنيا ولا تقعدها، وهي تدرك جيداً بأنها قد جاوزت كل حدود المنطق وضربت عرض الحائط، كل قرارات المجتمع الدولي الذي يمنح الحق لهذا الشعب في الحرية وإقامة دولته المستقلة على كافة الأرض التي رسمتها تلك القرارات، فما تعتقده إذن تلك الدولة، أنه سيكون الجواب بعد كل هذا الإضطهاد..؟؟!

 هل تدرك دولة إسرائيل التي إغتصبت حقوق شعب محاصر؛ أن نار الغضب أشد إستعاراً من نار قذائفها، وأن ما تحصده محرقتها الهمجية اليوم في غزة من أرواح الأبرياء، سترتد تداعياته وبالاً عليها، وبأنه سيعمق من الكراهية بين الشعبين، ويعطل كل محاولات المجتمع الدولي في التوصل الى إيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية؛ وهل تعلم إسرائيل وهي تعلم، بأن دائرة الفعل ورد الفعل هي من الدوائر المغلقة، وبإن ما تأمله دولة إسرائيل من العيش بأمان وسلام، لا يمكن أن يتحقق بالعنجهية والغطرسة وبالقوة الغاشمة، وبدون كسر هذه الدائرة، التي لها أول وليس لها آخر..!؟؟

  إن الخطاب الذي إعتادت كل من أمريكا والإتحاد الأوروبي والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة والعديد من دول العالم ومن السياسيين المعتدلين، توجيهه الى كل من إسرائيل والفلسطينيين في آن واحد ودعوتهما الى ضبط النفس وإيقاف العنف، دون إحتساب لجوهر النزاع وأسبابه، مع محاولة المساواة بين الضحية والجلاد، بين المحتل ومن وقع عليه الإحتلال؛

  إن خطاباً مثل هذا، لا يساعد في وقف العنف، إن لم يكن عاملاً من عوامل تشجيع إسرائيل كدولةٍ محتلة، أن تتذرعَ بهذه المساواة، ومن منطلق الدفاع عن أمن إسرائيل بمواجهة ما تدعوه \"بالإرهاب الفلسطيني\"، وبمنطق ميكافيلي خادع، تحاول أن تلقي بكامل تبعيات ما تمارسه من عنف ضد الفلسطينين، على عاتق الشعب الفلسطيني، متنصلة ولنفس الأسباب، من كامل إلتزاماتها الدولية إتجاه هذا الشعب المكافح..!؟

دولة إسرائيل بإدارتها المتعسكرة، ويمينها المتطرف بإدارة باراك، تستغل الشرخ العميق في لحمة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وهي في أحوال كثيرة من يقف وراء ذلك، من خلال سياستها المزدوجة في علاقاتها مع الفصائل الفلسطينية المتباينة في المواقف والرؤى، ومن خلال ما تظهره من دعوات غير صادقة للمقاربة والتسوية السلمية، وفيما تضمره من نوايا لتعميق الشرخ بين تلك الفصائل، وما تمارسه ميدانياً من إنتهاكات وخرق فاضح لحقوق الإنسان والشرائع الدولية، من أجل أن تزيد عمق الهوة بين الفصائل الوطنية الفلسطينية، بهدف إبقاء الإحتلال وتوسيع الإستيطان، وإشغال الفلسطينيين بمنازعاتهم الداخلية..!

وها هي وكالعادة، تسحب إسرائيل دباباتها من غزة بعد أن خلفت ورائها ما يزيد على مائة شهيد فلسطيني ومئات الجرحى من المدنيين، والعشرات من المنازل المهدمة، وخلال يومين فقط، لتعلن أمام المجتمع الدولي أسفها لقرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بقطع كافة العلاقات التفاوضية مع الجانب الإسرائيلي إحتجاجاً على همجيتها العدوانية في غزة، داعيةً الى إعادة المفاوضات بإعتبارها الطريق الوحيد للتفاهم وحل الإشكاليات والمصاعب، فأي صلفٍ هذا..!؟؟(*)

فهل سيدرك المجتمع الدولي حقيقة المناورات الإسرائيلية، والخداع المبطن بالشكوى والتذلل وذرف دموع التماسيح من خطر ما يسمى ب"الإرهاب"، مستفيدة من كل ردود الفعل التي تفرضها على الشعب الفلسطيني بآلتها العسكرية المدمرة.؟ هل سيدرك المجتمع الدولي بأن دولة إسرائيل تكذب..؟؟! 

وهل سيدرك الأخوة الفلسطينيون، وهم مدركوها، لولا قذى في العين، وغصة في الحلق، كم هي الوحدة الوطنية، الطريق الوحيد لإستعادة الحق الفلسطيني، وقطع الطريق أمام كل ألاعيب المحتل، وهي وحدها التي توقف هدر الدم الفلسطيني، وتغلق كلَ إختراقاتٍ أمام اليمين الإسرائيلي، الذي ما دئِب يسعى لبقاء الوحدة الوطنية الفلسطينية عالقة  في مهب الريح..!

الفلسطينيون وحدهم وبحكمتهم ووحدتهم، ومن ورائهم المجتمع الدولي، متى تفهم قضيتهم، القادرون على إطفاء الحريق، وقطع الطريق على المناورات الإسرائيلية، وإرغامها على الإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية وإقامة دولته الوطنية الحرة المستقلة الديمقراطية..! 

_______________________________________    

(*)   http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_7274000/7274537.stm

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com