|
الحديث عن انتفاضة الشعب العراقي لعام 1991 (الانتفاضة الشعبانية) حديث ذو شجون وله طابع يتسم بالمرارة والالم رغم البطولات الحماسية التي سجلت على أرض العراق ضد الطاغية صدام واعوانه في الحقبة التي سبقت تدهور العراق ابان الحصار الاقتصادي له وترويع الشعب غصص شتى ، فتلك الفترة وتلك الانتفاضة العارمة التي تعتبر الانتصار الاول لأرادة الشعب العراقي ورفضه كل مضاميم الظلم البعثي والقمع والاستهتار الدكتاتوري. لا يهمنا الحديث عن مجريات كيفية قيام الانتفاضة الشعبية بقدر مايهمنا النتائج المنخرطة تحت ضياء انتفاضة 1991 ، فمنذ انفجار شعلة الانتفاضة وبدأت التساؤلات تطرأ على واقع العراق المرير خصوصاً بعد قمع الانتفاضة الشعبية فكان واقع الحال آنذاك وحسب الموازين اللوجستية خسارة الانتفاضة بعد قمعها ولكن هناك انتصار لمرحلتين هو الانتصار الروحي للشعب العراقي الذي كسر جماح الخوف وتحرر من قيود الدكتاتورية ، والانتصار الاعلامي حيث دأبت معظم القنوات الفضائية العالمية تتعقب نظام صدام هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أن أبطال الانتفاضة الشعبانية لعام 1991 وبعد تضييق الخناق عليهم من قبل أجهزة القمع البعثي فروا خارج العراق بحيث ملئت بلدان العالم بالعراقيين أغلبهم أبطال الانتفاضة وبدأت القصص المروعة التي يسردها العراقيون بالدول الغربية وبدأت المؤتمرات والندوات تعلن بأسم الانتفاضة حتى أصبح اسم الانتفاضة الشعبية لعام 1991 اسم لامع في العالم يذّكر الغرب بالثورة الفرنسية وغيرها من الثورات الشعبية التي انطلقت شرارتها لنصرة المظلومين. من هنا برز دور كبير للانتفاضة وأصبح الغرب الذي سلــّط نظام صدام بالتفكير ملياً باعادة النظر لرفعه مرة أخرى بعد ان تغيرت السياسات الخارجية للغرب الداعمة للانظمة الدكتاتورية في الشرق الأوسط ، أصبحت مقيدة بل محتم عليها أن تزيل تلك العقبات التي تعيق سياستها واول مصداق لها على ذلك العمل على ازالة نظام صدام ، وهنا لابد لنا من الاشارة وعودة الى انتفاضة 1991 حيث تكونت بفضل الانتفاضة المعارضة العراقية التي أدعى الكل أنهم يمتلكون القاعدة الجماهيرية وقد يكون صحيحاً أن هناك ممن يندرجون ضمن أحزاب وهيئات سياسية ولكن يقل نظيرهم من ضمن فئات الشعب العراقي الذي انطلق بعفوية وهذه من اسباب قمع الانتفاضة وتشريدهم في معظم بلدان العالم . بعد أن أكتملت الصورة الاعلامية من قبل ابطال الانتفاضة الذين يسردون تلك القصص الاجرامية من قبل نظام صدام انتقلت الصورة الى المعارضة العراقية وسلطت الاضواء عليها وانتهى دور الشعب العراقي واصبح مصير الانتفاضة مرتبط بالمعارضة وهنا اركنت الجرار واصبحت جرار مكسورة ليس لها نفع بعدما ولجت الأدوار وحكمت الاقفال وابعد من ابعد وادخل من ادخل الى عمق الدائرة السياسية وقد أصبحت قضية التهميش قضية اساسية. انهيت تلك الحقبة المريرة من المعاناة وبدأ فصل جديد من التغيير بعد ذهاب شبح نظام صدام من مخيلة العراقيين ولكن هل أنتهى ذلك النظام ومخلفاته ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بالطبع لم ينته مطلقاً مع ملاحظة أن جرار الانتفاضة بقيت مكسورة ومبعدة وراح القادة وزعماء ما يسمى بالمعارضة العراقية تهتم بشؤون وتسيير العملية السياسية ومن مضاميم العملية السياسية الاهتمام أولاً بالبعثيين الذين أقصوا في بداية التغيير واعادة الاعتبار اليهم واعادة واعطائهم حقوقهم من دون نقص يذكر أما أبطال الانتفاضة الشعبانية فقد أصبحوا كالجرار المكسورة المركونة الى جنب بعد الاستفادة من عطائهم ونضالهم ضد الدكتاتور حتى وصل الأمر أن يسلموا رواتب البعثيين وممن يسمون انفسهم معارضة للنظام الجديد في سوريا والاردن ولبنان وهنا لابد من الاشارة لا اقصد الشرفاء من المهجرين في هذه الدول بل البعثيين الذين يتخذون من عواصم هذه الدول مقراً لأقاماتهم والتخطيط ضد العملية السياسية في العراق ، وهناك مشهد آخر من مشاهد الجرار المكسورة تقف على أعتاب الدوائر الرسمية تحمل طلباً للتعيين ونيل وظيفة من وظائف الدولة التي حرمت منها أكثر من سبعة عشرة سنة ومن دون جدوى فمنهم من طلب منه جلب تأييد من أحد الأحزاب المتواجدة على الساحة ومنهم من طلب منه مبلغ لأجراء المعاملة ومنهم من أصبح بعمر الذي لا يستطيع التوظيف وغالبهم بدون رواتب حكومية فأين الانصاف؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |