الكورد الفيلية: خطأ الانتماء ..!!

 

هادي فريد التكريتي/عضو

اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

hadifarid@maktoob.com

الكورد الفيلية، من أقدم القوميات والشرائح الاجتماعية،التي عاشت على أرض الرافدين، والملتصقة بجغرافيته،منذ أقدم الأزمنة والعصور، وعلى اختلاف الدول والأنظمة التي تعاقبت على حكم العراق، ساهم الكورد الفيلية، مع كل الأقوام التي استوطنته، في بناء الحضارات التي قامت على شاطئيه ..وبعد الحرب العالمية الأولى،شاركوا، في  بناء الدولة العراقية الجديدة، وناضلوا كبقية شرائح المجتمع الوطنية، ضد الاحتلال البريطاني، وضد سياسة الاضطهاد والتفرقة العنصرية والطائفية، التي مارسها الحكم الملكي، والتي طالت الكثير من  شرائح المجتمع العراقي، والكورد الفيلية، نالهم اضطهاد مضاعف، الأول : كونهم مواطنين عراقيين،ينتمون لتيارات سياسية ووطنية مختلفة، معارضة لسياسة الدولة ونهجها غير الوطني، والثاني : كونهم كوردا من حيث انتمائهم القومي، وشيعة من حيث انتمائهم الطائفي، واحد فقط من هذه الأسباب كان كافيا للاضطهاد، فكيف إذا اجتمعت كل المحرمات ..؟ هذه الأسباب، والنقص في حقوق المواطنة، الذي أقره قانون الجنسية العراقية، عمق من الوعي الوطني لدى الكورد الفيلية، وجعلهم  ينخرطون في العمل السياسي الوطني، ضد الحكومات العراقية المتعاقبة، بكثافة، أكثر من أية فئة عراقية أخرى،  منذ بدايات تشكيل الحركة الوطنية والديموقراطية، فنضال الكورد الفيلية الدؤوب، من أجل إلغاء هذا القانون العنصري والطائفي،ومن أجل مساواتهم في الحقوق والواجبات مع سائر المواطنين،جر عليهم سخط وكراهية الحكم الملكي، وأنظمة الحكم القومية المتعاقبة، بعد ثورة 14 تموز الوطنية .

 نالت هذه الشريحة الوطنية، تعاطف ودعم القوى الشعبية الوطنية والديموقراطية، وخصوصا الحزب الشيوعي العراقي،  منذ أن  بدأ تهجيرهم بالجملة، إلى إيران، تحت ذريعة " التبعية الإيرانية " وكأن الحكومات القومية والفاشية، المتعاقبة على حكم العراق، كانت تتباهى وتمجد " التبعية العثمانية " وكلا الدولتين، قديما وحديثاً، لا تضمران سوى الحقد والكراهية للشعب العراقي، وهذا سبب آخر يضاف على أسباب الحقد والكراهية التي عانى منها الكورد الفيلية، طيلة عقود طويلة، وما يعانونه اليوم ليس استثناء   ..

الحكومات العراقية القومية، وعلى مدار سني حكمهم، هجرت آلاف العائلات العراقية، من الكورد الفيلية،    وذروة التهجير، وأوسعها  عشية الحرب العراقية الإيرانية، وأثناءها، نفذها بكل وحشية وقذارة،المقبور صدام حسين، رئيس نظام البعث الفاشي، بعد أن سلب المهجرين وثائقهم ومستمسكاتهم  التي تثبت عراقيتهم، مع مصادرة أملاكهم وأرصدتهم في البنوك، كما نفذ أقذر جريمة  مفجعة في التاريخ العراقي الحديث،حين احتجز شبيبتهم وغيبهم في سجونه ومقابره الجماعية، ولم تكن هناك أية تهمة جنائية تسوغ لارتكاب مثل هذه الجريمة، كما لم يكن هناك  سبب قانوني واضح  يستدعي التهجير..

 كل القوى السياسية،وبكل انتماءاتها، الوطنية والديموقراطية والقومية والدينية /الطائفية،  وعلى اختلاف المبادئ والأهداف التي تحكمها،وتناضل من أجلها،  أدانت جريمة تهجير الكورد الفيلية، عندما كانت في الخارج، تناضل ضد النظام البعثي/ الفاشي في العراق، وطالبت بمحاكمة النظام وقادته على جريمته هذه، حدث هذا، قبل أن يستخدم النظام الغازات السامة، في حلبجة، ضد الشعب الكوردي، وقبل أن يحكم بالإعدام، على البعض من أعضاء حزب الدعوة، في قضية الدجيل، وكذلك قبل اندلاع انتفاضة آذار  1991، وهذا يعني أن من أولويات كل القوى، الدينية من الطائفة الشيعية، والقومية من الكورد، التي جاءت إلى  السلطة مع القوات الأمريكية، في العام 2003،والتي لازالت تحكم العراق، باسم الدستور الدائم، والمجلس النيابي  المنتخب،  أن تعيد الحق لأهله، ولكل العراقيين المتضررين من الحكم الفاشي، بغض النظر، عن الدين والمذهب والقومية والعنصر والطائفة، إلا إننا نرى ومن خلال الـ " مذكرة إلى السلطات العراقية الموقرة في بغداد / العراق " والمرفوعة من قبل " الاتحاد الديموقراطي الكوردي الفيلي في 8/3/2008"  و كما يقول عنوانها " أرسلت إلى المحترمين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب "  أن القوى التي تحكم العراق حاليا،لا تمثل أي طيف وطني أو قومي أو ديني،  من أطياف الشعب العراقي،وإنما فقط، تمثل شخوص من هم السلطة،  فليس هناك شريحة عراقية، تتمثل فيها الوطنية والقومية والطائفية، مثل الكورد الفيلية، والكثير من أبناء الشعب العراقي، كان يعتقد، أن أول من ستُرَد إليهم حقوقهم، هم الكورد الفيلية،  لأنهم كما يقول المثل الشعبي "  هم شيعة وهم كورد " وكل رجال الحكم، في مناسبة وغير مناسبة، يتباكى ويستدر الدموع، على المقابر الجماعية، ونصف هذه المقابر هي لشبيبة الكورد الفيلية ولرجالهم، فاين مصداقية رجال الحكم في دعواهم ..؟ عندما يتعلق الأمر بحقوق ومكاسب وامتيازات لهم، في أي مؤسسة من مؤسسات الحكم، يجتمعون، ويقررون في الحال، تشريع القانون المطلوب، وهم يعلمون أن أكثر هذه الحقوق لا حق لهم فيها، أما ما يتعلق بحقوق الشعب العراقي، وخصوصا الكورد الفيلية، فالأمر يحتاج إلى دراسات، ووجهات نظر..

 الغريب أن " الاتحاد الديموقراطي الكوردي الفيلي " يطالب بالغاء القرار 666 لسنة 1980، إضافة لمطالب كثيرة، في حين أن هذا القرار يشمل الكثير من غير العراقيين الذين يجلسون حاليا، في المجلس النيابي وفي الحكومة، كما يشمل الآلاف الذين يتشكل منهم جيش " قوات بدر " وقادته، فكيف دخلوا وتربعوا على السلطة، إن كانت القوانين التي تحكم الكورد الفيلية، هي نفسها تحكم القوى الأخرى ..؟ أليس غريبا وبعد خمسة أعوام، لايزال العراقيون المهجرون بالقوة،  يعيشون في مخيمات طائفية بشعة، تمارس بحقهم أبشع الممارسات اللاإنسانية، وتحت علم وسمع حكومة تتكلم باسمهم، أليس من الجريمة أن تصادر ممتلكات مواطنين،مورست بحقهم أبشع الجرائم الفاشية، ليسكنها حاليا قيادات ممن يدعون ويطالبون  بـ " مظلومية الشيعة، والكورد " ..في البيان تفاصيل، مذهلة لمن يريد الاستزادة ومعرفة حقيقة " المظلومين " فإن كان هناك حقيقة لمظلومين، فهم الكورد الفيلية (الأكراد الشيعة)، والظلم المسلط عليهم، إبان الحكم القومي والفاشي، والمنَفًذ عليهم حالياً، هو نتيجة لانخراطهم في خيارات  سياسية ووطنية وديموقراطية، يعاديها الحكم والأمريكان حاليا،  وبالتجربة، ليس هناك أكثر من حقد طائفي وعنصري، عندما يتم التواطئ مع الأجنبي والمحتل، على القوى الوطنية الديموقراطية والشيوعية، فهل أخطأ الكورد الفيلية في انتمائهم الوطني ..؟!!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com