|
المازق الفلسطيني الراهن واحتمالات العودة للخيار الاردني
جادالله صفا/ كاتب فلسطيني مقيم بالبرازيل ربط محافظة اريحا بشبكة الكهرباء الاردنية، وقبلها تخفيض الرسوم الى 50% للفلسطنيين حاملي جوازات السفر الاردنية، تضع العديد من علامات الاستفهام حول النوايا الاردنية والفلسطينية بالاساس، وفهم الموافقة الاسرائيلية على هكذا خطوة والى اين تريد ان تصل، فانا لا اعتقد ان هذه خطوات انسانية او بداية الانفصال الفلسطيني عن الاحتلال على طريق بناء الدولة الفلسطينية، وتحصيل الحقوق الفلسطينية، ففي ظل عدم التقدم بالمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية باتجاه القضايا الاساسية للحل النهائي، الدولة والعودة والقدس، ورغم الاهتمام الامريكي والدولي بالوصول الى نهاية لهذا الصراع الدائر على ما يزيد على ستة عقود، ورغم اختلال موازين القوى لصالح الكيان الصهيوني، تبقى خيارات عديدة مطروحة من اجل انهاء الصراع، ويمسك الكيان الصهيوني بكافة اطرافها. الكيان الصهيوني وقادته يدركون حق المعرفة ان القضايا الاساسية للب الصراع لا يمكن التوصل فيها الى حل وسط، اللاجئين والقدس والدولة وتقرير المصير، كذلك يدرك قادة هذا الكيان الى خطورة العامل الديمغرافي الفلسطيني ما بين النهر والبحر، وما يشكله هذا العامل من خطر على مستقبل هذا الكيان، فيواصل البحث عن حلول لها، من اجل التخلص منه سواء في المناطق المحتلة عام 48 او بالضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا ما يجب الوقوف امامه وبكل جديه لمعرفة كيف يفكر هذا الكيان بانهاء الصراع على طريقته الخاصة، يفرضه على الفلسطيني والحكومات العربية مرغومة بالموافقة عليه. الخطوات التي يقوم بها الكيان الصهيوني بالضفة الغربية والقطاع والتي تركزت بالاساس كبداية بمنع التواصل بينهما، لم تاتي الا من ادراكه انه لا يمكن نجاحه بتحقيق اهدافه، الا من خلال خلق وقائع جديدة على الارض، يصعب العودة بها الى الوراء، فالحالة الفلسطينية السيئة المتمثلة بالانشقاق السياسي والاجتماعي والجغرافي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني يشكل عامل مشجع للكيان الصهيوني لمواصلة تطبيق مخططه التصفوي، ويحاول الوصول الى واقع الحل المفروض مع موافقة دولية عليه، فان استمرار هذا الكيان ببناء الجدار، بطريقة تسمح له التحكم بمصير الشعب الفلسطيني وتحديد مستقبله، فهو يهدف ايضا الى الوصول الى الخيار الاردني بخصوص الضفة الغربية، بعد تحقيق مجموعة من الوقائع على الارض التي يصعب على الفلسطيني التغلب عليها في ظل اختلال موازين القوى، والحالة الفلسطينية السيئة التي تعكس اثارا سلبية على مقاومة الاحتلال. ان الخطوة العسكرية التي اقدمت عليها حماس في قطاع غزة باتجاه حسمها العسكري وتثبيت سلطة مؤقتة او دائمة بالقطاع بمفاهيمها، منتظرة بذلك حوارا فلسطينيا مع الرئيس الفلسطيني وحركة فتح، حتى هذه اللحظة لم توفق بالوصول الى حوارا لترتيب البييت الفلسطيني الداخلي، بدون الخوض بتفاصيل هذه النقطة، فان الحكومة الاسرائيلية بلا شك وبكل تاكيد تكون هي المستفيدة من احداث غزة الداخلية، لتجد مبرارات لها في مواصلة تعزيز الشرخ والانقسام الفلسطيني الداخلي بما يتلائم مع تمرير مخططها لخلق واقع جديد، يضمن حسب المفهوم الاسرائيلي تثبيت سلطة بقطاع غزة بقيادة حركة المقاومة الاسلامية، التي هي على خلاف حاد مع السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية، كذلك ستتعامل اسرائيل بطريقة مباشرة او غير مباشرة من اجل تثبيت دورا او تمثيلا حمساويا للقطاع وسكانه بدون اعطاء حركة حماس الحق بتمثيلها للضفة الغربية، فحكومة اسرائيل ايضا تسعى جاهدة من اجل التوصل الى اتفاق باتجاه غزة من خلال موافقة حماس، لاعلاقة للسلطة الفلسطينية برئاسة عباس او فياض به، الذين لا سلطة لهم على القطاع، فهذا الواقع تعمل اسرائيل على تثبيته بخصوص القطاع مما يخلق واقع بالمستقبل القريب الى تثبيت شرعية حماس على القطاع وحصرها هناك. اما بخصوص الضفة الغربية فالتفكير الاسرائيلي لا يختلف عنه كثيرا من اجل تثبيت سلطة فلسطينية بمفاهيم اسرئيلية، ورغم المفاوضات الجارية، الا ان الواقع يتحدث بموضوع اخر بعيد كثير عن المفاوضات الجارية، فاسرائيل ما زالت تواصل بناء المستوطنات بمحيط القدس، ومستمرة ببناء الجدار، ولم تتقدم المفوضات باي خطوة باتجاه مستوطنات الضفة الغربية اطلاقا، اضافة الى الفشل باحراز اي تقدم باتجاه قضايا الحل النهائي رغم سريتها والتي يروج لها الطرف الفلسطيني ويراهن على تحقيق تقدم بها، ما زال هذا الكيان والته العسكرية تواصل حرب الاغتيالات من خلال ملاحقة المناضلين والمقاومين من ابناء شعبنا بالضفة والتي تمثلت اخيرا باغتيال اربعة من شهداء الاقصى بمدينة بيت لحم كجريمة ضد الانسانية والتي تؤكد على نازية هذا الكيان وفاشيته، كذلك غير مخفي للعيان معسكرات النازية الجديدة التي يقطن داخلها ما يزيد على احدى عشرة الفا من قادة وكوادر وخيرة ابناء شعبنا الذين يمثلون راية الحرية والاستقلال، هذا الخطوات التي تقوم بها اسرائيل بالضفة تسعى من خلالها الى خلق واقع جديد، فرغم ان اسرائيل فشلت بالماضي وعلى مدار هذا الصراع من ايجاد اطر تمثيلية للشعب الفلسطيني تتعاطى مع الاحتلال ومفاهيمه الا انها تسعى الان من اجل ايجاد هذا الاطار الفلسطيني الذي يتعاطى مع واقع الاحتلال ومفاهيمة لحل الصراع. ندرك جيدا حجم الضغوطات التي مورست على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، لتعيين وتسمية محمود عباس رئيسا لمجلس الوزراء كمؤسسة منفصلة عن رئاسة السلطة، ولا تكون مرجعيتها الرئاسة، ولكن لم يتمكن هذا الكيان من ايجاد شرخ بين رئاسة السلطة ومجلس الوزراء رغم الخلافات بين رئاستي المؤسستين حول الصلاحيات واختلافهما بمفاهيم كيفية ادارة الصراع والتعامل مع الاحتلال، وهذه الحالة خلقت جدلا وخلافا واكدت على انشقاق سياسي واضح، وخلقت نوعا من الجدل السياسي بالساحة، اما خطورة اصحاب المنطق الذي ينظر الى المقاومة والانتفاضة، بصفتها عبء على الشعب الفلسطيني وعدم جدوى المقاومة العسكرية والكفاح المسلح، ادى لاحقا وصولهما الى مركز القرار الفلسطيني بعد غياب الرئيس ابو عمار، ودون الخوض بتفاصيل عملية الانتقال الى مرحلة ما بعد ابو عمار، الا اننا نؤكد ان السلطة الجديدة التي يراسها الرئيس الحالي محمود عباس، ايضا عجزت حتى اللحظة من اجادة ادارة الصراع مع هذا العدو بمفاهيمها وسياستها، وفشلت حتى اللحظة في كل رهاناتها، ولم تلاقي من قادة هذا الكيان الا مزيدا من الضغط المالي والعسكري والسياسي مما ادى الى اضعافها، واظهارها بمظهر العاجزالغير قادر على تخفيف المعاناة عن شعبنا كحد ادنى، وعدم قدرتها على ايجاد اجوبة للاسئلة التي تدور بذهن المواطن الفلسطيني حول حاضره ومستقبله ومصيره. نعم احداث غزة فرضت واقعا جديدا بالساحة الفلسطينية، واوجدت ادارة جديدة مفروضة بقوة السلاح من قبل حركة المقاومة الاسلامية – حماس، كذلك فرضت هذه الاحداث ايضا واقعا جديدا بالضفة تمثلت بفرض حكومة فلسطينية برئاسة سلام فياض، تحت مسميات قد تكون مقبولة لدى البعض او غير مقبولة لاخرين، مستبعد منها تمثيل فصائلي كما تعودنا عليه، وكل المؤشرات تؤكد على اعطاء اهمية لحكومة سلام فياض من قبل الادارة الامريكية واسرائيل، وان الدعم المالي المقدم للسلطة الفلسطينية من خلال مؤتمر باريس، لن يكون الا تحت اشراف هذه الوزارة، التي تقوم بدورها بتحديد طبيعة وكيفية الصرف وجهتها، حيث ستتمكن هذه الوزارة بافرادها وبسياستها من محاولة تثبيت مكانتها وتحقيق مكاسب تصب باتجاه استمرارها، دون مكاسب وطنية، وانما بالاتجاه الانساني لتخفيف المعاناة عن شعبنا بالداخل، وبناء اجهزة قوية تتمكن من فرض نظام في ظل الفوضى السائدة نتيجة ارتفاع نسبة الفقر بين ابناء شعبنا بالداخل، حتى تصل الامور مستقبلا الى عجز الرئيس ابو مازن من اتخاذ اي اجراء تعديل او اقالة لهذه الوزارة، او باتجاه يخالف هذا التوجه، يقابله العجز السياسي للرئيس الفلسطيني من احراز اي تقدم سياسي باتجاه الحقوق الفلسطينية – الاسرائيلية، حيث هذه الحاله ستنقل الساحة الفلسطينية الى مرحلة خطيرة جدا مستقبلا تهدد الحقوق والثوابت الفلسطينية. رغم خطوة السلطة الفلسطينية باتجاه الدعوة لعقد المجلس المركزي الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية بصفته التمثيلية، الا ان هذه القيادة اثبتت فشلها بالتلويح بهذه الورقة باعتبارها ورقة قوة، لعدم توفر قناعات لدى الجميع بقدرة هذه المؤسسة على ان تعيد دورها التمثيلي الذي قد يؤدي الى التفاف جماهيري وشعبي باتجاه منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك بحكم طبيعة قيادتها واهتراء قراراتها، وكما هو ظاهر ان هناك محاولات لعقد دورة للمجلس الوطني، لمحاولة سد الفراغ امام الحالة التمثيلية للشعب الفلسطيني، الا ان هذه المحاولة قد لا يحالفها النجاح لان الضغوطات الامريكية والاسرائيلية التي ستمارس على القيادة الفلسطينية الممثلة بابو مازن، وعلى حكومات الدول العربية التي قد تستضيف المؤتمر ستمنع اتخاذ قرارات تلبي المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني، فالاحتمال الارجح والتي تراهن اسرائيل عليها هو منع عقد المجلس الوطني باي ثمن، كذلك تراهن على خلق فوضى وبلبلة بداخل حركة فتح تؤدي الى انهيارها، امام اجراءات بدات حكومة فياض باتخاذها، لنقل الصفة التمثيلية للشعب الفلسطيني بكافة اماكن تواجده الى الداخل الفلسطيني على اعتبار السلطة هي الجهة المخولة لهذا التمثيل، واعتبار اللاجئين الفلسطينيين كمغتربين على طريق حل ممكن لمسالة اللاجئين، وان تكون دائرة شؤون المغتربين مرجعية اللاجئين بالسلطة الفلسطينية. ما تعمله اسرائيل جاهدة هو التعطيل الكامل للمؤسسة التمثيلية الحقيقية للشعب الفلسطيني، واظهار رموز هذه المؤسسة بمظهر الضعف والعجز لعدم قدرتهم على تحقيق انجازات باتجاه تحصيل الحقوق الفلسطينية، وهذا لم يكن ليحصل لولا طبيعة هذه القيادة الطبقية التي وصلت الى حالة الخوف على مصالحها اكثر من الخوف على الوطن، وبالتاكيد - اذ اجزم - ان اسرائيل تتعامل مع هذه القيادة من هذا المنطق، وما يهم هذا الكيان هو ايصال الشارع الى متاهات وحالة من الفوضى، وتراهن اسرائيل على حالة حركة التحرير الفلسطينية فتح الغير قادرة على النهوض بوضعها الذاتي، والتي تترك اثارا سلبية على الاداء الفلسطيني بحكم دورها السابق وسيطرتها على منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية والتحكم بقراراتها، وكما ذكرت سابقا حول م. ت. ف وامكانية عقد المجلس الوطني، وما يمكن ان تمارس من ضغوط لعدم عقده، مما يصعب او يستحيل عقده في ظل التراجع الفلسطيني المستمر اما الضغوط والتهديدات الاسرائيلية، مما يمنع تواصل التجديد في القيادة الفلسطينية وتعبئة الفراغ الناتج عن غياب العديد من اعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبحكم ان الرئيس ابو مازن رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية، واقتراب نهاية رئاسته، مما يلزم الشعب الفلسطيني لاجراء انتخابات رئاسية جديدة، فان اي دعوة في ظل هذا الانشقاق الفلسطيني سواء كانت لانتخاب اعضاء لجنة تنفيذية ورئاسة سلطة فلسطينية بدون التغلب على حالة الخلاف والانقسام والانشقاق الفلسطيني سيؤدي كله الى وضع سيء جدا ، يهدد كامل الحقوق الوطنية والشرعية للشعب الفلسطيني وان الخطر الحقيقي الذي يواجه اللجنة التنفيذية في حال غياب احد اعضائها هو عدم اكتمال النصاب القانوني لاجتماعها واتخاذ قراراتها، وان عدم انتخاب رئيسا للسلطة الفلسطينية بعد انتهاء ولاية ابو مازن يسحب البساط من تحت قدميه، في ظل غياب مجلس تشريعي لديه صلاحيات محددة بملأ الفراغ الرئاسي لحين انتخاب رئيسا جديدا،مما يجعل هناك فراغا قياديا بالساحة الفلسطينية، ، وان اسرائيل تعمل جاهدة وتراهن على ان يكون محمود عباس الرئيس الفلسطيني هو الرئيس الاخير للشعب الفلسطيني، وهذا لا يترك امام اسرائيل الا حل الخيار الاردني بعد استكمال اجراءاتها على الارض والتي تتماشى مع مخطاطاتها المستقبلية في كيفية انهاء الصراع والتخلص من الخطر الديمغرافي القادم والذي يهدد وجودها، فمن هنا على قيادة حماس ان تدرك جيدا حجم المؤامرة ودورها وادائها في الدفاع عن الحقوق والثوابت الفلسطينية وفي كيفية التعاطي مع هذا العدو، كذلك على سلطة ابو مازن ان تعرف كيف عليها التعامل بالوضع الداخلي الفلسطيني لتجنيب الساحة الفلسطينية ويلات نحن بغنى عنها، رغم تعقيدات وتشعبات الوضع الداخلي وما تركه الاحتلال من سلبيات على الاداء الفلسطيني، فالعناد من هذه الاطراف لا يفيد قضيتنا اطلاقا، والتنازل من احد اطراف التناقض الفلسطيني الداخلي بالتاكيد هي ستكون لصالح القضية الفلسطينية والتئام البيت الفلسطيني، فلا يوجد امام اي مسؤول فلسطيني الا تغليب المصلحة الوطنية والعليا للشعب الفلسطيني على المصالح الضيقة والذاتية والفئوية لاننا امام مصير الكل يدرك حجم مخاطره.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |