العراق بين الاحزمة والعبوات الناسفة

 


عبدالامير علي الهماشي
alhamashi@hotmail.com

 بعد هدوء موجة السيارات المفخخة التي استمرت لاكثر من سنتين تنشط حاليا موجة اُخرى من الالات القتل والتدمير التي جُلبت للعراق كأسلحة للصراع مع الولايات المتحدة الامريكية مع أعدائها المفترضين أو لايقاف مشروع العراق الجديد والعودة الى ما قبل التاسع من نيسان عام 2003

 ويحاول الامريكيون نسب فعل الاحزمة الناسفة الى تنظيم القاعدة الارهابي دون غيره من التنظيمات الارهابية المرتبطة بالنظام البائد وهو توصيف عام الا انهم لا يشيرون الى الطرق التي تُهيأ لايصال هذه الاحزمة الى الارهابيين الذين يصورهم الاعلام على أنهم انتحاريون أو (مجاهدون) وان كانت المعلومات تُشير الى أن الكثير منهم ((فاقدي الوعي)) يُجهزون لمثل هذه العمليات في أماكن التجمع البشري لقتل أكبر عدد ممكن ونشر الرعب والخوف بين الناس

وهنا لااريد أن اُروج لما تداولته وسائل الاعلام بعد نشر تقرير صحفي أمريكي بخطف نساء متخلفات عقليا لتنفيذ عمليات ارهابية بالرغم من تبني وزرارة الداخلية لمثل هذه الرواية كخروج اولي من الحرج الذي وقعت فيه او انها تلقفت الخبر كما تلقفته وسائل الاعلام من خلال رواية لاحد الناجيين ليس الا ولكن بعض المعلومات تشير الى خطف اناس ابرياء يجري تخديرهم الى المستوى الذي يفقدون فيه وعيهم فينفذ بهم العمل الارهابي

 أما العبوات الناسفة فتُنسب الى ايران التي تُحاول ابقاء المعركة في الساحة العراقية واغراق القوات الامريكية في الوحل العراقي وعدم تقدمها خطوات نحو الشرق وهكذا ترى الولايات المتحدة نجاح ستراتيجتها في جلب الاعداء الى العراق لمحاربتهم وكثيرا ما تحاول الولايات المتحدة الاشارة الى نشاط ايران العدائي في العراق وبدأت مفاوضاتها على هذا الاساس ولم تصل المفاوضات المتعثرة بنتائجها دوما الى الية واضحة للتفاهم ا

 وعندما ندرس مسالة التفخيخ سواءا بالسيارات أو بالاحزمة الناسفة فإنها لاتتعدى كونها أعمالا إرهابية تطال العراقيين فقط ولايجهد المتتبع نفسه كثيرا ليرى أن إحصائيات هذه الاعمال لاتطال الا العراقيين فقط ولذلك تُسلب منها تسمية ((مقاومة)) كما يحاول الاعلام الامريكي والعربي تسميتهم ،و مثل هذه الاعمال لاتقدم خطوة واحدة من أجل رحيل القوات الامريكية بل ستزيد من الحاجة اليها -إن جاز التعبير-وهذه احدى حجج الولايات المتحدة وتلقفها بعض السياسين لترويجها وكثيرا ما يتم التصريح بأننا مازلنا بحاجة الى بقاء القوات المتعددة الجنسية لكثرة هذه الاعمال التي تبين عدم قدرة القوات العراقية على حماية الجماهير العراقية مع أسباب اُخرى تطرقت اليها في مقالات سابقة

 وبرزت في الاونة الاخيرة مسالة العبوات الناسفة التي يستهدف بعض منها القوات الامريكية التي استطاعت أن تتجاوز بتقنياتها هذه العبوات وإنها تمارس التجربة على الساحة العراقية للوصول الى تقنية وقائية تردع مثل هذه العبوات

وفي مقابل ذلك يسعى مصنعوا هذه العبوات الوصول الى النقطة التي يتمكنون من خلالها الحاق أكبر أذى بعديد وعجلات القوات الامريكية لتفكر كثيرا قبل الاقدام على خطوات مشابهة لجيران العراق

وهي حالة لاتخدم العراق بأي حال من الاحوال ولايمكن أن نُطلق عليها مقاومة وإن روجت لذلك قناة ((شيعية)) معروفة بمواقفها تجاه الشعب العراقي وهي تحاول تصوير هذه النشاطات على أنها مقومة تماشيا مع القنوات العربية الاخرى ونزولا عند رغبات العرب وعدم اهتزاز مصداقيتها العربية على حساب الشعب العراقي  ،ولكنها تنعى الضحايا العراقيين بالقتلى

وفي الحالتين نرى أن مثل هذه الاعمال لاتخدم العراق ولاستراتيجته التي تبناها جُل مراجع الدين وسياسيه في ظل المعطيات المتوفرة حتى هذه اللحظة وإن كان الطريق طويلا وشاقا

 كما إن المعلومات المتوفرة تفيد بأن هذه المجاميع التي تزرع هذه العبوات لاتتبنى مبدأ المقاومة بل هي مجاميع تبحث عن لقمة العيش وبعضها استشاغ مثل هذه الافعال  ولم يجد بديلا مقنعا بعد أن تعدت رواتب افرادها الى مئات الدولارات ان لم تصل الى الالاف حسب الهدف الذي ينفذوه

 وعلى العموم هي مجاميع متفرقة لاتملك هيكلية معينة بحسب ارشادات الجهات التي خلفها وتختفي ضمن التجمعات البشرية الكثيفة كغطاء واق لها

وكثيرا مايجري تصفية بعضهم بعضا لاسباب متعددة وربما تتعارض أعمالهم الاخرى مثل الاغتيالات مع فصائل شيعية اخرى فيحدث نوعا من التصادم المسلح

ولقد أثبتت التجارب لدى الشعوب ان الخيار سواءا كان مسلحا او سلميا ان لم يكن خيارا تتبناه من وحي ارادتها وغير مرتبط بسياسات دول اخرى هو الباقي والمستمر وغيره زائل لامحالة بزوال المصالح لهذه الدول

ولنناقش المسألتين ((الاحزمة والعبوات)) ونرى أثرها على الارض ومدى فائدتها على الشعب العراقي وكذلك أثرها السلبي من خلال تساؤلات نطرحها كما يلي:-0

اولا:- هل ستتمكن الاحزمة الناسفة من تحقيق أهدافها في ثني الجماهير عن تطلعاتها واعادة عقارب الساعة الى الوراء؟

 والجواب ياتي سريعا من خلال ما نشاهده كرد على مثل هذه الاعمال الارهابية التي تزيد الناس التحاما وتمسكا بهدفها

ثانيا:-هل ستتمكن العبوات الناسفة من إخراج القوات الامريكية؟

 والجواب يأتي بالنفي لفقدان مثل هذه الاعمال لغطاء سياسي وجماهيري واضح ولاتعدو هذه الاعمال مجرد استنزاف للقوات الامريكية التي وضعت في حساباتها عندما رسمت ستراتيجتها في غزو العراق الى أضعاف هذه الارقام من الخسائر

ثالثا:- هل تعود هذه الافعال بالفائدة على الشعب العراقي اذا ماعلمنا انها تستخدم التجمعات البشرية كجدار واق لها؟

والجواب يأتي بالنفي القطعي حيث تسبب الكثير من هذه النشاطات الى سقوط الكثير من الضحايا بسبب قساوة الرد الامريكي الذي لم يفرق بين زيد وعمرو

رابعا:- ماهو الامتداد الجماهيري لمثل هذه الاعمال ؟

ولنأاتي الى اصحاب الاحزمة الناسفة الذين يستوردون من خارج الحدود أو يتم خطف بعض الابرياء ومن ثم يتم تخديرهم لتنفيذ مثل هذه الافعال القذرة وهي في طريقها الى النضوب واما اصحاب العبوات الناسفة فان مصادرها من العاطلين عن العمل وبعض الناقمين والساذجين وسرعان ماسينقطع مثل هذا التمويل ان استطاعت الحكومة توفير فرص عمل حقيقية ونشر برامج توعوية توضح معنى الجهاد والاستشهاد وظروف هذين المفهومين وماهي الوجهة الشرعية لمثل هذه الاعمال عند ذاك ستنضب مصادر هذه العبوات البشرية وتبقى تلك التي ترتبط عضويا بالمخابرات المسؤولة عن مثل هذه الاعمال

 وبين هذا وذاك تبقى مسؤولية القوات الامريكية كبيرا عندما جعلت العراق ساحة للصراع مع اعدائها كما ان الحكومة العراقية مسؤولة من خلال العمل على توفير فرص العمل وانشاء مشاريع اعمار لنستطيع تحويل انظار الشباب الى مستقبل اكثر اشراقا بعيدا عن الياس المحيط بهم.  

  العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com