|
وانفضّ مؤتمر البرلمانيين العرب الذي انعقد في أربيل عاصمة اقليم كردستان/العراق، بمشاركة معظم برلمانات الدول العربية أو الحكومات العربية، التي مدح بعضها التجربة العراقية وأشاد بها في الوقت الذي كان للبعض الآخر موقف مناقض تجاه هذه التجربة الغريبة على الذوق العربي والنظام العربي..!! سواءً بطريقة تشكيل تلك البرلمانات أو حقيقة تمثيلها للإرادة الشعبية لشعوبها أو كونها واجهة للسلطات الحاكمة في تلك البلدان. وقد تجلى موقف وفد جامعة الدول العربية أو السلطات العربية متميزاً في ذلك المؤتمر بتصريحه الذي أعتبر العراق دولةً تحت الاحتلال (لماذا حضر إليها إذن..؟!). ولم يرشح شيء تفصيلي أو متميز عن ذلك المؤتمر، سوى دلالته الرمزية التي أوحت بالإيجاب والسلب معا وربما بشكل متقارب جدا. فالإيجاب كان في التوجه العربي نحو العراق عبر برلمانييه وللمرة الأولى بعد سقوط نظام الطغيان، وليس عبر الإرهابيين والمفخخات والأحزمة الناسفة والدعم المادي الهائل، بالإضافة إلى الدعم السياسي والإعلامي وحتى الديني عبر فتاوى القتل والتكفير وتبرير الإرهاب تحت لافتة مقاومة الاحتلال الأميركي للعراق(كذا...!!) وكأن الأميركان لا يتواجدون إلا في العراق..!! أما الإيحاء السلبي فهو الإقرار بعدم الاستقرار الأمني والسياسي في العراق وفي العاصمة بغداد تحديداً، ولا مجال لانعقاد ذلك المؤتمر إلا في أربيل عاصمة اقليم كردستان المستقر نسبيا.. أمنيا وسياسيا بالمقارنة بالعاصمة المركزية، ولعل هذا الإيحاء تقع مسؤوليته الكبرى ليس على الوفود ذاتها بل على الحكومة العراقية ومجلس النواب العراقي تحديداً...!! ليس مهما كثيرا كل ما دار من مناقشات وما أُلقي من كلماتٍِ مجاملة أو متحاملة..!! ولا مسألة انتخاب المشهداني رئيساً للبرلمانيين العرب لهذه الدورة، وهو أمر روتيني ليس له أية قيمة دلالية، ولكن المهم..والمهم جدا هو البيان الختامي والذي لا يختلف عن أي بيان ختامي آخر يصدر عن أي اجتماع مهني أو وزاري أو حتى رئاسي آخر ، في أي مكان أو عاصمة من عواصم الخارطة العربية ، إلا بالتحفظ العراقي المثير على موضوع الجزر الإماراتية الثلاث..!! وليس معلوما دوافع الوفد العراقي ورئيسه الشيخ العطية لذلك التحفظ.! أهو رد على موقف الإمارات الداعم للإرهاب بشكل أو آخر في العراق..؟! أم هو أعتراض من العطية على إيواء الإمارات لكبار قيادات النظام العراقي الذاهب إلى غير رجعة ولكبار قيادات حزب البعث المتآمرين على العراق ونظامه الجديد والوالغين في دماء العراقيين بما نهبوه من أموال الشعب وثرواته؟! ليجدوا ملاذات آمنة في دول الجوار العربي يواصلون منها إمداد عناصر الإرهاب بمقومات البقاء واستمرار القتل والجريمة ضد الشعب العراقي ومؤسساته وبناه التحتية..!! لا بد من الإقرار موضوعيا أن ذلك التحفظ كان في غير محله وغير مبرر إلا باعتبار المجاملة للجارة إيران على حساب كسب عداوة الحكومات العربية مجتمعةً..!! ولا بد من التساؤل أيضاً عن مصدر هذا التحفظ...وهل يمثل رأي الحكومة المركزية..؟! وقد إطلع العالم على موقف مناقض في اجتماع وزراء الخارجية قبل فترة، إذ لم يتحفظ الزيباري على هذا الموضوع!! أم أن لكل جهة في العراق الجديد رأيها الخاص في المسائل العامة التي تهم أمن ومستقبل الشعب العراقي وحكومته وطبيعة العلاقات المطلوبة مع دول الجوار جميعا؟! وما هو رأي مجلس الرئاسة الموقر بهذا التحفظ؟! أم أنه رأي شخصي للشيخ العطية سواءً بالتشاور والإقناع مع أعضاء الوفد المشاركين معه..أو بنوع من أنواع الغرض الأدبي بحكم كونه رئيسا للوفد مخولا أن يفعل ما يشاء..!! حسب ما تمليه ذائقته الشخصية وطبيعة ولائه وارتباطه العاطفي وربما الطائفي أيضاً، وفهمه للشأن السياسي العراقي والإقليمي..؟! ربما مطلوب من جهة ما في السلطات العراقية..سواءً مجلس النواب ذاته أو مجلس الوزراء أو حتى مجلس الرئاسة..توضيح ملابسات هذه التحفظ الذي كان في غير محله وغير مبرر، أو حتى الاعتذار عنه..!! ودون حاجة للدخول في تفاصيل العقدة التأريخية لتلك الجزر ما بين الجارة العزيزة جداً (!!) إيران وما بين دولة الإمارات العربية المتحدة..!! ولنتذكر جميعاً أن العراق ليس بحاجة إلى مثل هذه التحفظات.. فما فيه يكفيه ويفيض..!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |