|
لقد بات واضحاً ان عروبة العراق وتأكيد انتمائه وعودته الى محيطه العربي امر مفروغ منه، ولا يصح أن يبقى عرضة للمزاد السياسي الخارجي، اذ تقع على الحكومات العربية وبرلماناتها مسؤولية تاريخية كبرى لمساعدة العراق في تخطي ازماته المتشابكة، ولابد من سعيها للاسهام في وضع حد للتنافر والتعصب والعنف لتخفيف معاناة العراقيين، ومساعدتهم لينهضوا بدورهم لنشر مفاهيم المواطنة والديمقراطية ليعود موحدا الى امته، وتفعيل دوره ليكون عضوا فاعلاً في اطار الاسرة الدولية ومنظومتها، اذ ان الحضور الاخير الموسع في العراق هو دليل لتأكيد نجاح دبلوماسية العراقيين واستراتيجيتها، واستئناف التمثيل الدبلوماسي العربي في العراق هو المعيار الاساس لترجمة الرغبة والميل لمساعدة الاخير فيما ذكر بشكل حازم وحاسم ولا يقبل المناورات ولا التسويات او التذرع بالملف الامني وغيره، ففي لحظات سيطرة الهواجس غالباً ما يضيع المنطق وتضيع معه الحكمة، وتسيطر الاحكام المتطرفة والمشاعر البغيضة، والمواقف المتشنجة وتستلم امام لحظات فقدان التوازن لتطغي لغة الاقصاء والوعيد، اما اليوم بعد ان غادرت الساحة العراقية نظرية المؤامرة والاقصاء والتهميش لاي مكون في العراق الجديد فقد اصبحت البيئة السياسية واضحة تتحرك بنمطية دستورية، والفراغ من جدلية ازدواجية المعايير التي لازمت البعض والتحول نحو ترسيخ مفهوم المواطنة والتمسك بالمنجز التاريخي البنيوي لمختلف مفاصل الحياة لاسيما الخدمية منها، فكل الدلائل تشير الى الانفراج الحقيقي بحسب ما يقرأ من مقاربات للكثير من المفاهيم المختلف عليها، حيث أن ادركت الكثير من القوى التي كانت ترفض بالامس القريب العملية السياسية القائمة أن الباب مفتوح امامها لتقوم بدور مناسب، فضلاً عن احترام الطابع التعددي للمجتمع العراقي، وأن بناءه يحتاج الى المزيد من التوسع في اطاره الوطني، وذلك افراز حقيقي لجملة الحوارات المثمرة مع الذين لهم وجهة نظر محددة وبذلك قد بدأت السياسة العراقية ديناميكية تقترب اكثر الى الواقعية السياسية لفضح المتسترين بما يسمون انفسهم (المقاومة) ورفع الغطاء عنهم ليتسنى للحكومة الوفاء بعهودها لاستثمار آفاق المستقبل واخراج العراق من طائلة الفصل السابع الذي يجعل منه تحت وصاية مجلس الامن الدولي، ومعالجة مخلفات الحكم الشمولي الاستبدادي الماضوي. ومن هنا فالفشل في خلق دولة متماسكة ومجتمع موحد لهو فشل عام لا يستثني اي فئة او قومية او طائفة، وهو فشل للانسان والدولة والمجتمع وعلى كافة الصعد لا قدر الله، وعليه نؤكد مسؤوليتنا في السير بالاتجاهات الدستورية بما يضمن سلامة تطبيقاتها والتزام القواسم الوطنية التي تعزز المصالح العليا الضامنة للحياة العادلة والمتكافئة والمتقدمة، وتلك التصورات تتماشى مع اطروحة المرجعية الدينية العليا والتي كانت ولازالت صمام امان للسلم والتعايش السلمي، وهي المظلة الابوية للمكونات العراقية كافة التي يجب السير على خطاها لبناء العراق الفيدرالي التعددي الدستوري.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |