يعد نشر مرض الإيدز من اخطر ما يواجه العراق اليوم من إشكاليات بعد الاحتلال لما يسببه من أضرار ومعاناة للمصابين به ولأزواجهم وأبنائهم وذويهم لاتقتصر على الأضرار العضوية فحسب بل تتجاوزها إلى الأضرار والمعاناة النفسية والاجتماعية .

فقد تناقلت وكالات الأنباء قبل أسابيع عدة خبرا من محافظة بابل العراقية عن اكتشاف فيروس الإيدز في احد الأدوية المستوردة من قبل القطاع الخاص وتم توزيعه على المذاخر والصيدليات الأهلية في معظم أنحاء العراق ومن إنتاج إحدى الشركات الغربية المتخصصة بصناعة الأدوية.

وقبلها بأشهر نشرت وسائل الإعلام خبر اكتشاف هذا الفيروس   في عقار الأنسولين إيراني المنشأ والذي يستخدمه المصابون بمرض السكري .

كما يتبادل الناس اليوم إشاعات مثيرة للقلق عن تلويث لقاحات الأطفال بملوثات تظهر نتائجها بعد عشرات السنين على شكل أمراض خطيرة لايمكن تخمين أضرارها وقد يستمر تأثيرها إلى الأبناء والأحفاد على شكل أمراض أو تشوهات خلقية ، فضلا على ما يشاع عن تلويث مفردات البطاقة التموينية بمختلف الملوثات كالأصباغ التي تضاف إلى الشاي على سبيل المثال وليس الحصر أو الشوائب الغريبة التي لاحظت بنفسي وجودها مع وجود ثقب نيدل في غطاء نوع من العبوات الخاصة بتعبئة زيت الطعام وما خفي كان أعظم .

إن ما يثير قلقنا هو عدم وجود ضمانات تكفل للمواطن خلو جميع ما يحتاج إلى تناوله من أدوية وأغذية ومشروبات من التلوث بفعل فاعل أو نتيجة الإهمال بكل ماهو ضار ولاسيما تلك التي تكون آثارها مدمرة على الفرد والمجتمع سواء كانت مستوردة أم منتجة محليا لان حدود البلاد اليوم أصبحت مفتوحة على مصراعيها أمام جميع الأعداء الذين يستهدفوننا وهم  يصولون ويجولون الآن في كل شبر من ارض العراق .

 ونحن نذكر جيدا كيف أصيب ما يقرب من 300 مواطن عراقي بسبب استيراد دم ملوث بفيروس الإيدز من شركة فرنسية عام 1986 توفي القسم الأعظم منهم فيما لازال الأحياء يعانون كان الله في عونهم وعون ذويهم ، ونذكر كيف لوثت الإشعاعات المنبعثة من اليورانيوم المخضب المستخدم في القذائف الملقاة على قواتنا ومواطنينا وأهدافنا الحيوية خلال عدواني 1991 و2003 والتي تسببت بازدياد أعدادا المصابين بأمراض خطيرة ومميتة من المواطنين وأعداد الولادات المشوهة . وإذا كانت إصابة  300 مواطن قد حصلت في تلك الفترة التي كان العراق فيها أكثر حصانة وأكثر أمنا فكيف يمكن أن يكون عليه الأمر اليوم في ظل الظروف الراهنة ؟... وكم من الأفعال الخطيرة التي سوف تظهر بعد  سنوات قد حصلت منذ الاحتلال دون أن يكتشفها احد ؟. والانكى من كل هذا وذاك هو عدم إمكانية الكشف المبكر عن الأمراض التي تسببها تلك الملوثات وعدم وجود علاج للبعض الآخر منها ولاسيما الإيدز وعدم وجود فائدة من أي إجراء لاحق لوقوع التلوث بها كالملاحقات القانونية أو التعويضات والغرامات مهما كانت كبيرة بل حتى لو تم إيقاع عقوبة الإعدام بالفاعلين أو المقصرين إذ أن ذلك لا يشفي المصابين ولا يخفف من معاناتهم المأساوية الأليمة ولن يعيد من يتوفى منهم بسبب الإصابة إلى الحياة مرة أخرى .

وإزاء هذا البلاء والابتلاء لا يسعنا إلا أن نتوجه بالدعاء إلى الله عز وجل أن يحفظنا ويحفظ  جميع الخيرين من كل سوء ومكروه وندعو جميع المسلمين إلى الدعاء أيضا وننصح بذكر اسم الله تعالى الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم عند تناول الأدوية والأغذية والمشروبات واللقاحات بل على كل ما يدخل الجسم  لان الأمر كما نرى خارج إمكانيات المواطن ، وهذا لايعني أن نبقى مكتوفي الأيدي بل بالإمكان أن نفعل شيئا ما مثل حث الأطباء والمختصين على توعية وتثقيف المواطنين عبر وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية والصحية على الانترنيت وإرشادهم إلى طرق ووسائل عملية تساعدهم على الوقاية من التلوث عن طريق الأغذية والمشروبات والأدوية واللقاحات الملوثة والعلاقات الجنسية خارج إطار الزوجية أو الزواج قبل إجراء الفحوصات المختبرية الدقيقة مع إننا نتمنى أن يأتي اليوم الذي تتمكن فيه السلطات الحكومية من القيام بما تمليه عليها مسئولياتها الوطنية والأخلاقية والقانونية تجاه الوطن والمواطن لحمايتهم من كل ما يؤذيهم ويضرهم . فهناك مثلا مختبرات فحص الإيدز وعدد من الملوثات الأخرى في معظم إن لم يكن في جميع المحافظات وبالإمكان أن تقوم السلطات بفحص كل شيء يدخل حدود المحافظة قبل السماح بتداوله في الأسواق كما بإمكانها إلزام العازمين على الزواج بالفحص الشامل قبل عقد الزواج وتجريم كل من يتزوج قبل إجراء مثل هذا الفحص وبالأخص الذين يتزوجون بدون عقود رسمية كما بالإمكان إجراء حملات فحص دورية تحددها السلطات التشريعية على جميع المواطنين . إننا إذ ندق ناقوس الخطر من نشر وانتشار هذا المرض الكارثي ليس لمجرد الإثارة من خلال المبالغة في وصف آثاره ومخاطره بل إن إمكانية انتشاره أصبحت حقيقة واقعة لا مفر منها في ظل الأوضاع الراهنة والله حافظ المؤمنين والخيرين .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com