|
دراسات في الإعلام: أوجه التشابه بين الإعلام المتنفذ وسحر كهنة المعابد
فالح الساعدي الإعلام هوكالسحر الذي يستخدمه كهنة المعابد من أجل السيطرة على عقول وقلوب الناس. فهويسيطر بأساليبه وتقنياته ووسائل نشره على عقول وقلوب الناس أيضاً. أساليب وطرق السيطرة وخاصة تلك التي لا يعلن عنها ، لأسباب سنأتي اليها لاحقاً ، هي أشبه بأسرار الكهنة التي لا يطلعون عليها غيرهم. الإعلام هوعلم له أسسه وأسالبيبه وطرق عمله التي يعرفها الإعلاميون المتمرسون وأساتذة الإعلام في الجامعات ومعاهد البحوث المختصة. وقبل البدء بالدخول في موضوع وريقتي هذه أود أن أبين أن هنالك فرق كبير بين الإعلاميين الذين يمارسون المهنة ويتمتعون بالسلطة ، سلطة الإعلام الشبه مطلقة ، وبين أساتذة الإعلام وعلمائه في الجامعات ومعاهد البحوث. إذ يمكن إعتبار الإساتذة والباحثون أشبه بالمراقبون والمحللون لإسلوب عمل الإعلام اساليب وطرق العمل هي آليات، يعرفها العديد من الإعلاميين ويحافظون عليها كما يحافظون على قرة عيونهم، تستخدم لبسط النفوذ والسيطرة لإملاء رأياً معيناً خدمةً لمصالح معينة. وإتقان إستخدام آليات بسط النفوذ لا تأتي عن طريق دراسة أكاديمية فقط، بل هي أشبه بأسرار السحرة وكهنة المعابد يلقنها المعلم للطالب وتطور داخل المعابد (داخل مؤسسات الإعلام) عن طريق الممارسة والمراقبة ودراسة تأثيرالسحر (الخبر) على عامة الناس ومن ثم تحسين الآليات والأساليب. تتم جميعها خلف الكواليس، وتبقى السر الأهم من أسرار المؤسسة الإعلامية. قال السيد وال راف (Wallraff ) (الصحفي ألألماني المعروف بولعه في كشف أسرار المؤسسات الألمانية عن طريق التنكر وإقتناء شخصيات وهمية للعمل من داخل هذه المؤسسات والكتابة عنها وكشف أسرارها التي تهم المواطنون)، قال بعد أن قام بكشف بعض أسرار إحدى الصحف الألمانية الكبيرة ، بأنه واجه صعوبة كبيرة للحصول على عمل في هذه الصحيفة رغم قدرته على التنكر التي كما قلنا أنه إشتهر بها عالمياً. لقد ذكر في لقاء مع طلبة جامعة فورتسبورغ في بفاريا -ألمانيا الغربية - عام 1977 حضره كاتب هذه السطور شخصياً قال: كان من السهل لي أن أدخل متنكراً ألى أيةِ قاعدة عسكرية وأعمل فيها مهما كانت قوة جهاز إستخباراتها وأكشف أسرارها التي تهم المواطنون. لكن الدخول للعمل في هذه الصحيفة كان أصعب وأكثر خطورة بما لا يقبل المقارنة ، أن هذه الصحيفة كانت محصنة مخابراتياً أكثر من أي مؤسسة عسكرية. يكتنف أساليب عمل بعض المؤسسات الإعلامية الغموض لأنها وكما بينا في عدة أوراق سابقة تستخدم كسلاح فتاك أقوى أحياناً كثيرة من أي سلاح آخر. سلاح الإعلام يستخدم في كل أنواع الحروب الصغيرة منها والكبيرة، الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والدينية والشخصية وما الى ذلك .أرجومراجعة أوراقي السابقةحول هذا الموضوع. تجدها منشورة على موقعي الخاص. http://www.iraq-info.com/ar_media/ar_M_index.htm إن أسرار خطيرة كهذه ليس من المنطق أن تدون. وذلك ليس فقط لأنها سر المهنة ولكنها إذا دونت أصبحت أشبه بالإعتراف الطوعي بالجريمة. إذ ليس من المنطق أن تتوقع من شخص أن يعترف على نفسه بجريمة قام بها. والكثير من الإعلاميين كما كانوا سحرة المعابد سابقاً لا يعتقدون بأنهم يقومون بخطء ما عندما يستخدمون سحرهم ( أسلوبهم في طرح الخبر ) لما هوبمصلحتهِم الشخصية ومعتقدهم.
من الملاحظ أن العديد من الإعلاميين العرب الذين شاركوا في الحرب على العراق وأستخدموا أسوء الأساليب لهذا الغرض أنما قاموا بذلك عن قناعة بإن عملهم كان نضال قومي. أنهم يتصورون وبلا أدنى شك أنهم أنما يحاربون الى جانب الحق. وهدف الحرب عزيزي القاريء هوالنصر وليس الإلتزام بأمور أخلاقية قد تهدد إحتمالية الفوزبالنصر. لذلك ترى أن طرق وأساليب الإعلام الذي يسعى للسيطرة يمكن تمثيلها بأسرار الكهنة التي يدرسونها ولكن لا يدونونها بل يتناقلونها فيما بينهم، لكي يبقون هم الوحيدون الذين يتقنونها. هذه على سبيل المثال أحدى الأسباب التي حالت دون تعيين العديد من الإعلاميين القطريين في مؤسسة الجزيرة ، ومحاصرة بعضهم ودفعهم لترك العمل فيها، مع أنها مؤسسة قطرية. فإدارة هذه المؤسسة يكتنفها غموض غريب. راجع ما كتبه الصحفيين القطريين حول هذا الأمر. المعلم هوالصحفي المتمرس والناشر وصاحب المؤسسة الإعلامية. إنه الكاهن المؤمن بدين هذه المؤسسة يلقن علمه للتلميذ ، عندما يتأكد من إيمان هذا التلميذ بدين (مباديء وأهداف ومصالح) المؤسسة الإعلامية. هذه المباديء يعتبرها الكثير من المهتمين بالإعلام مباديء شريرة تطبق بكتمان وراء الكواليس وتستغل حرية الرأي كأداة للسيطرة، وليس لخدمة المصلحة العامة، كما كان القصد من وراء إعطاء الحرية الكاملة للإعلام. وأي نقد علني لهذه الأساليب والطرق التي تبدوللبعض أنها ملتوية وخطرة يمكن أن يعيدها إعلام كهذا الصاع صاعين على من يوجه له هذا النقد. كأن يعتبروه جاسوس لدولة أخرى ولحزب معين ولحركة متطرفة. فهم لديهم جيش جرار من أشباه الخبراء الذين يظهرونهم في مقابلات صحفية (موضوعية جداَ !!!) ويقدمونهم في برامج (حرة جداً !! لأبداء آرئهم القيمة جداً !!) لتأكيد الدعاية التي يحاربون بها ناقديهم، وناقدي أساليبهم. فتظهر الدعاية الموجهة ضد الناقد وكأنها رأي موضوعي لخبير متمرس ومحايد. في بعض الأحيان تصل أساليب الإنتقام الى حد التصفية الجسدية ، كما حصل للسيدة أطوار بهجت بعد أن تركت العمل في مؤسسة الجزيرة. كان أمراً الإنتقام منها مروعاً. لقد دفعت هذه السيدة ثمن كشفها لأسرارالجزيرة غاليا. فقد تم خطفها وإغتصابها مرات عديدة وتعذيبها وقتلها بوحشية ، لكي تكون عبرة لمن يتجرء على أنتقاد كهنة الجزيرة وكشف أسرارهم. طبعاً مثل هذه الطرق الوحشية في الإنتقام لمن يتحدى سلطة هؤلاء لا تجدها في الدول الغربية. فهم ينتقمون بطريقة متمدنة عن طريق التشهير بمن يعاديهم وعزله وتسقيطه إجتماعياً. ملاحظات: لماذا أستخدمت كلمة جريمة: الإعلام الذي ندعوه والذي يدعونفسه بالإعلام الحر يستغل في أكثر الأحيان السلطات الشبه مطلقة المعطاة له من أجل أغراض لا تصب بالضرورة في المصلحة العامة. فقد أعطيت للإعلام هذه الحرية من أجل المصلحة العامة، لكن بما أنه ليس هنالك من له سلطة السيطرة عليه إذا حمل تسمية الإعلام الحر، فقد يستغل هذه الحرية ، وهوفي الواقع يفعل ذلك في أكثر الأحيان، لما ليس له علاقة بالمصلحة العامة. أن هذا في إعتقادي الشخصي جريمة تعرفها ولكنك حتى إذا أثبتها لا يحق لك معاقبة من قام بها في بلد ديمقراطي دستوري. (يمكنك عزيزي القاريء مراجعة من كتبته حول موضوع تأثير الإعلام والإعلام كسلطة رابعة للإطلاع على ما أقصده بالنفوذ والسيطرة. تجد ذالك منشور على موقعي الخاص iraq-info.com) معلومة طريفة . لقد صار العمل الصحفي من داخل مؤسسات معينة لكشف أسرارها التي تهم عامة الناس يسمى في علم الإعلام وال رافنك (Wallraffing) نسبة لأسم الصحفي الألماني وال راف (Wallraff ) الذي جاء ذكره أعلاه.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |