المعارضة الخفية
علي توركمن اوغلو
alikerim1966@yahoo.co.nz
المعارضة الكردية غائبة عن الساحة الكردية، وبنظري سوف تبقى غائبة لمدة غير قصيرة، واذا ما سئل السؤال التالي: ماهي هذه المعارضة يا ترى، وما هي اهدافها؟ اجيب بأعتقادي ان الحركة الكردية التي بدأت في شمال العراق في السليمانية واطرافها بقيادة الشيخ محمود الحفيد بداية القرن العشرين ليست هي في محتواها واهدافها واستراتيجيتها، وفي ارتباطاتها هي نفسها السائدة في بداية القرن الواحد والعشرين، فحركة الشيخ الحفيد الدينية الطابع والعشائرية البنية ذات المحدودية الجغرافية للاراضي التي يسكنها الاكراد فعلا، اخذت ابعادا وخطت لنفسها اهدافا بعيدة كل البعد عن المصالح الحقيقية للشعب الكردي، بل انها شكلت ثقلا كبيرا للشعب الكردي، وبدأت تسحب هذا الشعب الى متاهات التغيير الثقافي من حيث التنصل للارضية الدينية المحافضة له وماولة حقنه بأصول ثقافة الغرب المسيحية المناقضة لبناءه الاجتماعي .
ان الحزبين الكرديين الديمقراطي والاتحاد الوطني وان اختلفا في القاعدة الحزبية والجموع التي تخاطبها، اذ تتشكل اغلبية الحزب الديمقراطي من الاكراد البهدينانية مع القطاعات المحافضة من السورانية، بينما يتشكل حزب الاتحاد الوطني الكردي من السورانيين الاقل محافضة، تتفقان على الخطوط العريضة في قيادة الشعب الكردية على اسس قومية متطرفة ( بناء كردستان ذات الحدود اللانهاية ) واحداث نهضة سريعة بأسلوب حرق المراحل الشيوعية، والى ما ذلك من الاوهام والخيالات التي يمكن لها ان تحقق بعض المكاسب في المراحل الاولى، ولكنها في المراحل التالية ستقود بالتأكيد الى خيبات امل رهيبة وانهيارات واضطرابات اجتماعية سوف لن تستطيع القيادات الكردية الحالية معالجتها.
ولقد بدأت طباشير هذه الانتكاسات بالظهور بعد خمسة عشر عاما من التجربة الكردية الحديثة والتي بدأت باستحداث منطقة الملاذ الامن وسلخ ثلاث محافظات عراقية عن العراق. ان اهم ظاهرة بدأت تتوضح في شمال العراق نتيجة لسياسة ضخ الاماني العريضة في اذهان الشباب الكردي والمناقضة لللواقع البائس الذي بدأوا في تلمسه، ادى الى دفع الالاف منهم لترك مدنهم للبدء في رحلة جديدة من التغرب بعد ان فقدوا الامل في الحصول على الوظائف التي تمولهم بالمال الكافي لتحقيق الوعود والخيالات التي سوقت لهم . كما ان التورط في الدخول في تحالف خفي مع ارهابيي بككا جعل الاكراد القاطنين في شمال العراق في خوف مستمر من العمليات التركية، وكأن شمال العراق اصبح يشابه اسرائيل في كونه ملاذ غير امن، هذا والى ما لااستطيع في هذه العجالة ان اسرده من المشاكل التي تنتظر هذه التجربة التي حرفتها سيطرة الحزبين الرئيسين على مقدرات الشعب الكردي وتكميم افواه المعارضة الكردية العقلانية.
ولعل أول بادرة لهذه المعارضة، أو لنفل الصوت الذي يتم كتمه لئلا يصل الى اسماع الرأي العام ما صرح به السيد جوهر الهركي رئيس عشيرة الهركي / عضو المجلس الوطني في العهد البائد، حيث تطرق الى بعض المواضيع ومن ضمنها تأكيده على كرديته، وعلى انه يعمل دوما ولا يزال لصالح الشعب الكردي ولم يكن يعمل مع عهد البائد لقاء ربح مادي، حيث اكد بأن راتبه كان انذاك وراتب الافراد الذين يعملون معه في فوجه خمسة وثمانون دينارا، ولكنه وقف ضد الحركة الكردية في شمال العراق وبالذات في منطقة الحلبجة لانهم ساروا امام الجيش الايراني لاحتلال جزء من العراق وبنظري (والكلام يعود للسيد جوهر الهركي) تعتبر هذه الحركة حركة خيانية لارض الوطن وعليه ساندت او بالاحرى ساندنا القوات العراقية للضرب بيد من الحديد على الخونة وانني لست ضد الاكراد لانني كردي وابقى كرديا ولي قابلية لدحر هذه القوى في حالة رجوعي الى شمال الوطن ولكنني لا اتمكن من الرجوع الى شمال الوطن لان القوات الامريكية اليوم مع هؤلاء يقفون ضدي جميعا).
قد لايعجب هذا الكلام الاخوة من القوميين الاكراد الذين جعلوا من وصايتهم على الشعب الكردي ثقافة سائدة صحيحة، وسوف يتهمون السيد جوهر الهركي، كما اتهمته انا ايضا بالخيانة، ولكن التاريخ هو الذي سوف يظهر من كان مع حق ومن كان على خطأ، ان العجيب في هذا التاريخ انه عنما يظهر خطأنا أو صوابنا نكون قد غادرنا هذه الدنيا .
العودة الى الصفحة الرئيسية
في بنت الرافدينفي الويب