|
سبق أن طرحنا قضية للمناقشة حول الفرق بين المسلم العلماني والمسلم التقليدي ... قلنا فيها أن هناك اختلافا كبيرا بين الاثنين فالمسلم العلماني الذي سمي بهذا الاسم نسبة إلى العلم يتبنى ما يجمع عليه المسلمون وعند وجود اختلاف بين المسلمين يعرض الأمر على مقاصد الشرع الإلهي في جلب المنافع للناس ودفع المفاسد عنهم فيتبنى مايتفق معها وفق قناعا ته العقلية والعلمية الشخصية دون أن تكون متفقة بالضرورة مع إحدى المدارس الإسلامية المختلفة أما التقليدي فانه يتبنى رأي وموقف إحدى المدارس الإسلامية التي تتفق مع قناعا ته لهذه المدرسة أو تلك حتى لو كانت تتناقض مع العلم والعقل . وقد علق عدد من القراء حينذاك بما يوحي أنهم يعدون العلماني ملحد بالضرورة ولايمكن أن يكون مسلما أو يدين بأي دين كان ... وبالتالي فانه يرفض رفضا قاطعا تدخل الدين في حياة الناس ويعد الأديان ضرب من الخرافات والأساطير التي لا يصدقها ولا يؤمن بها سوى الجهلاء . ولكوننا نعتقد أن هذا الفهم غير صحيح أردنا أن نوضح اللبس الحاصل في هذه القضية لأهميتها . فالعلماني الملحد كما نعتقد هو الذي يتبنى عقيدة ً مفادها أن الكون بكل مافيه من مخلوقات حية وغير حية ليس له خالق وان كل شيء يسير منذ الأزل والى مالا نهاية فالكائن الحي يعيش مدة من الزمن ويموت دون أن تكون هناك حياة أخرى يبعث فيها الجميع وبالتالي فليس هناك من يستحق أن يكون إلها ً يُعبَد ويصدر الأوامر والنواهي واجبة التنفيذ من قبل البشر ولذلك فان عقل الإنسان هو السلطة الوحيدة التي يجب أن تتحكم في حياته . أما العلماني المسلم فيؤمن بوجود الخالق الذي يستحق العبادة والتأليه والتقديس و تستوجب أوامره ونواهيه التنفيذ الحازم والصارم طوعا أم كرها وان هناك دنيا فانية فيها عمل ودنيا ثانية فيها جزاء وبقاء إلى مالا نهاية فضلا على إيمانه بالملائكة والرسل والأنبياء والكتب والقدر خيره وشره ، ولذلك فانه يعتقد أن تشريعات الإله تعد الأصلح والأفضل والأرقى للبشر في جميع مجالات حياته إلا أن الاختلاف الذي حدث بين المسلمين لأسباب موضوعية وأخرى موضوعة وان تشكيل أحزاب دينية وطائفية تبعا للمدارس الطائفية فضلا على الأحزاب القومية دفعه إلى الاعتقاد بضرورة إبعاد الدين عن السياسة لكي لايتم استغلاله من قبل السياسيين لتحقيق أغراضهم الشخصية التي تتعارض مع مقاصد التشريع الإلهي وهو ما يسيء إلى الدين ويزيد من تمزق المسلمين وإضعافهم بسبب التصارع والتقاتل على الاستئثار بالقرار السياسي الذي يكفل الامتيازات المعروفة لمن يمسك به وتسخير هذه الظاهرة من قبل أعداء البلاد لتحقيق أغراضهم الخبيثة وبالتالي إلحاق الهزيمة الساحقة بالقوى الوطنية والهيمنة التامة على الوطن أرضا وشعبا .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |