محسن ظافرغريب

algharib@kabelfoon.nl

تتغير حكومات العراق الحضاري وينتخب شعب العراق العريق"البرلمان العراقي" في ظل مهد القانون العراق وعلى بداوة أطراف ظل نخل أرض السواد والشعب العراقي واحد من"زاخو" حتى ميناء"الأحمدي"، فقد جاء في نص المادة الأولى من دستور آل صباح:"دولة الكويت عربية مستقلة ذات سيادة تامة، ولا يجوز النزول عن سيادتها أو التخلي عن أي جزء من أراضيها. وشعب الكويت جزء من الأمة العربية". ويمتد"جون كويت"(تصغيرا لكوت واسط صعودا لوسط العراق وتعني نقطة حصن المراقبة للدفاع) على خليج ولاية البصرة، وقد تعاقب على حكم الكويت 15 حاكماً أولهم الشيخ"صباح الأول بن جابر"(1756 ـ 1762م)، وإستقلت الكويت واستبدل شعارها صيف 1963م بصقر باسط جناحيه محتضناً سفينة(بوم) فوق الأمواج البيضاء والزرقاء تخليداً لماضيها البحري القديم شيخها اليوم"صباح السالم الصباح" الذي إستقالت حكومته لعدم تعاون برلمانه معها فقال؛"صبرت طويلا لعل وعسي أن تهدأ النفوس ويتغلب العقل علي العواطف، وترقى مصلحة الوطن فوق كل المصالح. إلا أن شيئا من هذا لم يتحقق!. إزاء ذلك ومن منطلق المسؤولية المنوطة بنا، وحماية لوطننا ومواطنينا من تصرفات غير مسؤولة تجاوزت حدودها وبلغت مداها، وحفاظا علي وحدة الوطن. وتماسك بنيانه. وبناء علي المادة 107 من الدستور. فقد قررت حل مجلس الأمة. ودعوة الشعب الكويتي الكريم الي اختيار مجلس نيابي. يقوم بدوره في الحفاظ علي وطنه وتنميته". لوحدث هذا الحل في العراق، فإنه يعد إنقلابا تعسفيا على(الوطن الديمقراطي)، لكن جرت العادة وفق

دستور آل صباح أن يحدث مرارا وتكرارا هناك في الأطراف، حيث ديرة الكويت، ويعد لدى ديوانيات الديرة الليلية عرفا صباحيا !.

في نيسان المقبل موعد مرتقب لإقليم البصرة، يليه موعد مبكر في جنوب حاضرة البصرة الطيبة الخربة الحلوب، لإنتخاب برلمان الكويت(في 17آيار 2008م)، ويبقى يحدو ذلك ألم وأمل بإتحاد الكويت الكونفيدرالي أو الفيدرالي، بعد لعب أميركا منذ نكبة قيادة وسيادة ووحدة أراضي العراق في 8 شباط الأسود 1963م، على خلفية بداوة بيادقها وعلى عبث بعث صدام وخلفه أياد علاوي المنحدر من خلفية بعثية والذي حين زار بصفته رئيس حكومة العراق في ظل الإحتلال الأميركي، أرض قصبة"كاظمة"(كويت)، سأله الصحافيون المتواجدين في ارض قصبة كاظمة ما إذا كانت الحكومة العراقية الحالية تعترف بالكويت كدولة مستقلة ذات سيادة، ففاجأ الجميع بأنه لم يجب على هذا السؤال وتهرب منه!! بل أنه حين نزل من الطائرة في أرض المطار أدلى بتصريح اعتبره البعض غريبا وصاعقا لآل صباح حين قال:"جئت بزيارة تفقدية لأهل الكويت!!". فمن"آل صباح"(يروي صباح الراوي): كانت قبيلة"عنزة"(ومنها وزير المخابرات العراقي من حزب"الدعوة" العراقي المهندس"عبدالكريم العنزي") واحدة من أقوى قبائل نجد في شبه جزيرة العرب، واليها آلت ‏كل الأسر التي ظهرت لاحقا وحكمت ووصل نفوذها الى شواطيء خليج البصرة ومراكزها السكانية المتناثرة هنا وهناك تنتمي إلى تلك القبيلة، وكان(فخذ العتوب) ‏من قبيلة"عنزة" واحدا من الفروع، وزعم آل صباح أن أصولهم تعود الى فرع العتوب، على أن ‏هذا الفرع(العتوب) لم ينشأ في الكويت أبدا، بل في"نجد"جزيرة العرب، وكان نشاطه مثل نشاط ‏غيره تمثل في الاغارة والغزو على طرق القوافل أو حمايتها مقابل أتاوة!، حسب الظروف ‏وما يستجد، أما أتاوة أو مقابلها من بضائع ومواشي. كويت: تشير "دائرة المعارف ‏الإسلامية" الصادرة عن أهم ‏مركز للدراسات الاسلامية في أوربا / جامعة ليدن في هولندا(طبعة 1960م) – أن فرع آل صباح دخل في عراك مع ‏غيره من فروع العتوب وعنزة، وجرى طرده من"نجد" وملاحقته ‏خارجها، فرحل بخيامه ومواشيه الى الشمال الى منطقة"أم قصر" في العراق، وعاد ‏من هناك يواصل الغارة على القوافل مما دعا الحاكم في ذلك الوقت باسم الوالي ‏في بغداد الممثل للخليفة العثماني في استانبول الى طرد آل صباح من"أم قصر" ‏بسبب شكاوي الفلاحين. وكان الرحيل من"أم قصر"حتميا لا بد منه!، ولكن ‏هؤلاء الذين رحلوا لم يستطيعوا العودة الى نجد بسبب الثأر القديم هناك، فما كان ‏منهم إلا أن توقفوا في منتصف الطريق بين البصرة ونجد.‏

أعقب على هذا في شرح حال هذه العائلة وتاريخها: أن الناظر الى العوائل التي تحكم دويلات الخليج يجد أنها تكاد تشترك جميعا بالتاريخ ذاته وذات المواقع والحوادث، ومن قرأ تاريخ تلكم العوائل الذي كتبوه بأنفسهم أو بواسطة من يعمل لديهم يرى الشبه الكبير بين تواريخهم، فمثلا آل صباح يزعمون أنهم يحكمون الكويت منذ عام 1756م وآل ثاني في قطر يزعمون أنهم من قبيلة"تميم" العربية التي تعود أصولها الى"نجد" ويزعمون أيضا أن حكمهم يمتد لأكثر من قرنين ونصف القرن، وآل خليفة في(مملكة البحرين) يزعمون أنهم من قبيلة عنزة ويمتد حكمهم للفترة السابقة ذاتها!، وآل سعود يقولون أنهم من قبيلة عنزة وأن دولتهم الحالية هذه، هي الدولة السعودية الثالثة!، ويعنون الدولة التي قضى عليها إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا والي مصر عام 1805م، حين دمرها ودمر عاصمتها"الدرعية" عام 1819م، وفي الحجاز بعض الأسر الهاشمية القرشية التي ترى أنها أحق بحكم هذه البلاد من آل سعود، ولعل المتابع لقبائل العرب لاينسى عوائل أشراف مكة: مثل آل محسن وآل علي وآل عبدلي وآل عامر وآل غالب، وعائلات ذات نفوذ أخذ بالانكفاء في ظل حكم آل سعود الذين قربوا الموالين وأبرزوهم في المجتمع، مثل: الشعلان والجبهان والرشيد والجنيدي والشمري والتميمي والغامدي والزهراني والسفياني الخ وتهميش الأسر العريقة التي يقول بعض أبنائها أنهم متواجدين في جزيرة العرب، قبل آل سعود أنفسهم الذين أطلقوا إسم الأسرة على"نجد" و"الحجاز" و"أحساء"(الخير والنفط والشيعة المبعدين الذين يعانون الميز السعودي الوهابي المذهبي الإرهابي المنحرف عن الإسلام والشاذ على مستوى العالم وروح العصر في كل ثغر ومصر) وجعلها"السعودية". ويعارض بعض أفرادها آل سعود. على أن جعل جميع من يقيم فوق تلك الأقطار تابعا لآل سعود!، سعودي وإن لم ينتم، سواء كان قرشي هاشمي نجدي حجازي غامدي شمري، لجعل سائر الأسر تنحسر والقبائل تنكسر لمنع(فدرلة أقاليم شبه جزيرة العرب الصحراوية الشاسعة من التطور والتمدن و التحديث والعصرنة) في نظام متطور على غرار الإمارات العربية المتحدة في الجوار.

وللمزيد عن أسر الطوائف/ الدويلات في الخليج: آل نهيان في الإمارات يقولون أنهم من قبيلة"بني ياس"(فرع فلاح) وأن جدهم الأعلى نهيان حكم أبوظبي في ستينيات عقد القرن19م، في الإمارات عوائل حاكمة تقول عن نفسها نفس ما قال آل نهيان، فآل مكتوم التي تحكم دبي تقول أنها حكمت نفس الفترة، والقواسم الذين يحكمون الشارقة ورأس الخيمة يقولون أنهم أيضا كانوا من القبائل التي صدت الإستعمار البرتغالي في الخليج، وآل معلا يحكمون في إمارة"أم القيوين"!، و آل نعيمي في إمارة"عجمان"(عرب نعيم)، وهي قبائل منتشرة بكثرة في العراق وسوريا والحجاز ونجد . وعائلة الشرقي تحكم إمارة"الفجيرة" أيضا. أما "قابوس بن سعيد"(سلطان عمان) فأسرته عريقة في تاريخها(سادة البوسعيد) التي كانت تقاتل قراصنة البرتغال الذين كانوا يغيرون على سواحل عمان.

هذا هو دين النسب و ديدن وسبب الحسب الذي إنتحله وجاهة وتكسبا أمثال الدعي المدان صدام العدمي العبثي البعثي المعدوم . والحال يقول، في كل الخليج، برزت الأسرة الحاكمة وظهرت الى الوجود بفضل حوادث أو أشخاص أو ظروف، وقربت اليها القبائل الموالية لها وهمشت المعارضين لها، فبات كل من لم يقرأ التاريخ ولم يعرف ما دار في الماضي يظن أن العائلة الفلانية هي التي كانت تحكم الجميع وكان الجميع مدينا لفضلها! . بالواقع ليست حكما - على شكل شيخ عشيرة أو قبيلة. بالمال أو بالحديد والنار أو بواسطة الإستعمار البريطاني الذي كان له الفضل بوجود تلك العوائل التي تحكم حاليا، فبريطانيا التي كانت تحتل الهند وتعتبر الهند درة التاج البريطاني، كانت المسيطرة على المحيط الهندي والدول المؤدية اليه أوتقع على أطرافه، والخليج قرب المحيط الهندي، فكان لبريطانيا سيطرة تلقائية على تلك البقاع. ولعل هذا ما يفسر التواجد الهندي الكثيف في الخليج، وتفضيل معظم أهل الخليج قاطبة التعامل مع الهندي على التعامل مع العربي!. لأنهم جاؤوا فوجدوا هذا الشخص بيدقا وبندقية للإيجار يحرس باب المندب البريطاني. وعامل النظافة هندي والطباخ هندي والبستاني هندي والسائق هندي وموظف الحكومة هندي!. هنود جاء بهم الإستعمار البريطاني ليخدمهم في الخليج صعودا الى قضاء"الهندية" في قلب العراق حتى علاج ابن العبدة"سعد المبعد" عن إمارة الكويت في الهند الآن!. بل حتى الطعام الذي يأكله معظم أهل الخليج بنكهة هندية وبأيدي هندية!. إنهم يحتفلون بيوم إستقلال حدث في نفس الحقبة مطلع سبعينيات القرن الماضي. من أين جائت كلمة كويت؟!

كان العراق أيام الخلافة العثمانية(الإسلامية) عراقا بنفس إسمه الحالي، وكانت أهم الولايات فيه بغداد ‏والموصل والبصرة، كانت بغداد مقر الوالي العثماني، الذي كانت مسؤوليته تمتد الى ‏البصرة والى ما بعد البصرة وما وراءها جنوبا الى ما يعرف حاليا بالخليج، ‏الى حيث تستطيع قوته أن تمد سلطاتها في عمق الصحارى، ولم يكن باقيا في ‏هذه الصحارى سوى بعض قبائل"نجد" التي تصل الى الشواطيء بين حين وآخر ‏لتبادل منتجاتها مع التجار والصيادين الذين أنشأوا مراكز تجمع صغيرة عند نقاط ‏متباعدة على شطآن الخليج تزورهم فيها أحيانا سفن قادمة من بحر العرب عبر ‏مضيق هرمز تحمل اليهم البضائع كالأقشمة والتوابل.‏ في ذلك الوقت، كانت هناك منطقة صغيرة تعتبر ميناء طبيعيا واسعا على رأس ‏الخليج وكانت من توابع ميناء البصرة العراقي، واستخدمت في بعض الأوقات بديلا ‏له، وقام بجوار هذا الميناء مركز سكاني صغير بني فيه حصن أطلق عليه"جون كويت". ‏كان قدر الناس المتواجدين في هذا المركز السكاني الصغير وجلهم من التجار أن ‏يتركوا عائلاتهم هناك ويذهبوا الى البحر على متن السفن للتجارة ولصيد ‏السمك واستخراج اللؤلؤ، وفي ظروف غياب الرجال عن بيوتهم فإن عوائل ‏المسافرين كان لابد لها من وجود من يحميها من قطاع الطرق واللصوص. فوجد ‏تجار هذا المركز السكاني(كويت) أن آل صباح الذين لجأوا اليهم ‏هاربين من نجد بسبب العراك والثارات القديمة، والمطرودين من والي بغداد ‏بسبب الإغارة على قوافل الطرق، والذين أثبتوا للسكان فيما بعد أنهم أقلعوا عن ‏مهاجمة القوافل وبدأو حياة مستقيمة وصارت بينهم وبين الأهالي مصاهرة ‏ونسب، أنهم خير من يقوم بدور الحماية للأهالي في غياب الرجال، وكان أن ‏تم الإتفاق والتراضي معهم، مقابل أجر حماية. إذ لم تكن أسرة حاكمة بالمعنى ‏المعروف للأسر الحاكمة، إنما أختيرت لهذه المهمة مقابل جزء معلوم من أرباح ‏التجار كأمر واقع فرض نفسه في ظل غياب حارس حقيقي يحمي العوائل في ‏غياب أربابها سيما وإن قوات والي البصرة كان هدفها الرئيس أمور عسكرية ‏خاصة بالولاية وليست حراسات شخصية، صحيح تعتبر هذه الأراضي تابعة له ‏وللوالي في بغداد تلقائيا وللخليفة العثماني بالضرورة، إلا أن الأمر يختلف هنا، ‏فألاجر على حماية عوائل وليس حماية بلد‏‎.‎

فالعملية مثل اسئتجار ‏شركات الحراسة الخاصة. ففي السابق وفي ظل ذلك الوضع، كان هناك بدو يحملون البنادق البدائية ويركبون الجمال أو ‏الخيل، وفي عصرنا هذا حراس يرتدون البذلات الأنيقة، ويضعون النظارات السوداء، ويحملون ‏الرشاشات الأوتوماتيكية وأجهزة الإتصال الحديثة والهواتف المتحركة ويركبون ‏سيارات الرانج روفر والجيمس. يمكن تشبيه وضع عائلة صباح في كويت ‏بوضع الأشراف الهاشميين في الحجاز جعلهم الإستعمار البريطاني في(الثورة العربية الكبرى) ضد العثمانيين بندقية للإيجار بذات فرية تحرير العراق اليوم بعد نصف عقد من فرار الوكيل البعثي وحل محله حليف الشمال العراقي بالأمس خلف اليوم في مدينة السلام بغداد . كانت لهم سلطة دينية فقط وليست سلطة ‏دولة، مع الفارق كون هؤلاء سلطتهم مستمدة من النسب الذي يرتبطون به أما أولئك ‏فوضعهم في كويت وضع الحارس، استمدوا سلطتهم من هذا المسمى.‏ كويت تحت حراسة صباح وليس حكم آل صباح، فالحكم للوالي(كان يطلق عليه لقب الباشا أيضا) في بغداد ‏الذي يعتبر ممثلا للخليفة العثماني. لامنذ عام 1756م صددنا معركة الجهراء تعاقب شيوخ آل صباح على إدارة قوة الحماية في الكويت، وكان الشيخ السادس ‏منهم توفي تاركا ثلاثة أبناء هم محمد – جراح – مبارك، وقد اختلفوا فيما بينهم ‏على إرث أبيهمكما تقاتل"بارزاني" بحماية حليفه صدام المعدوم و"طالباني" على أسلاب العراق في واقعة(أم الجمارك)!، وأتفق إثنان منهم(محمد وجراح) واختلفوا مع الثالث(‏مبارك)، وتصاعد الخلاف بينهم على قائمة حساب تحوي فقط 20 ليرة عثمانية لا غير ‏وسيف معطوب يتكلف اصلاحه 9 ليرات، كما يروي نقيب أشراف ‏البصرة"خلف باشا النقيب.‏ واحتدم الخلاف بين الأخوة بمشادة كلامية على قائمة الحساب تلك، ثم انتهى الى ‏أن أحد الأخوين المتفقين وهو جراح دخل الى سوق الجزارين في الكويت وصاح ‏مناديا أصحاب الدكاكين: إياكم أن تعطوا مبارك شيئا، فقد تبين أنه مفلس وعليه ‏ديونا عظيمة.

وحسبما يذكر الشيخ"عبد العزيز الرشيد" في صفحة ‏‏119(كتاب"تاريخ ‏الكويت").بعد هذا الحادث صمم مبارك على التضحية بأخويه على مذبح الغضب ‏والانتقام وعلى هتك حرمتهما وقطع رحمهما واسالة دمائهما الطاهرة. وصف عملية الذبح في نفس الكتاب: في ليلة من ليالي ‏ذي القعدة المظلمة سنة 1313 للهجرة(1896م) بعد أن مضى هزيع من ‏الليل وبعد أن هجع القوم، نهض مبارك مسرعا فقتل أخويه محمد وجراح يسانده إبناه جابر وسالم، ولفيف من الخدم، وجعل من كان معه أقساما ثلاثة: هو لأخيه ‏محمد، وجابر وبعض الخدام لأخيه جراح، وابنه سالم وبعض الخدام حرسا في ‏صحن الدار.‏ صعد مبارك الى محمد فأيقظه من النوم، وبعد أن انتبه أطلق عليه البندقيه ولكنها ‏لم تجهز عليه، فاستغاث الاخ بأخيه وذكره بما له من الحق والحرمة، فما وجد ذلك ‏الصوت المحزن ولا ذلك الاستعطاف الحار سبيلا الى قلب مبارك الذي امتلأ حقدا ‏وغضبا، فصوب اليه البندقية متصامما عن سماع النداء حتى تركه بلا حراك ‏يتخبط بدمه ويجود بنفسه العزيزة.‏

أما جابر فقد ذهب الى عمه جراح في حينه فألفاه يقظا وزوجته بجانبه فسدد البندقية اليه ‏ولكنها لم تنطلق، فعاجله عمه بالقبض عليه وكان ان ساعدته زوجته في الأمر ‏وكادا يتغلبان عليه لولا مبادرة أحد الخدام الى مساعدة جابر بتصويب بندقيته الى ‏نحر العم فأرداه صريعا، ووقفت زوجته تبكي وتنوح وتندب عليه.‏ ونصب مبارك نفسه حاكما على الكويت بينما كان أهلها في حالة ضجيج وعويل ‏لهذه المصيبة التي لم يحدث لها مثيل، والمفارقة التي تدعو للسخرية والإستهزاء ان هؤلاء القوم، يطلقون حاليا على مبارك هذا لقب اسد الجزيرة، واسبغوا عليه من الأوصاف والنعوت ما لم يسبغها أبوتمام على المعتصم في تدوين موقعة"عمورية" الخالدة وما لم يقله أبو خالد عبدالرزاق عبدالوحد في صدام ومعركة الحواسم، وقالوا فيه ما لم يقله أبونواس في الخمرة والنساء!. فذهب بعض أهالي الكويت بعد هذه الجريمة الى البصرة(لاحظوا الى اين ذهب الاهالي الى البصرة) يشتكون الى السلطات ‏هناك ما وقع في مدينتهم، وكذلك فعل الشيخ مبارك الصباح، الذي أراد من هذا ‏الذهاب أن يطمئن والي البصرة ومن ورائه باشا(والي) بغداد إلى أنه مقيم على العهد ‏وسيبقى على ولائه للوالي وللباشا وللخليفة ولن يخلف العهد، وكان جل طموحه ان ‏يثبته الخليفة العثماني في موقعه ويعينه قائممقام على الكويت، على أن يكون هذا ‏بتوصية من والي البصرة ثم باشا بغداد الذي بدوره سيرفع أمره للخليفة في ‏استانبول.‏ ذكير أن لجأ الى والي البصرة أيضا مع من لجأ أبناء وزوجات الشيوخ ‏القتلى، وظلت عائلاتهم هناك حتى سمح لبعضهم بالعودة بعد عشرات السنين ‏على مرور تلك الجريمة، وكان من بين العائدين علي خليفة الصباح الذي ‏تسلم منصب وزير المالية الكويتي ثم وزير النفط أثناء مقدمات أزمة الخليج.‏ والذي عاش سني عمره في بغداد والبصرة، درس فيها وتخرج في جامعاتها. لكن بريطانيا لم تكن ‏على استعداد لأن يحزم الخليفة العثماني أمره بتعيين مبارك الصباح قائممقام أولا ‏يعينه، فيقر ما جرى ويقبل بالواقع ويعين مبارك او يسجنه على الجريمة التي ‏اقترفها، فظهر الكولونيل البريطاني المعتمد في الخليج ليوقع معاهـدة حمايـة للشـيخ ‏مبــارك ضد من يحاول المساس بــه أو الاعتداء عليه، وكانت هذه المعاهدة أبرمت بتـاريـخ 23/1/1899وقد ورد ذكرها في مجموعة وثائق وزارة المستعمرات البريطانية ‏عن الكويت، وبدأت المعاهدة على النحو التالي:‏

الحمد لله وحده – بسم الله تعالى شأنه‏: الغرض من تحرير هذا السند الملزم والقانوني هو أنه قد تم التعهد والاتفاق بين ‏المقدم مالكوم جون ميد حامل وسام الصليب الامبريالي، المقيم السياسي لصاحب ‏الجلالة البريطانية في الخليج(الفارسي) نيابة عن الحكومة البريطانية من ناحية، ‏والشيخ مبارك بن الشيخ صباح شيخ الكويت من ناحية ثانية، بأن الشيخ المذكور ‏مبارك بن الشيخ صباح قد ألزم نفسه هنا بإرادته ورغبته الحرة وورثته ممن يخلفه ‏ألا يستقبل وكيل أو ممثل أي قوة أو حكومة في الكويت أو أي مكان أخر ضمن ‏حدود أراضيه دون الموافقة المسبقة للحكومة البريطانية، كما يلزم نفسه أيضا ‏وورثته ومن يخلفه بأن لا يتنازل أو يبيع أو يؤجر أو يرهن أو يعطي لغرض ‏الاحتلال أو لأي غرض آخر أي جزء من أراضيه لحكومة أو رعايا أي دولة ‏أخرى دون الموافقة المسبقة لحكومة صاحب الجلالة. ويشمل هذا الاتفاق أيضا أي ‏جزء من أراضي الشيخ المذكور مبارك، التي قد تكون في حوزة رعايا أي حكومة ‏في الوقت الحاضر.
وتعبيرا عن إبرام هذا السند الملزم والقانوني، وقع الطرفان ‏المقدم مالكون جون ميد حامل وسام الصليب الإمبريالي والمقيم السياسي لصاحب ‏الجلالة البريطانية في الخليج (الفارسي) والشيخ مبارك بن الشيخ صباح، الاول ‏نيابة عن الحكومة البريطانية والثاني نيابة عن نفسه وعن ورثته ومن يخلفه، أمام ‏الشهود بتاريخ العاشر من رمضان عام 1316 الموافق للثالث والعشرين من ‏كانون الثاني/ يناير 1899‏

‏توقيع توقيع‏

م.ج. ميد مبارك الصباح

الشهود

ويكهام هور ‏

قبطان السفية الهند لصاحب الجلالة

ج. جاسكن

محمد رحيم بن عبد النبي صفر

إتفاقية زورها آل صباح فيما بعد، وحرفوا كلماتها، وجعلوها اتفاقية بين حكومة آل صباح التي تحكم الكويت وبين الحكومة البريطانية، اي خلقوا لانفسهم بالتزوير تاريخا والمنطقة بأسرها لا زالت واقعة تحكم حكم خلفاء بني عثمان . فهل بعد هذا التزوير من تزوير ؟. لكن الشيخ مبارك لم يقطع على نفسه خط الرجعة وأخذ بالحسبان أن شيئا ما قد ‏يحدث في يوم ما، لذلك لا بد من ابقاء الخيط موصولا مع الخليفة العثماني أولا ‏ثم مع والي بغداد وعامله في البصرة ثانيا. لذلك، ظل يحاول الحصول على اعتراف ‏من السلطان العثماني بحكمه، وحينما راجعه المعتمد البريطاني في شأن ‏اتصالات يجريها مع استانبول كان رده: انه يملك مزارع نخيل في الفاو (في ‏العراق) تدر عليه دخلا قدره أربعة ألاف جنيه في السنة اشتراها من مدخراته، وهو لهذا على اتصال دائم باستانبول. وربما كان يقصد من هذا ان يوهم المعتمد البريطاني انه يبيع هذا النخل في استانبول ولذلك هو دائم السفر الى هناك.‏ وعلقت صحيفة"تايمز" في ذلك الوقت على هذا الخبر بقولها"ان الشيخ يريد ‏قدما في المعسكر العثماني وقدما في المعسكر البريطاني) ولم تكن نتيجة الصراع ‏بين المعسكرين بحاجة الى ذكاء لمعرفة النتيجة، فنجم لندن كان يعلو يوما بعد ‏يوم، بينما نجم العثمانيين بدأ يخبو وأذنت شمسهم بالمغيب!".

والحقيقة التي لابد من تبيانها بخصوص دولة آل عثمان، أنه لا يخفى على اي ‏متتبع للتاريخ في ذلك الوقت المؤامرات التي كانت تحاك ضدهم من كل جانب، وخاصة بعدما رفض السلطان عبدالحميد الثاني بيع ‏فلسطين، فالهاشميون في الحجاز مدفوعين من الانجليز من جهة وجماعة ‏الاتحاد والترقي اليهودية من جهة أخرى، والجمعيات العربية السرية التي تكونت على اساس قومي من ‏جهة أخرى، وكان جلها مرتبط بالماسونية في ذلك الوقت، ناهيك عن دسائس ‏ومؤامرات الارمن والمشاكل الداخلية والافلاس الذي عانت منه دولة ال عثمان في أواخر ايامها وكثرة التذمر الذي حصل منهم في البلاد العربية وحتى في استانبول نفسها وباقي المدن التي كانت خاضعة لهم سواء داخل ما يعرف بتركيا اليوم او فيما جاورها من بلاد كانت تحت حكمهم. ومع كل هذا الذي كانت تمر به دولة الخلافة العثمانية، كان ‏الشيخ مبارك حريصا على أخذ موافقة الخليفة على تثبيته حاكما على الكويت، ‏وبريطانيا في نفس الوقت تدفعه الى توسيع أراضيه وتقوم بتهديد العثمانيين كلما ‏تعرضوا له، ثم ما لبث الانجليز أن اقترحوا عليه علما مستقلا يختلف عن علم ‏دولة الخلافة الاسلامية ترفعه سفن الصيد والتجارة التابعة له. لكن الشيخ مبارك ‏أبدى تخوفه من هذه الخطوة قائلا: ان الناس في الكويت لن تعرف الفرق في ‏التغيير الحاصل، وأن مثل هذا العمل سيضاعف عداوة العثمانيين لا سيما وأن ‏الكثير من السكان في الكويت لا زالوا متعلقين بالخليفة العثماني نظرا لسلطته الدينية ‏وان كانت في تلك الايام الاخيرة قد صارت اسمية أكثر منها فعلية ولا زالوا ‏يعتبرون الوالي في بغداد هو الممثل الرسمي للسلطان (الخليفة).

لكن المقيم ‏البريطاني بيرسي كوكس ما برح يلح على الشيخ بتبديل العلم، وعرض عليه ‏نماذج من الاعلام لاختيار أحدها، فقرر الشيخ أن يكون علم الكويت هو العلم ‏العثماني على أن تكتب عليه كلمة كويت بالعربية.‏

وبدأت المؤامرة التي تجلت بملامح دويلة مقتطعة من أرض العراق كما أقتطعت أحواض دلتا كارون وشط العرب تظهر الى الوجود كمحمية بريطانية. وقد وهب الأمير ما لا يملك لمن لا يستحق. ورسم البعث حدود مجحفة، لأن الهوان بدأ في مؤامرة شباط الأسزد 1963م فهان كل العراق بعد 40 عاما في(ربيع بغداد) 2003م، فمن هان سهل الهوان عليه!. حمى الله الحمى الحبيب العراق الشعب والوطن/ الجغرافيا والتاريخ.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com