|
يتماوج الحلم الساكن في مخيلتي حين يرتطم بمدارات الهم اليومي، ارتشف حسرتي بهدوء حين يلفحني هجير الماضي بسحره الصاخب، أزداد أسى ولوعة حين يباغتني ذاك العالق في قاع روحي وهو يتنهّد مثلي ويمسح بأنامله دموعي الغافية على رحيق الربيع، يرتد صدى صوتك ياصديقي في مسامعي وأنت تتساءل عن جدوى الكلمات الحالمة في زمن صعب المراس، مقنّع الوجه، يسوقه الروع، ويستفزه الموت وهو يتلاعب بالأنسان كل حين، فما عادالشعر والفن يجديان نفعا ولا يرويان ظمأ ارواحنا المحلّقة كأسراب اليمام في سماء النقاء .. هي لعنة ملعونة سحقت ليالينا الدافئة ونهاراتنا العبقة الساطعة بالبهاء، هي ( لمّة الشر ) وسطوة الآتين من الجحيم، تجرجر خلفها نواعير ابليس لتبلغ نواصي الجحود لكل مايمت للبياض بصلة، يطلع علينا ( والي البغاء ) بقواميس جديدة ودساتير عجيبة لانفقه منها شيئا ولاتلوح منها رائحة الوجود، أوارها يزكم الأنوف ورحاها تحيل صباحاتنا الى كسوف. سمعتك ترشقني بوابل اسئلتك الحرّى حين ارتوينا يوما من الهم : _ أويعقل أن يهيمن الشر على أحلامنا الى مالانهاية ..!! ؟؟ _ أوتعتقد بأن روح (أحمد كريم) التي عانقت ارواحنا يوما وصاغت بعفويتها مدار السمو فينا، ستنزوي في قعر ذاكرتنا المنسية الى يوم يبعثون ..!!؟؟ _ أو يحق للعيون الغائرة المغمورة في غيابت التيه أن تحكم سيطرتها على ايامنا ببساطة، دون ان يرف لها جفن ..!!؟؟ _ هل سنبقى كشمعة عيد الميلاد نحرق أنفسنا دون أن نصل الى شرارة الخلاص من زمننا الملطخ بفوضى الحواس ..!!؟؟ كانت أذناي تنصتان الى احتراقاتك وذوبانك في مدار الأسئلة الظمأى، لكن قلبي كان ينزف دمعا وعيناي حبلى بالدموع،, لم أشأ البوح، بقيت متسمّرا على كرسييّ المتجذر في ارض انهكها الموت وأذلّتها الموبقات وهي تئن أنين الطفل حين يفقد أمه .. نعم ياصديقي، اوراقنا رحلت مع الريح، وفاضت بالكلمات الجوفاء، والسنتنا آثرت الصمت، فماعاد يجدي الصراخ والنحيب وقد امتهننا الرقص على أكتاف الموت في زمن العهر، وكأننا نعيش في زمن غير زمننا .. الوجوه الغريبة التي نراها تلقي الروع فينا .. والاصوات الملوثة التي تستبيح سكون مساءاتنا تبعدنا عن مسارات الحقيقة التي الفناها من قبل، ربيع موصلنا يدنّسها الجفاف وسماؤها يظللها الغمام،, شوارعها حائرة لاتدري كيف تخرج من شرك الضياع ولاتستطيع ان تخلص روّادها من كنف الطاغوت ..كأنها ابتليت بلعنة الفراعنة،, الداخل فيها ميت والخارج منها مجنون،, والعالق بينهما ثمل دون خمر،, سنعبر الزمن الصعب ياصديقي فمازالت دجلة تسمعنا خريرها كل يوم ومازالت مآذن النبي يونس والنوري والخضر تكبّر فينا (الله اكبر) .. سنعبره يوما ما لأننا باقون على العهد والحقيقة هي وثيقتنا التي بصمنا بألسنتنا عليها،, وسنقهر الموت يوما ونقهر الطواغيت فينا،, وهذا هو قدرنا ..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |