|
يُعرّف قاموس أوكسفورد السياسي، المجتمع المدني، بأنه مجتمع المؤسسات التي لا تتبع الدولة ولا ترتبط بها، كما لا تتبع عائلة أو حزباً أو تنظيماً من التنظيمات. وهو المجتمع الذي يضم مؤسسات تطوعية وهيئات تعاونية. والحال أنه تمَّ استعمال مصطلح "المجتمع المدني" بمعان مختلفة من قبل مختلف الكُتّاب منذ القرن الثامن عشر. وظل مفهوم " المجتمع المدني" الرئيسي يعود دائماً إلى الفيلسوف الألماني هيجل. وإذا كان صحيحاً ما قاله ماركس من أن "المجتمع المدني هو البؤرة المركزية ومسرح التاريخ، ويمثل القاعدة التحتية"، فإن المجتمع المدني هو اللحظة الإيجابية والفعالة فى التطور التاريخي، وليس الدولة كما ورد عند هيجل.
(هوجة) المجتمع المدني شاع استعمال مصطلح المجتمع المدني في أدبيات العلوم الاجتماعية في تسعينات القرن العشرين، بعد انهيار دول الكتلة الشرقية، وفي مقدمها أكبر وأقوي هذه الدول، وهو الاتحاد السوفياتي نفسه، من دون طلقة نار واحدة من المعسكر المعادي، وهو الغرب، وذراعه العسكري المعروف باسم حلف الأطلسي. لقد قيل وقتها إن هذا الانهيار السريع، لم يكن مفاجأة لمن يعرفون طبيعة النظم الشمولية التي كانت تحكم دول الكتلة الشرقية. ففي هذه النظم الشمولية تبتلع الدولة المجتمع، ويبتلع الحزب الايديولوجي الأوحد الدولة ، ويصبح الفرد أعزل في مواجهة الدولة والحزب. فينكفئ على نفسه، أو على أسرته الصغيرة، يحتمي بدفئها في مواجهة الكيانات الباردة الضخمة لكل من الحزب والدولة.
أسس المجتمع المدني المجتمع المدني هو فضاء للحرية، يلتقي فيه الناس، ويتفاعلون تفاعلاً حراً، ويبادرون مبادرات جماعية بإرادتهم الحـرة من أجل قضايا مشتركة، أو مصالح مشتركة، أو للتعبير عن مشاعر مشتركة. وهم يفعلون ذلك بشكل سلمي. ولا ينكرون على غيرهم أن يفعلوا الشيء نفسه. وبهذا المعنى، فإن المجتمع المدني أشبه بسوق كبيرة، يتغير فيها الباعة والمشترون حسب حاجة أفراده، وحسب السلع المبتغاة، وحسب التراضي بين المتعاملين. وهذا التغير حسب الحاجة، وحسب الموضوع، وحسب أطراف التعامل لا ينفي استقرار المعاملات بين أطراف بعينها، ولا ينفي استقرار أنماط التعامل وقواعدها، بحيث لا تكون هناك ضرورة لإعادة اكتشافها في كل مرة تكون هناك ثمة معاملات جديدة، أو أطراف جدد وافدون على الساحة. (سعد الدين ابراهيم، المجتمع المدني والمؤسسة الدينية والمطلقات في العالم العربي، جريدة "الحياة" لندن، 27/4/2001).
إن المجتمع المدني الذي نتحدث عنه اليوم، لم يعد مجرد مفهوم يشير إلى مستوى من مستويات النشاط المجتمعي يتسم بالتعددية والتناقض والجزئية والمصلحة الخاصة ولكنه يشير إلى مجموعة من المنظمات النشيطة التي يمكن تعيينها وتحديد موقعها ومكانها والأدوار الكبيرة التي تلعبها، بموازاة الدولة أحيانا وأحيانا ضدها. لكن ما هو أهم من ذلك أن المجتمع المدني لم يعد ينظر إلى على أنه تجسيد للخاص والمصالح الجزئية في مقابل الدولة المجسدة للعام وللمصالح الكلية ولكن كدولة مقابلة، أي كمنظمات ذات نفع عام وأهداف كلية تخدم أهدافا عامة وتشكل مصدرا للنظام والعقلانية والترشيد والاتساق داخل نظام اجتماعي هجرت الدولة العديد من ميادينه أو أصبحت غير قادرة على بث النظام والسلام فيها، كما أكد سعد الدين إبراهيم. ونستطيع تلخيص أسس المجتمع المدني فيما يلي: 1- اعطاء حقوق المرأة كاملة. فلا وجود للمجتمع المدني والمجتمع الديمقراطي بدون اعطاء المرأة كافة حقوقها التي حرمها منها فقهاء الإسلام على مدى خمسة عشر قرناً مضت. وكان ذلك يعود إلى أسباب كثيرة منها: نفسي يتجلى في أن اليمين المتطرف استبطن في الصغر المرأة كأم وربة بيت لا غير. وأن لا تخرج من البيت إلا إلى القبر. ومن هذه الأسباب ما هو تاريخي يتجلى في وقوف شخصية كعائشة زوج الرسول إلى جانب مقتل عثمان بن عفان، وإلى جانب الحرب على علي بن أبي طالب، مما دفع صاحب العقد الفريد أن يقول فيها: "بالأمس تحرضين عليه واليوم تبكين عليه" . وهذه الوقائع التاريخية دفعت الفقهاء من سُنّة وشيعة إلى وضع الأحاديث النبوية المزورة ضد المرأة المسلمة. وأنها في النهاية ناقصة عقل ودين. ولم يقتصر الأمر على وضع الأحاديث المزورة ضد المرأة، ولكنه شمل وضع الأحاديث المزورة الخاصة بإعلاء مقام رجال الدين وإقرانهم بالسلاطين مثل: "صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت الأمة، وإذا فسدا فسدت : السلطان والعلماء". وكذلك: "هلاك أمتي: عالم فاجر وعابد جاهل". أما السبب الآخر، فهو تعليمي. ففي الوقت الذي يقول فيه برنامج الأمم المتحدة للتنمية أن كل أمة يتجاوز فيها عدد الأميين عشرة بالمائة لا مستقبل لها، يطالب الإسلاميون بحرمان المرأة من التعليم. واعتبروا – كما حصل في تونس – بأن التعليم للمرأة ليس من الأوليات. وأن من الأولوية للمرأة اطاعة زوجها. في حين أن فرنسا لم تصبح ديمقراطية وذات مجتمع مدني حقيقي إلا في العام 1944 عندما أعطى الجنرال ديغول للمرأة حق الانتخاب. 2- إن المجتمع المدني هو مجتمع الدولة الحديثة. وهي تعريفاً الدولة التي ينتمي إليها بالمواطنة الكاملة الحقوق جميع مواطنيها، وتكفل فيها حقوق المواطنة السياسية والانسانية لكل مواطنيها. فالدولة الطائفية ليست عائقاً أمام الحداثة السياسية وحسب بل أمام الحداثة ككل وخاصة الحلقة المركزية فيها، وهي التنمية الاقتصادية والتقدم في التعليم.
حوافز المجتمع المدني 1- التعلّم بتواضع من تعايش المجتمعين المدني والسياسي في العالم. 2- تعلّم الحداثة السياسية بما هي صراع سلمي على الحكم بين السلطة والسلطة المضادة، والرأي والرأي الآخر داخل كل منهما. فتاريخ الحداثة السياسية هو تاريخ الحفاظ على التوازن بين السلطات المتوازية بلعبة تعايش كل سلطة مع السلطة المضادة لها في حوار دائم بينهما، قطعاً للطريق على العنف. 3- الانتقال من ثقافة التخوين والتكفير إلى ثقافة التعددية، وما تتطلبه من صراع بين الأفكار والبرامج والفلسفات، من دون السقوط في هاوية عنف أعمى، يتساوى في نهايته المنصور بالمكسور. 4- العمل على الانتقال من ثقافة الاجماع إلى ثقافة التعددية والحق في الاختلاف، ومن شرعة الغاب إلى شرعة حقوق الانسان، ومن العلاقات الطبيعية القائمة على القرابة التي تمحو الفرد محواً إلى علاقات تعاقدية تسود المجتمعين المدني والسياسي، ومن العائلة إلى الدولة، التي تعترف للفرد بحقه في تقرير مصيره في حياته اليومية. 5- عدم ضياع الوقت في البحث في التراث العربي - الإسلامي عن جواب لسؤال: ما العمل للانتقال من ثقافة الاجماع إلى ثقافة التعددية والحق في الاختلاف؟ فالجواب الواقعي لهذا السؤال يكمن في التماهي مع المجتمع المدني الثقافي العالمي القائم على مسلمتين: الدفاع عن استقلال الابداع والفكر والتضامن مع ضحايا الرقابة والتخوين والتكفير. وبناء نموذج المجتمع الثقافي العالمي، وهو البرلمان الدولي للكتّاب الذي تأسس عام 1993، وكان نجيب محفوظ الرئيس الشرفي له. 6- السعي لتحرير العلم والإعلام من قبضة التيار المناهض للحداثة بما فيه التيار التقليدي الذي تحالفت معه الأنظمة المفتقرة إلى الشرعية لتستقوي به على خصومها الإسلاميين. 7- اقتباس نماذج أحزاب، نقابات، جمعيات ونوادي المجتمعات المدنية في البلدان الغربية، خصوصاً وأن العامل الخارجي غدا اليوم بفضل ثورة الاتصالات والتلاقح الثقافي الملازم لها، أساسياً في تحديث المجتمع التي فاتها قطار التحديث. مع العلم أن المجتمعات الغربية ليست كلها سمناً على عسل، بل هي موضوع نقد دائم لمزيد من تحديثها. أزمة المجتمع المدني العربي ما زال المجتمع المدني العربي يعيش في أزمة خانقة، كما يرى معظم علماء الاجتماع العرب، وعلى رأسهم حليم بركات. فالدولة العربية (دولة الاستقلال) هيمنت على معظم مرافق الحياة العربية، وقامت بتهميش الشعب، والحد من مبادرته ومشاركته في عملية التغيير، وذلك بحرمانه من حقوقه السياسية، ومن اقامة المنظمات والهيئات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تساعد على تغيير المجتمع من داخله. كما قامت الدولة العربية باحتكار السلطة في فئة معينة من الناس وحالت بين السلطة وتداولها، وخالفت مبادئ الإسلام الذي ينادي بتداول السلطة ﴿وتلك الأيام نداولها بين الناس﴾ (آل عمران:140 ). لقد قامت منذ نصف قرن في العام العربي ما يُعرف بأزمة المجتمع المدني التي ردها كثير من علماء الاجتماع العرب إلى هيمنة (دولة الاستقلال) هيمنةً بطريركية على نشاطات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فمنذ قيام دولة الاستقلال العربية مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين، نشأت أزمة المجتمع المدني العربي بقيام الدولة التسلطية العربية لملء الفراغ السياسي الذي تركه الاستعمار البريطاني والفرنسي في العالم العربي. وكانت أزمة المجتمع المدني العربي إحدى الكوارث التي جلبها الاستقلال السياسي الشكلي على العالم العربي. ويحلل علماء الاجتماع العرب سبب أزمة المجتمع المدني العربي هذه من خلال قول حليم بركات (أحد علماء الاجتماع العرب المعاصرين في أمريكا) من أن أزمة المجتمع المدني العربي ناتجة عن هيمنة الحكم العربي على المجتمع، وعن تهميش الشعب والحدِّ من مبادراته ومشاركته في عملية التغيير، بحرمانه من حقوقه الإنسانية الأساسية، ومنها حقه بالعمل المنظم والتعبئة الشعبية من خلال مؤسساته وجمعياته المهنية واتحاداته ونقاباته وأحزابه ومنظماته، ومختلف الحركات الاجتماعية المستقلة التي يمكن العمل من خلالها على تغيير الواقع. وإن البحث في أزمة المجتمع المدني هو البحث في ممارسات الدولة التعسفية للسلطة. فلقد سلبت الدولة العربية المجتمع من وظائفه الحيوية واحتكرتها لنفسها. ( حليم بركات، المجتمع العربي في القرن العشرين، ص923).
المجتمع المدني مفتاح الديمقراطية السليمة إن اهتمام المثقفين العرب بالحديث عن المجتمع المدني والالحاح عليه، ينبثق من خلال كون قيام المجتمع المدني هو المفتاح لقيام ديمقراطية سليمة، وقيام مجتمع الحريات المُصانة، وانتشار الحداثة السياسية والفكرية والأدبية والفنية والاقتصادية في المجتمع الذي يسود فيه المجتمع المدني. كما أن قيام المجتمع المدني يعني أن هناك دولة علمانية قائمة، فصلت الدين عن السياسة، ومنعت رجال الدين من الاشتغال بالسياسة واصدار الفتاوى السياسية التي لا قيمة سياسية لها، وغرضها التحريض وليس نقد الذات السياسية. يقول صموئيل هينتنجتون في كتابه (الموجة الثالثة للديمقراطية) أنه "ما كان للتحول الديمقراطى أن يتم بنجاح، لولا منظمات المجتمع المدني. فمنظمات المجتمع المدني هي التى تدعم الديمقراطية، وتجعلها غير قابلة للانكفاء أو الارتداد". وفي منتصف التسعينيات، لم يصبح مفهوم المجتمع المدني جذاباً وشائعاً، وإنما أصبح أيضاً غنياً فى تداعياته بالنسبة إلى عمليتى الديمقراطية والتنمية الاقتصادية، والاجتماعية. وأصبح المجتمع المدني - كما يقول سعد الدين ابراهيم - يتمحور حول فضاء للحرية، يلتقى الناس فيه بإرادتهم الحرة، ويأخذون المبادرات من أجل أهداف أو مصالح أو تعبير عن مشاعر مشتركة. وفي فضاء حياة تعددية ديمقراطية، سيكون المجتمع المدني داعماً للدولة ومكوناً رئيساً من مكونات قوتها، إلى جانب السلطة التي ستتراجع عن ابتلاع الدولة، لتصبح سلطة القانون، بعد أن كانت طويلاً قانون السلطة، من أجل أن تعود الدولة إلى مجالها الطبيعي فضاءً وطنياً لتنظيم صراع الإرادات الحرة المستقلة، وإدارته سلمياً. وهذا أيضاً لكي تتوفر الجهود لمجابهة التحديات القومية الراهنة والمستقبلية، التي تحتاج فيها بلادنا، كباقي بلدان العلم الثالث المتأخرة، إلى دور أقوى للدولة في قيادة تنمية عقلانية وعادلة، يشارك فيها الجميع من جهة، وإلى مجتمع مدني أقوى ، يعمل على تقوية الاندماج والوحدة الوطنية من جهة أخرى.
ما معنى دمقرطة المجتمع المدني؟ إن الديمقراطية المجتمعية، أو دمقرطة المجتمع المدني تعني بثَّ مزيد من روح المسئولية عند الأفراد تجاه التفكير والعمل على تقرير مصيرهم وعدم التسليم للدولة، بل وللسياسة بوصفها مركز تكثيف القرار المجتمعي وتوحيده، أو الاعتماد الوحيد عليها لتحقيق الأهداف والحاجات المطلوبة. وجاء الحديث المتزايد عن المجتمع المدني ومؤسساته في الدول الصناعية كدليل إذن على نضج الديمقراطية أو اكتمالها ونضج المجتمعات معاً، وارتفاع درجة التفاعل والتواصل بين الدولة. (برهان غليون، نشأة مفهوم المجتمع المدني وتطوره من المفهوم المجرد إلى المنظومة الاجتماعية والدولية، محاضرة في جامعة قطر، ندوة "المجتمع المدني والديمقراطية"، 14- 17/5/2001).
مستقبل المجتمع المدني العربي إن أسئلة مستقبل المجتمع المدني العربي تنتصر، فيما إذا كنا نسير اليوم نحو حقبة التحرر من المفهوم الكلاسيكي الحديث للدولة كمركز أحادي ووحيد للتنظيم والتنسيق الاجتماعي، وهي الحقبة التي دامت أكثر من قرنين. وهذا التحرر من المفهوم التقليدي للدولة لا يعني بالضرورة زوال الدولة، وإنما زوال شكل من أشكالها. لكن الأهم من ذلك هو معرفة طبيعة الهيئات والتنظيمات والمؤسسات التي ستحل محلها وتشكل جماع نشاط القرن القادم كله وربما القرن الذي يليه. إن العودة الراهنة إلى المجتمع هي موجة عميقة الجذور، لكن طرق هذه العودة وأشكالها والنماذج التي ستنجم عنها، كل ذلك لا يزال في بداياته الأولى. والسؤال الذي يطرحه برهان غليون هو: هل ستساعد هيئات المجتمع المدني، أو بالأحرى بناء المجمع المدني بمعنى الهيئات الأهلية الناشطة في ميدان العمل العام، على ايجاد مجتمع أكثر تحرراً، وعلى توافق أكبر بين حرية الفرد وحرية المجموع، واتساق أكبر بين مسئولية الحاكم أو المقرر ومسئولية المحكوم أو المطبق؟ سوف نسير خلال القرن القادم نحو شكل من التنظيم المدني، تخضع فيه السياسة من حيث هي بلورة للتصورات والاختيارات التي تمسُّ المصير العام والمصائر الجزئية أيضاً. ومن حيث هي قرارات ترمي إلى تطبيق هذه الاختيارات لنشاط مجموعة لا محدودة من التجمعات والهيئات والتنظيمات المدنية غير الحكومية. وأن الحكومة التي تحتل مراكز القرار السياسي الرسمي لن يكون دورها سوى التنسيق بين نشاط هذه الهيئات والمنظمات وايجاد القاسم المشترك فيما بينها. ومن هذه الزاوية ستقدم هيئات المجتمع المدني المتعدد الجديدة إطاراً يتيح للمواطنين المشاركة بشكل أكبر وأنشط في تقرير مصيرهم، والمساهمة بصورة أقوى في السياسة من حيث هي انشغال بالمصير العام وممارسة للقرارات التي تمسه. وسيُنشئ ذلك دائرة للمشاركة السياسية موازية للدائرة التي يمثلها البرلمان، والقائمة على عملية انتخابية إحصائية محضة لا تعكس حقيقة الإرادات المجتمعية القائمة والمتنافسة على تشكيل السياسة، بل دائرة تتجاوز الدائرة البرلمانية وتخضعها لها، سواء عبر الضغوط، أو عبر التدخلات المباشرة في تكوين الرأي العام. ويرى برهان غليون، إن منظمات وهيئات المجتمع المدني سوف تزداد نفوذاً وقوة، خاصة تلك الناشطة على الصعيد العالمي أو المتعدية الجنسيات، في تلك المجتمعات التي خسرت الرهان على الدولة ولم تنجح في بناء مجتمع مدني قوي. وهذا هو وضع البلاد العربية والعديد من البلاد النامية. فكما أن الدولة لن تستطيع هنا أن تقاوم ضغوط هذه المنظمات التي تزداد مزاعمها بالمشاركة في تقرير السياسات العالمية، كذلك فإن المجتمع المحطم والمفكك الذي نشأ في حضن مثل هذه الدول اللاقومية سيكون إما عاجزاً عن بناء نفسه وهيئاته الخاصة النشيطة، أو غير قادر على المشاركة الفعالة في الهيئات المدنية العالمية الفاعلة على أرضه الوطنية ذاتها.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |