نكبة البصرة المستدامة

 

د. أحمد عبدالله

sultan_10002003@yahoo.co.uk

 لقد أحسنت الحكومة العراقية، وعلى راسها السيد رئيس الوزراء نوري المالكي والسادة وزراء الدفاع والداخلية والأمن الوطني والعدل، بالأنتقال ميدانيا الى البصرة بمثل هذا الثقل النوعي الكبير ومعهم هذه الأعداد الملحوظة من القوات العسكرية الضاربة، فهذه المدينة الخالدة، المظلومة دوما، ذاقت الأمرين وناءت بأثقال هائلة منذ زمن بعيد، بيد أن معاناتها أشتد أوارها بعد سقوط نظام البعث في عام  2003 حيث عاث المفسدون والقتلة والعصابات في ربوعها، بعضهم بأسم الدين وآخرين أستثمروا أنهيار الدولة ليبسطوا الرعب والقتل فيها.

   ولابد للحكومة أن تتبين الأمر جيدا في البصرة قبل مغادرتها فالتيارات والأحزاب العاملة تحت دثار الدين، مع شديد الأسف، هي التي أدخلت مظاهر وأعراف لاقبل للناس بها من قبل، فالقتل بسيارات معروفة للأنسان العادي البسيط (البطة سيئة الصيت، على سبيل المثال) غدت سمة لازمة وماركة مسجلة، وأرهاب الناس وتهديدهم بحياتهم طغى على كل أمر آخر، وبدأت الأغتيالات الغريبة والعجيبة تطال السياسي والمتدين والمثقف والأكاديمي والأنسان العادي المسالم. أما الأحزاب الدينية التي تدعي (النضال!) ومقارعة النظام الصدامي لسنين طوال فقد تناست كل ذلك وأنصرفت الى تقاسم السلطة بشكل سمج يدعو للأشمئزاز، وهو مانراه اليوم ماثلا للعيان في دوائر المحافظة والموانيء والنفط والكهرباء بشكل خاص!كما أن الفساد لازم الكثيرين الذين ماأنفكوا يحلبون المال الحرام بأسم الدين والديمقراطية والحرية تاركين عشرات الآلاف من أهالي البصرة الطيبين اسرى الفقر والضنك والمرض! أما الطبقة المثقفة فقد ركنت تماما بحيث غدا الأستاذ الجامعي والطبيب والمهندس والأديب البصري المرهف في تهميش وفاقة وفي بيوت معظمها مؤجرة في حين أنطلق أولئك (المناضلون المتدينون!!) يجمعون الملايين من الدولارات ويسكنون القصور الواسعة، في داخل العراق وخارجه، ويقتنون السيارات الفارهة ويسبحون في غنى فاحش! أنها المعادلة غير العادلة أبدا التي فاقت كثيرا ماكان عليه حال الرفاق أيام الطاغية صدام! بل أن الآلاف من البصريين اليوم يتأسون على تلك الأيام المندرسة لأن واقع حالهم اليوم أشد ألما وأمرّ نكهة وأحلك ظلمة من ذي قبل!

   واقع البصرة اليوم يقتضي أتخاذ أجراءات صارمة جدا ورادعة  لأعادة الأمور الى نصابها بعد أن عبث العابثون بأرضها المعطاء وبعد أن سادت لغة السلاح طيلة الفترة الماضية (استعراضات من يدعون بأنهم من جيش المهدي في الحيانية على سبيل المثال)، وكذلك العمل على أجتثاث القتلة من أتباع بعض الأحزاب (المكروهة جدا هذه الأيام) الذين يقتلون بدم بارد بسيارات معروفة وغير معروفة دون أي رادع! كما يتطلب الأمر وضع حد نهائي لتهريب النفط بشكل رهيب على أيدي عصابات الأحزاب المتنفذة في البصرة.

   أننا ندعو الحكومة ممثلة يالسيد رئيس الوزراء والسادة الوزراء الأمنيين الى نصرة قائد شرطة البصرة البطل اللواء الركن عبدالجليل خلف الذي أثبت رجولة حقة وحرصا عاليا لمواجهة المجرمين والدخلاء القتلة المأجورين والمدعومين من خارج العراق رغم الأمكانيات المحدودة المتاحة له وأختراق أجهزته الأمنية بشكل فاضح، ونأمل بأن لاتتحرك قوات النخبة القادمة من بغداد الى خارج البصرة ألا بعد أحداث (الأنقلاب) المطلوب ووضع الأغلال بأيدي كل المفسدين والمجرمين بصرف النظر عن أنتماءاتهم، أما الأحزاب التي ناف عددها على الثلاثين في البصرة فيتعين وضع قانون يتحكم بها فغالبيتها مدعاة للشك والريبة وحتى الأرتباط بدول الجوار المجرمة بحق العراقيين.

   صوت عال نرفعه لعشائر البصرة المقصرة جدا حتى هذه اللحظة، فهل يعقل أن تجري كل هذه الدماء في هذه المدينة الوادعة دون ان يكون لكم دور فاعل وقوي مثلما هو دور العشائر البطلة في محافظات العشائر الأخرى؟! استثمروا نفوذكم وتاثيركم لردع المجرم واستئصال المفسد ومعاقبة المسيء سواء كان محافظا أو مسؤولا أمنيا أو عضو مجلس محافظة أو مديرا عاما . لابد من احقاق الحق وأزهاق الباطل مهما تطلب الأمر من تضحيات.

   أهل البصرة المظلومون يتطلعون الى التفاتة الحكومة الجادة والصائبة جدا، والمتاخرة كثيرا لرفع الأغلال من أعناقهم وتوفير الأمن لهم وأنعاش حياتهم الصعبة للغاية: أنهم مظلومون ومخنوقون ومكلومون ومنكوبون منذ سقوط النظام حتى هذه اللحظة وينتظرون الفرج على الأيدي الرحيمة البطلة.

   ورحم الله تعالى أمرء عمل عملا فأتقنه.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com