|
(1) كثير من المحللين السياسيين والمتخصصين بالشان العراقي يعزون تراجع الاحوال في العراق بعد خمس سنوات من الاطاحة بالصنم الى محاور لا يخرج اطارها من وجهات نظرهم عن دلالات وإشارات كبيرة يجدر التوقف عندها كالاحتلال وخلل النظام الديمقراطي الغربي وعدم ملائمته للمنطقة وتدخل دولي واقليمي بالشأن العراقي ودعم المليشيات وتصدير الارهابيين والانفلات الامني وتقاطع مكونات الطيف الوطني وغياب المصالحة وتناحر عرقي وطائفي وعدم وجود توافق بين الكتل وازمة ثقة بين اطراف الكتلة الواحدة واشكاليات على الدستور والمحاصصة وتقهقر وفساد وانعدام لمقومات العيش وكل يدلو بدلوه مما ينطلق منه وما يلاحظه. انه ليعز علينا كثيرا ان نقراء الواقع المر بموضوعية ونعرضه بامانة ولانبغي به التهريج فهو مذمموا لكن نريد به العلاج لمشكل فعسى يحل الطلسم و لافتضاحنا من قبل الداني والقاصي ونؤكد ان مكامن الفشل تكمن اولا واساسا في المتصدين للعملية السياسية، فلا يصح ان يقال عن الديمقراطية كمفهوم بالفشل لان الدول الاخذه بها استقرت وتمدنت وتحضرت. فلماذا في العراق فقدت صلاحيتها واصبحت فاسدة لا يرتجى منها الا الفشل ؟ صحيح ان الشعب العراقي كان متحمسا وتواقا الى الديمقراطية وضحى في سبيلها واقبل عليها اقبالا منقطع النظير وهذا ما تشهد به الانتخابات وصناديق الاقتراع رغم كل المخاطر، ولكن الفشل والخلل الحقيقي هو من جراء صعود اناس ليسوا بنخب مثقفة وطنية واعية وتبوّء تنظيمات واحزاب لاروقة البرلمان هم ليس لها باهل! لسريان الاستبداد في شرايينهم والعنف في عروقهم وطلائه بصبغة الدين واستغلال كل مقدس من اجل الاستحواذ والهيمنة ومناورات ونطاح للكسب الفئوي حتى وصل الامر الى انقلاب الاخوة بعضهم على بعض ليصل الى نمط الخلاف وفجوة عميقة بين المكون الواحد وسبقها المكونات الواحدة وتغليبهم للمصالح الذاتية والمحاصصة المناقضة للديمقراطية والمنافية للمواطنة والمجانبة للمقدرة العلمية والممارسة المهنية. فهذه الكتل هم العبء الثقيل على الديمقراطية والوطنية وعلى المرجعية على حد سواء. ولذلك يلاحظ بوضوح ولحد الان سريان القوانين والتشريعات الصدامية وكذالك بقاء هيكليات دوائرالدولة وموسساتها على ذلك النمط وراتفاع وتائر الروتين القاتل واستمرار نفس الشرطنة والعصا الغليظة في التعامل وهذا يتنافى مع مفهوم الديمقراطية والنظام الديمقراطي صحيح أنّ القوات متعددة الجنسيات وبعد خمس سنوات لم تنجح باجتثاث مخلفات النظام السابق ومن تحالف معه من التكفيريين، ولم تستطع فرض القانون لغياب الاخلاص والجدية ومراعاة للاخرين على حساب امن الوطن والمواطن، وصحيح كذلك تهاوي النظريات التي سبقت الغزو على أنّ العراقيين سيحتفون بالاحتلال لتخليصهم من نظام الطغيان والقمع وذلك لرعبهم مما حل بهم ولقلقهم من المستقبل! لكن ولسوء حظهم ان مكنوا جماعات واشخاص لقيادة العملية السياسية لا يقلون شراسة وفسادا عن ازلام البعث وشخص صدام!! وان امال الشعب ستتحقق باقامة حكومة منتخبة تقود العملية السياسية والاصلاح الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي والصحي والخدمي والنهوض باعباء الاعمار والانطلاق الى افاق التطور والتنوير قد تلاشت وتبخرت، وان طموحات العراق الجديد سيكون مفتاحًا لنشر الاصلاح والديمقراطية العربية، مما تسبب في شكوك حقيقية حيالها انعكس تاثيرها سلبا عليهم وتراجع دورهم. وان سقوط كل تلك الاحلام والوعود لا يعني أنّ نحمل الديمقراطية والاحتلال وحدهما فشل الإصلاح السياسي في العراق، مسألة تتطلب نقاشًا أكبر وأعمق بعيدًا عن منطق "تبرئة الذات" أو "جلد الذات". ويعزوا الساسة فشل الامريكان في المنطقة لعدم عمق معرفتهم بخصوصياتها وفهم جزئياتها من الانكليز والفرنسيين مما يجعلهم متورطين مع فئات لتسويق سريع لاطروحاتهم على نمط جاهزية الهمبرك والاكلات الجاهزه الامريكية ولكن قراة تاريخيه بسيطة تظهر ان الغرب عندما سوق قطار الانقلابات القومية والاشتراكية بما يشبع هوى حاجة الساحة العربية ليها في ذلك الوقت وليظهروهم على حقيقتهم عرات حفات فسقطت كل صروح الخواء ونجحرت صياح التبجحات وبعد طول انتظار جاء توسونامي الاسلام السياسي لتبين افتقارهم للخبرة السياسية وافتقاد البرنامج الحقيقي المواكب للعصر وفهم المتغيرات وقصورهم في الاداء الاداري والتعامل الشفاف علما بان كل يوم لاتبدع بعمل جاد يجعل تفادي الكارثة مستحيلا واخيرافما اشبه اليوم بالبارجة وتبقى التجربة الديمقراطية السياسية العراقية تمثل اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة الاحزاب والتنظيمات والتشكيلات من ان تكون عند مسؤولياتها التاريخية والشرعية والوطنية بالنهوض بالاعباء وحمل الرسالة بامانة واقتدار ومن قدرة التكتلات على التماسك وفق الحد الادنى من المشتركات الوطنية ومن اولوياتها وضع سياسة استراتيجية موحدة للحفاظ على الوحدة الوطنية والتمسك بالاستقلال والسيادة ووضع سقف للانسحاب. ونحن كيف نتشدق بالديمقراطية والعراق الجديد المتطور ونحن لحد الان لم نحل ازمة العملية السياسية المؤدة ولا حلحلة الاوضاع الامنية المتردية ولا تحريك الاوضاع الماساوية الاساسية الضاربة باطنابها في التراجع والفساد حيث ان مجريات الامور رغم خطورتها وحساسيتها منذ بدايتها كانت تأشر لريب وتناقض يلف رؤى ومواقف التكتلات حيال العملية السياسية والدستور، وحيال نشاط مؤسسات الدولة لغياب البرنامج والمشروع المحدد وغياب الوعي الديمقراطي وسعي كل كتلة للفوز باكبر نصيب من النفوذ والسلطة والسعي لازاحة الاخرى وباساليب تفتقر الى مقومات التعددية والمشاركة مما تسبب في ازمة ثقة حادة حقيقية، وتشرذم وتقاطع في الاهداف مما جعل كل فريق ينآى بنفسه عن المسؤولية ويحملها للطرف الاخر. وفي الوقت نفسه يحشد للدعم ويخزن للمواجهة. وهنا نقطة مهمة جدا وخطيرة يجب الاتفات اليها من كون العراق قلب العالم العربي ودعامة اساسية في الامن القومي وظهور مخاوف عديدة من ناي من محيطه التي تعتبر خطا احمر لايمكن تجاوزه واثارت تصريحات علنية عديدة تشكك بالولاء الوطني ك(الهلال الشيعي والولاء الطائفي والاختراق الايراني ..)وذلك من خلال تداعيات انسياق البعض وراء مصالح ذاتيه غير صحيحة على البعدين السياسي والوطني لبدت غيوم العلاقات العربية العراقية ان لم تتخذ مواقف متشنجة قد تصل الى التاليب حيث لم تصب في مصلحة العملية السياسية والديمقراطية والمصالحة برمتها وبل عرقلتها بدل ان تكون عوامل مساعدة للتهداة وتتنقية الاجواء والدفع صحيح ان المرجعية سعت للملمة البيت الشيعي اذ لولا موقفها المؤيد للإتلاف لما استطاع حزب او فئة منه ان يحرز حتى 5%مما حصل عليه! مما جعل البعض يستقوى بها على حساب الاخر للتسلط وبسط النفوذ وللاستحواذ فقط من دون تلبية لاي من الوعود الكثيرة التي قطعوها على انفسهم بتحقيقها والذي اوجس خيفة لدى الاخر واستياء وتذمرا عاما، وهذا ما يفسر تململ المرجعية الكبير لتحملها الكثير من التبعات بدعمها لكتلة سياسية على اخرى ونظرة الامة اليها على انها الاب الراعي للجميع من شملهم بالنصح والتوجيه .. كما وكان للمرجعية دور بارز في حفظ البلاد ومكونات الشعب العراقي كافة وللتخفيف من نشوء حرب اهلية مدمرة، ولا نغفل ان الحكومة تشكلت من كتل سياسية منتخبة لكن تقاطع المصالح الفئوية مع المصالح العامة والنفع الجماهيري وكذلك فرض المحاصصة التي غيبت الكفوئين والاخلاص والمقدرة تسبب بتقهقر مسارها وظهور اخفاقات كثيرة سواء على المستوى الامني المتدهورفي كل مكان، ام بالفساد المستشري في كافة المجالات او بالتكالب على السلطة والتردي المعاشي وتفاقم البطالة المرعبة وملايين الارامل والايتام ، ام في قطاع الخدمات الاساسية وغيابها التام وبدوره فان انعكاسات هذه الدومات المفرغة من الازمات الخطيرة التي يعيشها المواطن سلبا على الشارع المازوم اصلا باحباطات كثيرة اججت حالات الاحتقان التي اسهمت في ان يكون البلد على كف عفريت وحافة الهاوية والحرب. ان العراق اصبح ساحة للصراعات الدولية والاقليمية ولكن هذا الواقع المشخص يفرض على القادة والساسة ان يكونوا على حذر تام وحكمة تامة وبمستوى التحديات المصيرية في مسيرتهم السياسية وبمستوى ضخامة هجمة المرحلة الحرجة من تغليب المصلحة الوطنية العليا على الانسياق وراء الولاءات الخارجية او الاستسلام للتبعيات. وايضا ان العراق اصبح مرتعا خصبا لتنافس القوى الكبرى واجهزة الاستخبارات الاقليمية في رسم المخططات والمكائد والمؤامرات سواء للهيمنة والنهب ام للتفتيت وزرع بؤر الصراع لكن هذا بدوره يحتم على القادة الواعين ان يكثفوا من تماسكهم الوطني ويعززوا صدق نواياهم بالسير وفق سياسة متوازنة مستقله وفي رسم الاولويات واعطاء التطمينات للمتخوفين من الوضع الجديد بان يبرهنوا بان العراق لا يقر الطائفية ولا التقسيم ولا الاتباع لاحد وان مسيرته مع صفه العربي والاقليمي ومن غير انحياز لاحد لتجنب البلد شراك الاعادي وتفويت الفرصة لمن يزرع الفتن ويقوي النعرات ويزرع الانشقاق والتمحور. صحيح ان هناك من يطوح بالمصالحة الوطنية وفتح الاذرع والصدور لها لكنها تبقى في اجواء صخب المهرجانات والمؤتمرات البروتوكولية والاستعراضية والخطب الحماسية بعيدا كل البعد عن صحوة الضمير والحوار الوطني البناء المنفتح المتسامح الشفاف الذي يسبر الاغوار فيعالجها والجراح الغائرة فيضمدها، وان العراق غني ويمتلك من مخزون ثروات ومناجم كثيرة، لكن ما وجه استفادة العراقي منها؟ فلم يجن العراق من ثرواته الا تفرعن الطغاة وانفاق الاموال الطائلة على السلاح وتبذيره في شن الحروب والدمار وملايين القتلى وعشرات المقابر الجماعية وملايين الارامل والايتام والجياع وذهابه في جيوب المفسدين الذين يبيعون حتى الدين بالنزر اليسير وابتلاعه من قبل الفاسدين والمتاجرين. ان لعراق يملك خزينا ومناجم من الشخصيات العلمية والوطنية واليبرالية والاكاديمية والنخب المثقفة لكن انعدام الامن وصولات المليشيات ودخان التفجيرات وصليل القذائف ودوي الرصاص، ثم سيادة حوار الطرشان! وهيمنة زعيق المتاجرين والنفعيين يحجب لغة الحوار الوطني الهادئ البناء وخطاب المصالح العليا في تحمل اعباء الاصلاح والاعمار والتقدم. ففي هذه الاجواء ظلت قوى الوعي الوطنية والليبرالية باهة او معدومة في مناخ عدم الاستقرار والاضطراب المخيم على العراق. كما وان القوى الليبرالية الوطنية الواعية تتحمل قسطا من المسؤولية لنأيها عن الساحة واكتفائها بالتنظير والنظريات التنويرية من على منابر الاعلام وندوات ومؤتمرات الاروقة الاكاديمية فلم تجند طاقاتها بالنزول الى الشارع وتبني مشاكل المجتمع المتشعبة المستفحلة الكثيرة:كالبطالة والطلاب والمرأة والعمال والفلاحين والكسبة والنفوذ الى تجمعات الجماهير واستنهاضها وتوعيتها وبيان مكامن الخطر المحدق. في ظل هذه الظلمات والظلامات يتحتم على كل النخب والجماعات المثقفة والليبرالية والوطنية ان تستشعر جسامة الاوضاع وخطورتها وان تبادر الى تبني مشروع سياسي اصلاحي وطني يعيد للعراق لحمته التاريخية ويحفظ وحدة تراب الرافدين وينشر العدالة وتوزيع الثروات ليحيى المواطن حياة حرة كريمة وياخذ العراق دوره في حمل راية الرسالات والحضارات ونشر العلم والسلام. ويعيد للعراق موقعه الحقيقي والاستراتيجي في عالمه العربي والايقليمي والاسلامي والدولي ويحترم كافة المواثيق والعهود الدولية ويبنى علاقاته على اساس المصالح المتبادلة بعيدا كل البعد عن التبعية والتمحورات . نحن نؤكد ان حل مسائل العراق مهما كانت عويصة لا تكون عبر الحلول الخارجية عبر البحار وصحيح نحتاج الدور العربي المساعد ولكن ليس بديلا ومع احترامنا للعرب جميعا فهم مغرقون في مشاكلهم المستعصية ولا نود ان نزيدها ويكفي تبنيهم لحل القضية الفلسطينية وبعد عشرات السنين لم تزدد فلسطين الا سوءا! فجعلت منها قميص عثمان فاهل العراق ليسوا قاصرين ولابحاجة الى قيم او وصى عليهم وهم ادرى بمكامن الخلل واجدر بحلها واقدر على تجاوزها اذا تركوا لوحدهم. في هذا الظرف العصيب المتفجر فان ما نخشاه حروبا شيعية شيعية شعواء سواء كانت عرضا ام مع سبق الاصرار وليس بين الشيعة والسنة لان لها ضوابط وقوانين. بعد سنوات من المعاناة والفتن والصراعات المستحكمة والمستديمة فلا يرجى للعراق خلاص من محنة ونجاة من مزالقه الا بطوي صفحة الماضي وبنبذ الخلافات و ومعالجت كافت الملفات الملغمة بروح الاخوة وبتكاتف جميع القوى الخيرة وبذل الجهود الحقيقية المخلصة وجعل المصلحة الوطنية العليا هي الاساس والمعيار وبايد عراقية وهذاما ينتظر بفارغ الصبر اذ وجود او لا وجود والجميع يردد بحماس اين الوطنيه..؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |