رعاياكم في الداخل، رعاياكم في الخارج
 

 

سميرة الوردي

mehmood.hamd@gmail.com

هل يشبه اليوم أمس، أم لابد من مرور كل سنوات العمر كي ندرك أن تغييرا جرى، أم نوهم أنفسنا بأن الأمس ولى ولا عودة له. من يعطيني صك يقين بأن ما يحدث اليوم سيزول من عراق الغد وأن الأمان والإطمئنان وسيادة القانون والديمقراطية والعقل والحق سيسود وهو قادم لا محالة .

إن الوجه الحضاري لأي امة هو شكل تعاملها مع أبنائها، نسير في أي بقعة أوأي دولة يشدنا الرقي الحضاري المتمثل بسلوك الموظف في دائرته، فأي موظف ومهما كانت درجة وظيفته، سلوكه مع مراجعيه يعكس الوجه الحضاري لتلك الدولة فما بالك بالعاملين في السفارات والقنصليات فهم بالتأكيد الوجه والعنوان لدولهم التي يمثلونها .

بالأمس أي قبل عشر سنوات أحوجنا قدرنا الأحمق الى جوازات عانينا الأمرين ودفعنا الاف الدنانير وشيئا من كرامتنا لنحصل عليها إذ في حينها ارتأت دائرة الجوازات أن تسلم الجوازات المنجزة لصاحبها عبر شباك أرضي لا يصل اليه الأنسان ذو القائمتين الا بإحناء جذعه والنزول قريبا من الأرض بوجهه وشحمه ولحمه لتصل يده ليد الموظف الواقف تحت ليسلمه جوازه، بالإضافة لسوء المعاملة والنرفزة الدائمة المنطبعة دوما في وجوه أغلب موظفي الجوازات المأمولين بالرشاوي ـ هذه للتذكير قبل عشر سنوات .

اليوم وبعد أن ذهبنا مرارا وبناء على توجيهات الفضائية العراقية وبعد إعادة اعلان الخبر عن توفر جواز فئة (g) ولحاجة أبنائنا الماسة لتجديد الجواز لإنتهاء اقامتهم وانتهاء العمل بالجواز القديم ولكونهم طلبة فهم بأمس الحاجة وبأسرع وقت لهذا التجديد لما يترتب عليه من إقامة غير مشروعة تجعلهم تحت طائلة القانون وقد تتسبب بحرمانهم من الدراسة التي ندفع مبالغ طائلة لها، وإبعادهم عن البلد وتغريمهم ماديا، والسفارة في كل بقاع الأرض من واجبها رعاية مصالح جاليتها .

وعند الذهاب أبلغونا بعدم توفر فئة (g) وانما تتوفر فئة (s) وهي تصلح لمدة محدودة ولذا أجبر أولادنا على التقديم على هذه الفئة وأعطوهم موعدا بعد عشرة أيام لتسلمه . وعند الذهاب بعد الموعد المحدد وانتظار الموظف المسؤول عن تسليم الجوازات أخرج الطلب من تحت كومة من الملفات وكان آخرها مما صدمتنا الحالة وبعد طلبنا من الوظف المسؤول تحديد مدة لتسلم جواز فئة (s) حدد موعدا لنا بعد اسبوعين، وعندما سألناه عن ضمانة تسلمنا في الموعد المحدد أجابنا بلغة متعالية أنا لا أضمن قدرتنا على تسليمكم إياه بهذا الموعد، وبعد قلقلة وفضح لسوء معاملته نادى علينا شاب في الشباك الذي جنبه تبين أنه استلم المعاملة ووضعها على الدرج ولولا مراجعتنا لها بعد خمسة عشر يوما لكان مصيرها (سلة الزبالة)، هل هذا هو التعامل الحضاري في قنصلية العراق، والمقامة في بلد يشهد انفجارا في البناء والتقدم .

سألته بعد أن استفزني موقفه ألم تشاهد البلاد التي أنت فيها، لو أحتجت أي معاملة لوجدت الكل يرحبون بك ويساعدونك على انجاز معاملتك إبتداء من أعلى موظف ولآخر فراش في غرفة الشاي (هذه للوافدين)، أما مواطنيهم فلهم القدح المعلا،أما نحن العراقيين والذين لا حول لنا ولا قوة فما زلنا نعاني من كل أنواع الفسادات التي استشرت في عقول الكثير من أبناء العراق،هذا البلد الأصيل والذي تضرب به الأمثال منذ فجر التاريخ بالتقدم والرقي،بلد الرقم الطينية التي سُجلت عليها أهم القوانين وأروع الملاحم الأدبية، مازال بعض أبسط الموظفين عندنا بيروقراطيا فاسدا ومفسدا، وعند قيام أي تحول سياسي لا يتسلق لتولي الأمور سوى النخب الفاسدة التي لها القدرة على التلون والتكيف لكل الأزمنة والسياسات.

إن العراق الذي مرغته الدكتاتورية منذ فجر التاريخ بأبشع المجازر ووسمت خارطته بالدم، من الشمال للجنوب مازال متمسكا بالدكتاتورية ولا أكثر دلالة على ذلك من تجيير الإنتفاضات والمقابر الجماعية التي انتزعت خيرة شبابنا وعلمائنا، ومازالت، لفئة ولأسماء لم تقدم أكثر مما قدمه برئ أو بريئة من سكنة المقابر الجماعية.

متى نرى الوجه الحضاري للعراق في أسماء مدننا وشوارعنا وسفاراتنا.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com