أحلام ماقبل السقوط (في الذكرى الخامسة للحرب على العراق وسقوط النظام الدكتاتوري)

 

 

 سناء صالح /هولندا

sanaelgerawy@hotmail.com

كثيرة هي الأحلام والآمال التي راودت الكثيرين من العراقيين وهم يرون جحافل المحتلين تقترب مما كان يطلق عليها جمهورية الرعب وبعبها المستأسد على أبناء جلدته،وقد أخذت آمالهم مديات بعيدة تصل الى جد ماهي هي إلاّ غمضة عين وسنكون على مقربة من المدينة النموذج، كيف لا وقد سخر لنا الله السيد بوش بقضه وقضيضه وتكنولوجيته التي يتفرد بها وستكون خيرا عميما على الشعب العراقي الذي سيرتدي قميص الديمقراطية وقبعة التحضر، وسيسير في ركب الشعوب المتقدمة وسيتجنب آلام المخاض والولادة المتعسرة،كل هذا بدون مقابل بل حبا وكرامة ولسواد عيون السادة الذين أتمروا في لندن وأربيل وغيرها من العواصم جزاء لهم عن نضالهم !! وصبرهم !! وزهدهم !!!وحبهم لشعبهم !!! وهكذا كان محبو الحرب يبشرون !! أصواتهم عالية يرفعونها بقوة المال يسوقونها ويروجون لها بوعود بمناصب رفيعة وعطاءات مجزية، وأصبح بوش الابن هو المنقذ الوحيد وهو رضوان مالك مفاتيح الجنان وليكن ما يكون . وهكذا ارتفع صوتهم ، واختنق صوت من جاهر بعدائه للحرب باعتبارها مجلبة للكوارث .

 وتغلغلت هذه الروحية الى الشارع المحروم من كل شيء، وانقسم البيت الواحد وانطلق المبشرون بالحمد والشكر للرجل الأبيض الطاهر الذيل والمحتد ينثرون سمهم الأخضر (الدولار ) على الموظفين والعمال الذين أذلهم الطاغية المختل بتجويعهم وإخواء عقولهم ، وتسلل ذلك بين أبسط الفئات ممن لاناقة له ولاجمل بما حصل أو سيحصل، من جماعة( الياخذ أمي أسميه عمي )المهم( السير يسير ويندهن الزر دوم ) !! تحضرني الآن رواية قصها لي ولدي بعد زيارته الأولى للعراق عقب السقوط مباشرة ، الرواية: تقول بأن إحدى السيدات المسنات البسيطات من أهالي مدينة من مدن الفرات الأوسط كانت توزع الثواب في كل يوم أربعاء،على عادة أهالي تلك المنطقة على روح المرحومة أم بوش (الابن ) باعتبار أنه قد أنعم عليها وعلى أسرتها برؤية الأخضر (الدولار ) فالواجب يحتم أن ترد له الجميل وخير ماتفعله أن تبعث بأكلة عراقية الى روح التي ربته فأحسنت التربية بعد تمتمة سورة الفاتحة وقل هو الله أحد . ولما قيل لها بأن أم بوش لازالت تتمتع بصحة جيدة انتابت السيدة نوبة إحباط .

والآن وبعد خمس سنوات من حرب ضروس بودي أن أراجع مع الذين رفعوا شعار نعم للحرب ودافعوا عنه بحماس منقطع النظير وأسألهم إن بقوا على حماسهم يوم ذاك :

 هل حقنت الدماء البريئة !!

هل بنيت المدارس والمعامل والمستشفيات !!

هل عاد المنفيون أصحاب الهجرة الأولى الى أحضان وطنهم !!

هل .... هل و ....هل ...

 علامات استفهام كبيرة وأسئلة تدور في ذهني وذهن الكثيرين ممن طووا أحلامهم ووضعوها في عقلهم الباطن يلجأ ون إليها كلما فاض بهم اليأس من تحقيقها، هي أحلام عادية جدا لاتخرج عن بيت صغير وراتب تقاعدي وأهل وأصدقاء والأهم من ذلك الإحساس بالأمان والثقة . أحلام قد تتحقق إن كان في العمر فسحة !!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com