|
أن جميع أنتفاضات وثورات العالم لم تأتي من المجهول وإنها ليست ظاهرة فجائية ومزاجية من غير جذور، بـل أنها مسيرة ذات أصول وقواعد تأريخية صلبة ومدروسة تمتدة عبر تأريخ كل مجتمع مكافح يطمح الى الأستقلال والتغيير . وأن الغاية من الثورات الشعبية في العالم هوتغيير النظام السياسي الكامل في البلد وليس فقط أستبدال الوجوه بوجوه أخرى . ولورجعنا الى ماكان عليه العراق أيام الأستعمار البريطاني وكيف أن الفصائل المتنوعة للشعب العراقي وتعدد الأفكار السياسية والتيارات الفكرية التي كانت سائدة تلك الأيام وموقفها أمام الأستعمار وكيفية التعامل مع الأحداث والنظرة المستقبلية للبلد، نـرى أن العراق كان يتكون ومازال من عدة قوميات مختلفة وهي العرب، الأكراد، الآشوريين، الفرس والتركمان، إضافة الى الأديان المتنوعة حيث أكثرية المسلمين، المسيحيين، اليهود، الصابئة والأيزيديين. مثلما كان يتالف المجتمع من ثلاثة طبقات :- الأولى الأقطاعيين والملآّكين للأراضي والعقارات والذين نموا برعاية خاصة من العثمانيين . والثانية الطبقة المتوسطة من التجّار وأصحاب الاعمال الحرّة والموظفين، والتي تعتبر الطبقة الواعية المدركة لضرورة التغيير، مع قلة نفوذهم في الكيان السياسي آنذاك . والثالثة الشريحة الواسعة من الفلاحين والعمال والتي كانت تقدر نسبتهم تلك الأيام 85 بالمائة، وهذه الطبقة كانت تعيش حالة الفقر والعوز وتعيش حياة هامشية وغالبا ما تكتفي بمجرد البقاء أحياء، مع ردائة مستواها الصحي المخيف، وأنتشار الأمية والجهل بين طياتها، وأنعزالها تماما عن الأحداث السياسية السائدة في البلد لأنهم مشغولين بقوت يومهم وعيالهم . وهكذا كانت هناك فئة أخرى الى جانب تلك الطبقتين تعرف بطبقة الأفندية وتتكون من كبار الموظفين والضباط العسكريين في العهد العثماني، إضافة الى زعماء العشائر والأقوام والوجهاء في المدن . والجدير بالذكر كانت هناك فئة ثانية وقوية التأثير في الشارع العراقي تعرف بالملاّئيه وهم علماء الدين وطلاب الحوزات والمدارس الدينية وكانوا يعيشون حالة الأستقلالية عن الحكومة، إلاّ طلاب الحوزات الدينية في مدينتَي كـربلاء المقدسة والنجف الأشرف كانوا يجمعون بين الدين والسياسة . يـتـبـــع
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |