|
مواجهات الأيام الستة الماضية في المحافظات الجنوبية وبغداد خفت حدتها واختفت الكثير من المظاهر المسلحة في الشوارع العامة وأخذت مظاهر الحياة الحذرة تدب في الشوارع بشكل تدريجي. يبدو ما تقدم هو إطار الصورة العامة التي قد يلاحظها المراقب الخارجي للمشهد المضطرب في العراق امنيا وسياسيا وإذا عدنا في الصورة إلى الوراء وقبل اندلاع المواجهات في البصرة والمحافظات الجنوبية والوسطى من العراق وما رافقها من مداخلات وملابسات تأسست على خلفية وعود إقليمية ودولية سبقت هذه الأحداث فإننا سوف نقترب قليلا من الصورة وفهم ملامحها التي ذابت أو غابت في خضم الإحداث الدموية التي جرت في الأيام الستة الماضية. الصورة قبل الإحداث قبل إن تبدأ المواجهة المسلحة بين حكومة المالكي والتيار الصدري والقطاعات المحرومة من الشعب العراقي دعا هذا التيار إلى اعتصام مدني سلمي في بغداد احتجاجا على تردي الأوضاع الخدمية والأمنية وهو حق دستوري إلا إن هذا الحق ممكن إن يسيس لصالح هذا المكون أو ذاك باستخدام أو تحريك عواطف البسطاء واستغلال أحلامهم البسيطة في تحقيق الأمن والأمان والرفاهية الاجتماعية وخرجت الجماهير في الشعلة في بغداد ونفذت الاعتصام السلمي إلا انه قوبل من قبل الدولة برد فعل عنيف وعدته عصيانا وانه يجب تطبيق قانون الإرهاب بحق كل من يستجيب لتنفيذ الاعتصام. من هنا بدأت نقطة الافتراق والتقاطع بين مكونين الأول يتمثل في الحكومة بشخص رئيس الوزراء المدعوم من المكونات الباقية في الائتلاف والتي تشعر إن قوتها مستمدة من الحكومة وتماسك المتبقي من المكونات فيه مثل المجلس الأعلى والدعوة الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء والحليف الكردي الباحث عن المكاسب والامتيازات حتى وان اختلف المكون الواحد ذاته وتحارب مع نفسه والطرف الآخر التيار الصدري الذي يعد نفسه انه صاحب الفضل الأكبر في فوز الائتلاف بالانتخابات الأخيرة وهو الذي اسند الحكومة وشخص رئيسها وهو الذي بادر إلى سحب وزرائه الستة من الحكومة لإعطاء المالكي فرصة التخلص من المحاصصة الحزبية والطائفية في توزيع الحقائب الوزارية واختيار وزراء تكنوقراط بدلا عن وزراء الكتلة الصدرية. وكانت استعدادات الحكومة العسكرية والأمنية تتحرك صوب الموصل التي شهدت اضطرابات أمنية وسقوط ضحايا مدنيين في تفجيرات عدة وذهبت هذه القطاعات لتطهير الموصل من إرهاب القاعدة على حد تصريحات زهير ألجلبي موفد رئيس الوزراء إلى الموصل وفي ذات الوقت كانت ديالى المحافظة المضطربة الأخرى تشهد مواجهات ساخنة من اجل استقرار الأمن وفرض سيطرة الحكومة عليها وكانت الانبار تشهد أيضا صراعا حادا على مستوى التصريحات الرسمية بين مجالس الصحوة ودعوتها إلى عناصر الحزب الإسلامي لترك مقراته في الانبار ومغادرة المحافظة وحددت مهلة بأيام للمغادرة كما شهدت محافظة كربلاء اضطرابات عنيفة واتهامات واضحة من التيار الصدري موجهة إلى حزب الدعوة والمجلس الأعلى لتصفية أعضاء التيار في المحافظة. الصورة إثناء الإحداث ترك المالكي كل تصريحاته وتهديداته للقاعدة والاقتصاص من قتلة العراقيين الأبرياء في الموصل وحزم أمره باتجاه البصرة واصطحب معه أربعة من الوزراء فضلا عن بعض المستشارين للقضاء على الخارجين عن القانون في ثاني اكبر واهم محافظة في العراق وتعد رئة العراق التي يتنفس بها باتجاه الخليج العربي. لماذا ذهب المالكي إلى البصرة؟ ولماذا تحولت المواجهة بين القوات الأمنية الحكومية والتيار الصدري؟ ولماذا انسحبت هذه المواجهات إلى المحافظات الجنوبية والوسطى؟ ولماذا أمطرت المنطقة الخضراء بالقذائف والصواريخ؟ ولماذا دعم بوش جهود المالكي؟ وماهو الدور الإيراني في هذه الأزمة؟ هذه الأسئلة كلها تحتاج إلى وقفة تفصيلية لايتسع لها هذا المقال الااننا سوف نجيب عليها في مقالات لاحقة على الرغم من إننا نبهنا في مقالات سابقة لاسيما بشان البصرة وماسيجري لاحقا وهاهي الأيام والإحداث تؤكد صحة ماذهبنا إليه سابقا من تحذيرات الاحتلال الإيراني لجنوب العراق.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |