ألأخ الدكتور / شيموئيل موريه*.. لاتحزن ياعزيزي فكلنا غرباء في وطننا !!
 

 

جلال جرمكا/ كاتب وصحفي عراقي/ سويسرا

عضوألأتحاد الدولي للصحافة وعضومنظمة العفوالدولية

tcharmaga@hotmail.com

قد يستغرب القارىء الكريم من عنوان المقال.. لابل يعتبر المسألة ومافيها مجرد مبالغة لاغير !! ولكنني أجزم وأصر على موقفي بأننا جميعاً صحيح( نحمل الجنسية العراقية أبا عن جد وعشنا وترعرعنا في العراق والعراق وتربة العراق وجبال ونخيل وأهوار العراق وبادية العراق تجري في عروقنا ) .. ولكن مع هذه وتلك أصبحنا غرباء بلاوطن وهوية !!.

• جيوش جرارة بأسلحة ثقيلة وعربات همر وطائرات أباتشي والشبح جاؤا من وراء البحار والمحيطات ونصبوا أنفسهم أسياداً علينا ونحن الغرباء والعبيد..!!.

• أناس لم ولن نسمع بهم لامن بعيد ولامن قريب جاؤا على ظهور تلك العربات وأصبحوا بين ليلة وضحاها مناضلون ووطنيون و صناديد حرروا العراق لذلك لابد أن يملكوا الشعب العراقي هاهم يعاملوننا كأنهم ألأسياد ونحن العبيد.. يتفضلون علينا حينما يوفرون لنا ساعة كهرباء في يوم وليلة أو لترات من النفط ألأبيض وبالسوق السوداء في أغنى بلد في العالم من ناحية وجود الذهب المصخم !!!.

• حرامية ولصوص وقطاع طرق وقراصنة تدربوا في (شيكاغو ونيويورك وواشنطون وطهران ولندن وأمريكا اللاتينية ودول أخرى ) عادوا غفلة من أجل سرقة العراق ببترولها وأثارها وماضيها ومستقبلها ومياهها وحتى ناسها !!.

• أخرون تلقوا دورات لسنوات وسنوات حول كيف ممكن أن تحرم العراقي من أبسط أنواع الخدمات ألأساسية وغير ألأساسية !!.

• أخرون عملوا وتدربوا لسنوات في مطابخ أعلام ألأسرائيلي وألأمريكي القبيح حول كيفية التعامل مع المواطن العراقي وتخريب نفوسه بالتدريج وذلك من خلال ألأجهزة ألأعلامية المرئية والمسموعة والمقرؤة القذرة .. هنالك كذا جريدة صهيونية وأمريكية ـ مخابراتية ـ يديرها عملاء وأقزام وجواسيس في قلب بغداد!!!.

• مصائبنا لاتعد ولاتحصى.. بعد عشرات المعارك..اليوم الشيعي يقتل الشيعي.. يطارد الشيعي.. يتهم الشيعي... لماذا؟؟؟...حتى لايستقر العراق !!!.

• وأخرون... وأخرون ... وأخرون ...

أيها الدكتور الجميل .. أيها العراقي ألأصيل حتى العظم / بالله عليك لا تحزن ، صدقني كلنا أصبحنا مثلكم لابل أكثر وكما ترون وتسمعون وتقرأون ، لذلك بالله ... أمانة الله .. أذا ما رأيت الوالدة هذه المرة في أحلامك قل لها :

هنيئاً لها لم ترى العراق كما نراها نحن ألأحياء !!!!... دعها تتهنى بذكرياتها الجميلة ألأصيلة عن بغداد ومحلات بغداد وشوارع وأزقة بغداد وبساتين بغداد ونخيل وحمضيات بغداد والنوم في سطوح المنازل وخبز عروك والهريسة وكباب ذاك الصوب وشربت الزبيب والسمك المسكَوف والزلابية والبقلاوة وكبة السراي والحاج فتاح و بيض الكَلكَ والشكرلمة والحلقوم والمسقول واليكستك وشعر بنات والشامية باللون ألأحمر وحمام النسوان ومحلات الصاغة والتبوغ وخياطة الصاية والزبون والدشاديش والسدارة البغدادية والعرقجين واليشماغ ومصلحة نقل الركاب والحيدر خانة والمهدية ومحلة الذهب وذاك الصوب وأمهات الكَيمر واللبن والصمون الحجري وخبز التنور وكعك أم السمسم وبقلاوة السيد وتمن باكَلة والطرشانة والبرياني والدولمة وكبة حامض والشلغم والزردة وخبز العباس والنذور وصواني الياس والحناء والشموع وخضر الياس ودجلة الخير وأغاني زهور حسين وعفيفة أسكندر وزكية جورج مهدية هوزوز وصديقة الملاية وأفندي أفندي عيوني ألأفندي والله يخلي صبري والمربعات البغدادية وشقاوات ألأطفال والعاب سبع حجارات وشنطرةوبلبل والطيارات الورقية والدعبل والشرطي والحرامي ورسائل الحب بين المراهقين والمراهقات ورسم قلب مضروب بسهم والدم يجري الى أن ملأ الحب لابل طفح وأكثر!! ونظرات خاطفة من وراء ستائر ألأبواب وياأم العباية حلوة عباتج وشجرة النبك ( العلوية ) في وسط الدار وزقزقة العصافير والزرازير وكوكوختي وين أختي بالحلة وشتاكل بالكَلة وشتشرب؟؟ ماي الله !! ومصيادات ألأولاد ومطاردة طيور الحمام وشكاوي النسوان :

يا أم عليوي ترة عليوي ثخنها .. اليوم كسر الشباج الله يقبلها ؟؟؟ مو أحنة أهل دأحجي وياه الله ينطيج !! و أصوات الهلاهل والمزيقا !! دادة أم حمادة هاي شكو؟؟؟... مادريتي مو اليوم حفلة ختان ستار بن أم ستار !!.. بالخير دادة بالخير صلواة على محمد وآل محمد .. وسينما غازي وروكسي وأسطوانات جقمقجي وعظمة ومتانة العلاقة بين ألأهل والجيران والغيرة والشهامة وحب الوطن وألأخلاص والدفاع عن الوطن وليالي بغداد والسمر في أبي نؤاس ولعبة المحيبس في رمضان وأعراس بغداد واللي مايزور سلمان عمره خسارة وبساتين الخس في الكرادة والطوبجي وحي السلام وباقات الرشاد والكرفس والريحان والكراث والفجل والمعدنوس .. وسوق حمادة وسيد أدريس والشيخ معروف وأبوسيفين وأبودودو والكسرة وألأعظمية والكاظمية وكمب سارة خاتون وشارع الرشيد وشارع ألأمين وساحة الميدان وفندق الهلال الكبير ومقهى أم كلثوم وشارع غازي ( الكفاح ) وساحة الخلاني والنافورة والفنارة وصناعة الحصران و الكريعات وبساتين النخيل والحمضيات و جواد وباقر الشكرجي وعكد ألأكراد وسينما فردوس وقمبر علي وباب الشيخ والشيخ عمر وشارع السمؤل ومحلات ألأفراح والكرادة والعلوية والصليخ وكَراج ألأمانة والصالحية وكرادة مريم وصبابيغ آلال والشورجة والصدرية وشارع النهر وساحة النهضة والوثبة والسنك والسعدون وحديقة غازي وبارك السعدون وساحة ألأندلس والتحرير والطيران وباب الشرقي والمسبح والمشتل وبغداد الجديدة والنعيرية والكَيارة والوزيرية والفضل وساحة السباع وباب المعظم وجسر الحديد وطوب أبو الخزام وسوق الهرج واليرموك وكمب ألأرمن والرحمانية والشواكة وعلاوي الحلة وخانات الجبن والتمور وألأصواف والخضروات والفواكه والدبس وألألبان وعربانات البيض والعمبة وثريد الباكَلة والعروك وكبة الحلب والشنينة والجاي ومناطق المأمون والمنصور وحافظ القاضي ...

أيها البغدادي الجميل :

خبر الوالدة بأن / سوق الغزل تحول الى مجازر.. في أكثرية أيام الجمع يسقط العشرات من ألأبرياء ذنبهم الوحيد أنهم يحبون الطيور والحيوانات ألأليفة !!.

خبرها بأن البغداديون لايستطيعون التنعم بنوم جميل وأحلام سعيدة في سطوح منازلهم بسبب القصف العشوائي من طائرات الضيوف وغيرهم !!!.

لاطعم لرقي ألأطراف ولا لبطيخ سامراء ولالقيمر السدة ولا لعسل وكرزات الموصل وبامية الحلة ودبس كربلاء وبهارات البصرة .. كلها مرة..لماذا؟؟؟... لاجواب !!!.

خبرها بأن ألأوغاد أحرقوا سوق المتنبي ... قتلوا العشرات من أصحاب المكتبات ذنبهم الوحيد أنهم يعشقون الكلمة والشعر والفلسفة والثقافة والفنون والمسرح !!!.

أحرق ألأوغاد ألأوباش عشرات الكنائس... أغتالوا عدد كبير من رجال الدين المسيحيين في بغداد والموصل والبصرة.. ذنبهم الوحيد أنهم يحبون ويعشقون السلام والمودة وألأخوة ووحدة العراق!!!... آلآف العوائل منهم تركوا البلاد وأتجهوا الى المجهول تاركين ورائهم ناسهم وأحبابهم وجيرانهم وذكريات الطفولة والكنائس والمقابر و.. و .. و اللهم الله !!.

خبرها بأن أسواق بغداد لم تعد تفوح منها رائحة الهيل والحناء والبخور وماء الورد والقرنفل .. كلها رائحة البارود والقتل والدمار !!!.

لا أثر للقهوة البرازيلية ولا أوروزديباك ولا مقاهي البرلمان والرصافي وحسن عجمي وشاي أبو الهيل وأغاني القبانجي والقندرجي وحسن خيوكة.. اليوم عصر أغاني / يمة كَرصتني العكربة !!!.

بالله عليك خبر الوالدة :

أن نخيل العراق لم تعد تلك التي تركتيها.. آلآف منها تمتنع من أعطاء ثمارها للمحتلين وجواسيسهم وعملائهم .. وأعداد كبيرة ماتت واقفة في مكانها بسبب عدم وجود أدوية لمكافحة ألأفات الزراعية... لاخستاوي ولا أشرسي ولاخضراوي ولا زهدي ولامكتوم ولا برحي ... ولاهم يحزنون !!!.

لم يعد البغداديون يتمتعون بالمقام العراقي.. لا الجواركَاه ولا الحكيمي ولا اللامي ولا البهيرزاوي ولا البيات ولا المحمودي ولا البينجكَاه ولا دشداشة صبغ النيل ولاكَهوتك عزاوي... ليس لديهم الوقت لهذه ألأمور لكونهم يرتدون السواد لأعزائهم وناسهم وجيرانهم !!!.

أرجوك خبرها بأن كل تلك ألأماكن وألأحوال أصبحت مجرد ذكريات وذكريات ..!! فهنيئاً لها لم ترى هذه ألأحوال التي جلبتها ديمقراطية أخرزمان !!!.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{قصيدة للشاعر العراقي ألأصيل / سامي المعلم واسمه الآن شيموئيل موريه }

مهداة إلى أخواتي وإخوتي العراقيين في كل مكان

قالت لي أمي: "ظلمونا في العراق،

وضاقَ المُقامُ بنا يا ولدي،

فما لنا و"للصبر الجميل" ؟

فهيا بنا للرحيل!"

وعندما بلغنا الوصيدا،

قالت لي: "يا ولدي لا تَحزنْ،

اللي ما يريدكْ لا تريدَهْ "،

هَمستْ: " يا حافرَ البير "

"بربكَ قلْ لي لهذا سببْ؟ "

ورَحلنا ...

وقبلَ رَحيلِها الأخيرْ،

قالتْ لي أمّي،

والقلبُ كسيرْ :

" أحنّ إلى العراق يا ولدي،

أحنّ إلى نسيمِ دِجلة

يوشوِشُ للنخيلِ،

إلى طينها المِعطار

إلى ذيّاك الخميلِ،

بالله يا ولدي،

إذا ما زُرتَ العراقْ

بعدَ طولِ الفراقْ

قبّلِ الأعتابْ

وسلم على الأحبابْ

وحيّ الديار

وانسَ ما كانَ منهم ومنّا!"

* *

هذه الليلة، زارتني أمّي

وعلى شـفتيـها عتابْ:

"أما زرت العراق بعدُ ؟؟؟؟

أما قبّلتَ الأعتابْ؟؟؟؟"

قلت: "واللهِ يا أمّي،

لِي إليها شوقٌ ووَجْـدُ،

ولكن "الدار قفرا، والمزار بعيدْ "،

بعد أن قتلوا مجد هرون الرشيدْ !

ففي كلِّ شِبر منَ العراقِ لَحدُ

ومياهُ دجلةَ والفرات، كأيامّ التتار

تجري فيها دماءٌ ودموعُ

تحطّمت الصواري وهوتِ القلوعُ

فكيف الرجوعُ؟

أماه، ليس في العراق اليومَ

عزّ ومجدُ،

لم يبق فيها

سوى الضياعِ والدموعْ!

أماه، كيف أزورُ العراق؟

أما ترين كيف يُنْحرُ

عراقنا الحبيبْ،

من الوريد إلى الوريدْ؟

ويَقْتلُ المسلمُ أخاه

فكيفَ بنا ونحنُ يهودُ !

خبّـريني بالله يا أمي !

كيف أعودُ ؟

ولمنْ أعودُ !

ونحنُ يهودُ ؟؟؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أجل يا دكتورنا الوطني الشجاع.. كلامك شهد جبلي...هاك كما ترى المسلم يقتل المسلم.. المسلم يقتل المسيحي.. فكيف بكم يا عزيزي؟؟؟ الستم يهود ؟؟؟.

أعتذر الف الف مرة .. ولكن هذه هي الحقيقة يا دكتور.. أصبحنا غرباء في بلدنا.. أناس جاؤا من الكواكب ألأخرى أستولوا على دوائر النفوس.. أحرقوا وأتلفوا كل السجلات القديمة.. دخلوا أسماء كل الغرباء في أجهزة الحاسوب !!! ياترى :

كيف السبيل الى أعادة تلك السجلات وأدخال أسمائنا في الحاسوب؟؟.

الحاسوب في غرفة حديدية ياسيدي ... لها الف قفل.. يحرسها أناس بأشكال ووجوه غريبة... الم أقل أنهم جاؤا من الكواكب ألأخرى ؟؟!!.

يا سيدي /

بالله أذا ما مرت بكم الوالدة ولو لثوان أخبرها بأن :

لاتحزن.. كلنا مشتاقون للديرة ولكننا لانستطيع الحصول على تأشيرة الدخول !!!.. وحتى لو دخلنا الديرة سوف لانجد غير الغرباء .. وألأهم لقد تغيرت كل ألأحوال.. فيا آسفاااه !!.

تحياتي لك أيها العراقي الجميل.. ورحمة الله على والدتك ألأصيلة التي لم ولن تنسى عاصمتها الحبيبة ... بغداد .. دار السلام سابقاً !!!.

* شيموئيل موريه - أستاذ الأدب العربي الحديث في الجامعة العبرية ... له مواقف وطنية بالعشرات ويرتبط بصداقات مع أكثرية أساتذتنا الكبار في الخارج.. جسمه في الخارج ولكن قلبه ينبض في العراق .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com