سلطة الظل والمخطط الرهيب
 

د. عبد علي عوض

dr.abidali@hotmail.com

عندما يرزح أي بلد عقود من الزمن تحت نير نظام ثيوقراطي إستبدادي، تكوّن رموزه الحاكمة تركيباً مافيوياً يبسط سيطرته على كل مفاصل الدولة، وهذا ما كان حاصل مع النظام الكتاتوري البائد، إذ أنّ رأس النظام وعائلته وأقرباؤه وقيادات حزبه هي التي كانت تعبث بالعراق خراباً وفسادا . لقد كانت متوقعة حالة الإنفجار بعد سقوط النظام الدموي، التي صاحبها كل أشكال الإنفلات والفساد وعلى جميع الصعد الأمنية والإقتصادية والإدارية والإجتماعية، والتي ولّدت بدورها مافيات الجريمة المنظمة المرتبطة ببعض القوى السياسية، يعني أنّ العراق تحول من مافية الدولة إلى دولة المافيات . وما يجري في البصرة من أحداث ما هو إلاّ تأثيرات تلك التجمعات الإجرامية التي حولت المدينة إلى إمارة طالبانية شيعية . إنّ تلك البؤر خلطت اوراقها وتغلغلت بين السواد الأعظم من المظطهدين، وبالتالي أخذت لها غطاءً شرعياً سياسياً، مما أعطاها إمكانية التدخل في كل صغيرة وكبيرة في أجهزة الدولة . أنّ العناصر المنبوذة الفاشلة في المجتمع عند تكوينها تنظيماً إرهابياً من أجل التسلق الى السلطة، أولى الخطوات التي تقوم بها هي السيطرة على ركائز الإقتصاد الوطني، وركيزة الإقتصاد العراقي الوحيدة هي النفط، وهذا ما قامت به في البصرة كبداية ومن ثم الزحف على مدن الجنوب والوسط لتأسيس إمارة طالبانية موسعة وبالتالي الهيمنة على وسائل الإعلام وجعلها تجمّل صورتها أمام الشعب العراقي بسبب سيطرتها على مصادر التمويل المالي .

لقد كان المخطط أكبر مما يتصوره الإنسان العادي، وأحد أسباب ظهوره، هو بعض ألأصوات النشاز التي تنعق مطالبةً بإقامة فيدرالية طائفية، وتلك الأصوات هي جزء من سلطة الظل التي تفرض ما تريد ومن تريد وتفعل ما تشاء .

لقد لاحظنا في الفترة الأخيرة ما يحدث في المجال الإقتصادي، فنجد عدم جدية الدولة بإعادة الطبقة الوسطى، التي تعتَبَر معيار إزدهار المجتمع وإقتصاده الوطني، لأنّ ذلك لا يصب في مصلحة سلطة الظل ! فعليه يجب أن تستمر حالة الفوضى الإقتصادية التي ولّدت حيتان وقطط سمان، وهذا ناتج عن كون مصير الإقتصاد العراقي حالياً بيد حفنة من البقالين وتجار ( علاوي المخضّر ) مع إحترامي للمهنة . بإختصار، ما تقوم به تلك السلطة المدمِّرة للبلد ذات التنظيم الهرمي هو عكس ما يجب أن يكون مناسب لتقدم البلد، فهي تسير ضد تيار التطور والإنتعاش الحضاري وقامت بعمليات الأغتيال بحق رجالات العلم والتقافة والرياضة، وزرعت محلها جراثيمها ذات عقول القرون البدائية . إنّ حملة القضاء على مافيات الجريمة في البصرة كشَفت أوراق كثيرة وبانت معادن صدئة، حيث ظهر خندقان في المنطقة الخضراء، أحدهما يتشّفى بنزيف الدم ويتمنى بالعراق العودة إلى نظام العبودية البائد، والآخر إتّخذ موقفاً جباناً بإلتزامه الصمت، ليرى إلى أية جهة تميل كفة الميزان . إنّ هذان الخندقان يمثلان مرضاً صرطانياً خبيثاً في وسط المجتمع والدولة، فيجب إستئصاله .

أتمنى على السيد رئيس الوزراء الأستاذ نوري المالكي، بعد إنجاز حملة التطهير في البصرة أن يكملها في المنطقة الخضراء، بتعريته تلك الحثالات أما الشعب وسوقهم إلى القضاء .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com