|
مواجهات الأيام الستة أثارت الكثير من الأسئلة التي عرضنا لها في الحلقتين السابقتين إلا إننا نسعى في هذه المقالة إن نجيب على بعض من هذه الأسئلة التي تمت إثارتها سابقا وهي نابعة من صلب الإحداث إن لم نقل عجلت الإحداث ومجرياتها السريعة في إثارتها مجددا ولابد من الإجابة تفصيليا حتى لا يلتبس الأمر مرة أخرى على المواطن المتضرر من الإحداث ذاتها. كشفت التقارير الأخيرة والتي سربتها بعض الصحف الأمريكية عن دراية الإدارة الأمريكية بالعملية الأمنية لحكومة المالكي في البصرة وهذا الكشف يؤكد التنسيق الأمريكي مع حكومة المالكي على هذه الخطوة والأهداف المرجوة منها وقد تعالت أصوات كثيرة من داخل البرلمان العراقي المنتخب معترضة لعدم معرفتها بخطة المالكي الأمنية. منذ بدء الخطة وتوجه المالكي لقيادتها ميدانيا توجس التيار الصدري منها وجرى ما جرى من إحداث دموية وهنا نفهم سر دعم بوش للخطة وعدها اختبارا لقدرة الحكومة في مواجهة الميليشيات لاسيما جيش المهدي الذي يمسك الأرض في الجنوب وكذلك دعم الحكيم رئيس المجلس الأعلى لهذه الخطة. ذهب المالكي إلى البصرة مدعوما من الائتلاف الذي انسحب منه التيار الصدري 30 مقعدا وحزب الفضيلة 51 مقعدا ولم يبقى له في البرلمان إلا 85 مقعدا وهذه الانسحابات أبقت تحالفه مع الكرد 55 مقعدا حتى يصل إلى نسبة النصف +1 التي يحتاجها في تمرير بعض القرارات في حين إن المقاعد 45 التي خسرها من انسحاب الصدريين والفضيلة كانت تمكنه من تحقيق أغلبية الثلثين في البرلمان والتي تمكنه من تمرير القرارات الإستراتيجية التي يطلب منه تمريرها من دون خلق متاعب اعتراضية من هذه الكتلة أو تلك. هذا الوضع الجديد الذي وجد الائتلاف نفسه فيه من جراء الانفراد الكتل الكبيرة في القرار هي التي وضعته في هذا الموضع الحرج والتي جعلته دائم الحاجة لدعم التحالف الكردي له وهو دعم مشروط باتفاقات وأجندات سبق التفاهم عليها قبل المصادقة على حكومة المالكي وإجبار الجعفري على تنحي والإصرار في البقاء على رأس الحكومة وكان على المالكي أو الائتلاف بشكل عام إن يفي بتعهداته والتزاماته وفق الدستور بشان مسالة كركوك مع نهاية عام 2007 إلا إن الموضوع لم يحسم ومدد إلى ستة أشهر إضافية وقد استلم التحالف الكردستاني عدة إشارات عن موقف المالكي من هذا الموضوع والذي لا يتطابق مع التوجهات أو المطالب الكردية وان عموم المحافظات العراقية ولاسيما الجنوبية سوف تعيش تنافسا حادا اومتاقطعا في الأشهر الأخيرة من هذا العام وتحديدا في تشرين الأول على الفوز بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات المجالس المحلية في تلك المحافظات . الإدارة الأمريكية تعلم بالخطة ودعمت المالكي وهي تدرك جيدا الهدف المطلوب من وراء هذه الحملة هو تحجيم النفوذ الإيراني في جنوب العراق الذي أصبح قوة مهيمنة من خلال انتشار قوة القدس وعناصر اطلاعات الإيرانية وهذا الوجود أصبح مصدر قلق للقوات البريطانية والأمريكية ونقطة إمداد عناصر الداخل بالمال والسلاح لتكريس الهيمنة الإيرانية أو الاحتلال الإيراني للجنوب في مواجهة الاحتلال الأمريكي وهو ايضا اختبارا أمريكيا للمالكي وحكومته في هذه المواجهة وحسم ولاءه لأي طرف يميل إذ لا يمكن له إن يبقى ممسكا العصا من الوسط وهو ما يلتقي مع طموحات الحليف الكردي الذي ساند خطة المالكي والإدارة الأمريكية تدرك إن الائتلاف بمكوناته لاسيما الأحزاب التي انشات في إيران لازالت موالية للنظام الإيراني أكثر من موالاتها للجانب الأمريكي الذي جاء بها على رأس السلطة وإذا ما نشبت المواجهة بين المجاميع الشيعية فان تقليم الأظافر فيما بينهما يصب في مصلحة الجانب الأمريكي وإذا لم تفلح جهود المالكي في فرض سلطة القانون فانه يصب في مصلحة الجاني الأمريكي في تكريس احتلاله للعراق بذريعة ضعف القوات الحكومية في مواجهة الميليشيات وان هذا الأمر يعد هزيمة للحكومة والمجلس الأعلى وهو الامر الذي سيدفع الآخرين من الائتلاف وخارجه إلى إعادة تحالفاتهم وإعادة ترتيب الخارطة السياسية مجددا إذ إن هذه الإحداث سوف تترتب عليها الكثير من المتغيرات في الخارطة السياسية الحالية وذلك لحماية المكاسب والمصالح والامتيازات للمرحلة المقبلة. مواجهات الأيام الستة كشفت أيضا للجانب الأمريكي إن إيران قادرة على تأجيج عناصرها على الساحة العراقية وزعزعة الوضع الأمني لاسيما وان هذه الإحداث العنيفة جاءت بعد أيام من تصريحات المالكي على نجاحات حكومته في تحسن الوضع الأمني والذي بدا هشا لا يستحق للحكومة إن تتفاخر به وابلغ رسالة في هذه الإحداث هو القصف اليومي المكثف للمنطقة الخضراء. إن القراءة الموضوعية للإحداث في أيامها الستة لابد إن تؤدي إلى مقاربات واقعية إن الأرض العراقية مخترقة إيرانيا وبشكل واضح وان كثير من المكونات السياسية المشاركة في العملية السياسية تدين بالولاء لإيران أكثر مما تدين بالولاء لأميركا أو العراق وان كل الحوارات التي دارت بين الجانب الأمريكي والإيراني حول الشأن العراقي هي هواء في شبك لم تثمر ايجابيا وإنما كرست الهيمنة الإيرانية في العديد من المدن العراقية ولابد من تصحيح هذه الأوضاع حتى يستقر الواقع العراقي الأمني الذي يبقى يمور تحت الرماد حتى وان خفت لهيب الصراعات السياسية والتنافس في السيطرة على ثروات البلاد. إلا إن هذه الإحداث كشفت من جانب آخر تلاحم العشائر العراقية في الجنوب ووعيها العالي في خطورة الاحتلال الإيراني ولابد من قطع اذرع هذا النظام الأخطبوطي الظلامي وان توحد جهود هذه العشائر مع الجهد الوطني العراقي المقاوم لاحتلال هو الطريق الصحيح لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح كما تعالت الأصوات في العالم إلى ضرورة تحجيم الدور الإيراني في عموم المنطقة وتقليم أظافره ولن يتم ذلك إلا بدعم المقاومة الوطنية في الداخل الإيراني تلك المقاومة التي تواجه بطش الملا لي اليومي وتزعزع نظامه وتزيد من عزلته الداخلية كما لابد من دعم المقاومة في الخارج التي أثبتت للعالم اجمع أنها القوة الوحيدة القادرة على إحداث التغيير الديمقراطي داخل إيران وهذا لا يتم إلا برفع القيود الظالمة التي فرضت على المجاهدين والأحرار الممثلين في منظمة مجاهدي خلق التي أقلقت نظام الملالي بقوة حضورها في الشارع الإيراني الذي راح يتطلع لساعة الخلاص التي باتت قريبة جدا.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |