|
توقفت المواجهات في البصرة في اللحظة الذروة وبشكل دراماتيكي غير ممهد له على مستوى القواعد المتحاربة مما اثأر دهشة واستغراب هذه القواعد لاسيما في صفوف جيش المهدي الذي كان يعتقد انه حقق مكاسب قتالية في هذه المواجهة على القوات الحكومية مما دفع رئيس الحكومة إلى تصعيد لهجة خطابه الإعلامي في هذه المعركة واصفا التيار الصدري بأنه اسوأ من تنظيم القاعدة. استغراب القواعد أتى من عدم مناسبة التوقيت ومصدره, فقد جاء التوقيت في ذروة اشتباك المواجهات في معظم مدن الجنوب والوسط باستثناء محافظة النجف التي استثنيت من هذه المواجهات باتفاق الطرفين الحكومي والتيار الصدري وهو أمر يثير أكثر من علامة استفهام وأول هذه العلامات كيف يمكن لمواجهة شاملة كما بدت إن تستثني منطقة دون أخرى؟ اشتدت المواجهة في أيامها الأولى وصارت القوات الحكومية في موقع حرج بعد إن امتدت المواجهات خارج البصرة وأدركت الحكومة والائتلاف إن زمام الأمور سوف يفلت من بين أيديهم لصالح الصدر وتياره وهنا لابد من خطوة حاسمة لوقف هذه المواجهات حتى يبقى زمام الأمور في أيدي الحكومة التي أرادت إن تفرض أجندتها السياسية في هذه المحافظات قبل بدء الانتخابات المحلية. هذه المواجهات سواء اندلعت بين القوات الأمنية الحكومية والعصابات الخارجة عن القانون (مافيات تهريب النفط والسلب والقتل والاختطاف) على حد تصريح الحكومة أو كانت مواجهات بين الحكومة وجيش المهدي أو بين جيش المهدي وقوات بدر بإسناد الحكومة والدعم الأمريكي فإنها جميعاً تصب في خانة المصلحة الأمريكي والتي تهدف إلى إضعاف كل الإطراف الشيعية التي صارت هيمنتها على القرار السياسي والشارع بشكل عام مصدر قلق بالنسبة لها لما تحمله هذه المكونات من ميل واضح لصالح النظام الإيراني كما أنها بتمزيق هذه المكونات الشيعية المسلحة سوف تضعف أو تحد من النفوذ الإيراني في منطقة جنوب العراق ووسطه. هذا من جهة ومن جهة أخرى سوف تتخندق مكونات سياسية أخرى مشاركة في العملية السياسية وغير معنية بهذه الصراعات التي يهدف من وراءها تحقيق مكاسب سياسية مستقبلية قبل تطبيق قانون الأقاليم مثل جبهة التوافق والقائمة العراقية ومكونات أخرى وتسعى هذه المكونات لاحقا إلى إن تتحرك باتجاهين حسب مصلحة هذه المكونات إما إن تتجه إلى التكتل مع الحكومة وإسنادها في حربها مع الميليشيات المسلحة أو أنها تصطف مع آخرين في حجب الثقة عن الحكومة. هذان الاحتمالان واردان في الحسابات السياسية والبرلمانية ولكل احتمال نتائجه, فإذا ذهبنا وراء الاحتمال الأول هو دعم إجراءات الحكومة في مواجهة المجاميع المسلحة والخطوة الأولى بدأت مع المجاميع الشيعية فان الخطوة اللاحقة مع المجاميع المسلحة السنية وفق المخطط الأمريكي المرسوم سلفا والذي سيكون مدعوما من مجالس الصحوات في تلك المناطق والتي لديها مشاكل حقيقية مع ميليشيات الأحزاب السنية الإسلامية وستكون أيضا حرب مصالح ونفوذ واثبات وجود بين هذه المجاميع المسلحة والصحوات الداعمة للحكومة كما أنها ستكون من جانب أخر استنزاف لجهد الحكومة الأمني والذي سيؤدي إلى تسرب الكثير من العناصر الأمنية التي تنتسب لهذه المؤسسة وهي لاتملك أصلا الؤلاء الكافي للعمل في هكذا مؤسسة قتالية وإنما دفعتها الحاجة المادية إلى البحث عن دخل شهري محدد وثابت من خلال العمل في هذه المؤسسة العسكرية. إما الاحتمال الثاني وهو حجب الثقة عن الحكومة فانه سيحدث تصدعا كاملا في العملية السياسية ولن يتم تحقيق هذا المطلب بالنسبة للداعين له وذلك لامتلاك الائتلاف 85 مقعدا برلمانيا مع أصوات الحليف الكردي 57مقعدا مما يدلل على إن هذا التكتل الائتلافي التحالفي يملك أكثر من نصف أصوات البرلمان وان أي تصويت على حجب الثقة عن حكومة المالكي سوف يتم إفشاله برلمانيا وستبقى العملية السياسية في العراق مشلولة وستشهد تخندقات ومواجهات عنيفة بين كل الإطراف المعنية بالعملية السياسية الحالية وهي حرب مكاسب وامتيازات ومصالح يذهب ضحيتها الأبرياء من العراقيين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |