|
حين يرحل الموت ويحل السلام! كانت الأم واقفة في المطبخ تعد وجبة طعام الإفطار لطفليها قبل حلول موعد الدوام المدرسي، عندما سمعتهما يتحاوران عن رحلتهما المدرسية إلى المتحف البريطاني في منتصف الفصل الثاني من السنة الدراسية، ولأنها كانت حاضرة معهم في هذه الرحلة التعليمية كمتبرعة بوقتها ومجهودها على اعتبارها من الأمهات اللواتي غالبا ما تطلب منهن إدارة المدرسة المساعدة في تنظيم الرحلات المدرسية، فقد أنصتت لهما وهي فرحة مكبرة بهم حبهم الفطري للعراق رغم أنهم لا يعرفون هذا الوطن سوى من الحكايات والقصص التي كانت ترويها لهم عن أيام طفولتها هناك، سمعتهما يتحدثان عن محتويات المتحف الكبير المترامي الأطراف من حيث عدد الأروقة والصالات التي تحتوي على آثار عصور وشعوب ما قبل التاريخ، من ضمنها حضارة وادي ما بين النهرين، فالمتحف يضم قطعاً أثرية من بلاد الرافدين مثل باب عشتار العظيم والثيران المجنحة وألواح طينية تحكي معارك وملاحم آشورية . تتذكر.. قالت مريم لأخيها علي.. عندما كانت(المس) تشرح لنا معاني بعض الكلمات المكتوبة على القطع الأثرية التي تظهر صورة رجل وادي الرافدين البطل كما يبدو من ملامحه و هو يصطاد الأسود البرية، أتذكر يومها كيف نهضت من مقعدك قائلا وبصوت مسموع .. أنا مس هذا أنا، وقتها ردَت المعلمة ضاحكة نعم هذا هو أنت يا علي إنه يشبهك!...صحيح يا مريم حتى أنت تسمرت أمام النقش القديم الذي كان لنساء تلك الحضارة الضاربة في القدم والحلي السومرية التي طلبت منا المس رسمها على الورق .. أتذكرين؟ نعم أذكر وقد رسمت حينها قلادة سومرية أهديتها إلى أمي. هنا توقف الأولاد عن الكلام لينظروا إلى الوقت ..ماما هيا هل أعددت لنا الطعام؟ لقد تأخرنا عن الدوام .. أجل أبنائي الصغار كل شيء جاهز لكني سرحت في الحديث الجميل الذي دار بينكما ..كم هو شيق ..وهل تريدان الذهاب إلى العراق من أجل رؤية حضارة وادي ما بين النهرين عن كثب؟ أجابا معاً وبصوت بريء واحد نعم يا أمي لكن حين يتوقف قتل الناس هناك! ويحل الحب والسلام مكانه ويعود رجل بلاد الرافدين ينقش لوحات جميلة كالتي رأيناها في المتحف...ضحكت الأم نعم أحبتي كلامكم صحيح ومهم فهناك دائما أمل في رسم لوحات الجمال العراقي الأصيل من الشمال حتى البصرة غابة النخيل.. والآن دعونا ندعو الله الخالق المنان أن يمن على العراق وأهله الصبر الوافر المصحوب بالعمل الجاد من أجل رفع أنقاض الماضي الأليم والحاضر السقيم عن وجه مدنه العصية على سراق خيراتها العابثين بثرواتها دون أدنى حياء أو ذمة. أعتقد أن الوقت قد أزف وعلينا الانطلاق إلى المدرسة ..سنكمل الحديث لاحقا، أليس كذلك يا ماما؟ نعم يا بني بعد أن تكمل دراستك وتصبح رجل وادي الرافدين الذي تحب وتتمنى. رسالة علي الصبي العراقي المغترب هي..أرحموا العراق وشعبة يرحمكم الله..قالها عندما تسلم رسالة شكر من طفل يتيم كان قد كفله هو وزملائه من الصف السادس الابتدائي الذين يدرسون في مدرسة الهدى العربية في العاصمة البريطانية لندن..أنظروا إلى رسالة اليتيم معنا وتمعنوا في الكلمات. أنا اليتيم محمد مجيد عسكر..ادرس في الصف السادس الابتدائي. شكراً..مدرسة الهدى العربية لمساعدتي فأنا أفرح كل شهر، وأشتري حاجات وكرة قدم وحذاء رياضي حتى ألعب مع أصدقائي في المحلة . تعالوا لبيتنا أصدقاء..أنا ناجح في نصف السنة وأحب معلمتي والتلاميذ. نكبر حتى نبني العراق. ونقول ..من الذي أيتمك رغم صغر سنك يا محمد؟..من؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |