|
كانت خطة الحكومة كما أعلن المالكي وأعضاء كثر من الائتلاف تهدف لمواجهة مافيات تهريب النفط والقتل والاختطاف والسلب وإذا كان هذا الهدف الحقيقي من وراء هذه الخطة الأمنية فانه يكون من صلب إعمال الحكومة في فرض القانون وتحقيق الأمن والأمان للمواطن إلا إن أيام المواجهة كشفت المستور في هذه المواجهات التي أريد من وراءها تحقيق مكاسب سياسية خاصة بعوائل متنفذة في السلطة الحكومية أو الاجتماعية. إذا عدنا إلى الوراء قليلا ونظرنا إلى الخارطة السياسية في البصرة سوف ندرك إبعاد هذه الحملة الأمنية التي نفذت بأدوات الحكومة العسكرية والقتالية وبدعم من المجلس الأعلى بقيادة الحكيم للحد من نفوذ القوى الدينية في المحافظة والتي سيطرت على مقدرات المحافظة الاقتصادية وصارت قوة متنفذة على ارض الواقع لا يمكن اجتثاثها من مواقعها سياسيا أو عبر الانتخابات المقبلة وإنما يمكن تحقيق ذلك بقوة الحكومة وإسناد الفصائل المسلحة للمجلس من قوات بدر وصحوته التي شكلت مؤخرا. فقد امسك بار دارة السلطة في المحافظة حزب الفضيلة باعتباره قوة رئيسية وكان هذا الحزب ضمن تكتل الائتلاف الحاكم بالأغلبية ويمتلك 15 مقعدا برلمانيا وكان الفضيلة ومن خلال مواقف أية الله اليعقوبي في حالة تقاطع مع الكثير من المواقف التي يتخذها الائتلاف أو الحكومة وتلك المواقف معلنة وأدت بالنتيجة إلى التقاطع بين الحزب والائتلاف وانسحاب الفضيلة من خيمة الائتلاف وذلك لهيمنة المجلس على قرارات الكتلة مجتمعة. ويأتي بالدرجة الثانية في بداية الأمر التيار الصدري والذي كان مكون رئيسي في الائتلاف ويملك 30 مقعدا برلمانيا أسوة بالمجلس الأعلى الذي يمتلك الحصة ذاتها برلمانيا والذي انسحب من الائتلاف لعدم تجانس أو تطابق المواقف السياسية أو المصالح السياسية بينهما والذي استطاع بحكم انتشاره في الأرض إلى إن يتحول إلى قوة رئيسية تمسك بالقاعدة الجماهيرية الواسعة والتي تستطيع إن تحركها متى ما تشاء, إما في المرتبة الثالثة فتاتي المنظمات الأخرى مثل ثأر الله وحزب الله وغيرها من الحركات. وإذا أردنا إن نتفحص أجندة هذه الحركات والأحزاب بما فيها الدعوة والمجلس باعتبارها إطراف مقابلة في التنافس والصراع والهيمنة فإنها أجندة دينية مرتبطة بتوجهات سياسية إيرانية تريد إن تفرض نفسها في النسيج العراقي وان جميع هذه الحركات والأحزاب مدعومة عسكرية وماليا وسياسيا من قبل النظام الإيراني وتوجه عملياتيا من قبل الحرس الإيراني واطلاعات الإيرانية التي اتخذت من البصرة قاعدة ونقطة انطلاق إلى باقي المحافظات العراقية الأخرى. هذه هي الصورة الواقعية للخارطة السياسية في البصرة وارتباطها بالأجندة الإيرانية بالنسبة للطرفين ويبقى السؤال إذا كان كلما ذكر سابقا صحيحا فلماذا المواجهات الدموية إذا؟ هذا السؤال المعقد والشائك لا يمكن الإجابة عليه بسهولة إذ لابد إن تكون هناك قراءة لواقع علاقات هذه الإطراف المتشابكة والمصالح المتقاطعة لجميع إطراف المشهد السياسي الحالي في البصرة حتى نتمكن من فهم حقيقة الصراع الذي دار في البصرة ولم يتوقف حتى ألان وان يبدو في ظاهر الأمر انه توقف بشكل مؤقت لان الحالة السياسية محتقنة وتشهد مساومات وصفقات من تحت الطاولة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |