|
"اذا كان الكلب ثريا ، قالوا له : سيدي الكلب " (مثل هندي) تركت بلاد الهند، باختلاف دياناتها، وتعدد شعوبها، وتنوع ثقافاتها، أثراً ضخماً على أولئك الكتّاب الأوروبيين الذين زاروها لفترة غير قصيرة، أو عملوا مع السلطات البريطانية المستعمرة للهند في فترات معلومات من القرن العشرين. من هؤلاء، الروائي البريطاني جورج أورويل (اسمه الحقيقي: اريك آرثر بلير) الذي ذاع صيته بعدما كتب روايتي: “مزرعة الحيوان”، و”1948” من بين روايات أخرى ناقشت هموماً اجتماعية، وقضايا أخلاقية، تصدى لها هذا الكاتب اليساري، الذي اكتشف بعد زيارة إسبانيا، حيث شارك في الحرب الأهلية الإسبانية الى جانب الجمهوريين، أن الأحزاب الشمولية، محافظة وراديكالية، معادية للإنسان، لأنها لا تفهم شوقه للحرية. لقد أثرت رواية “مزرعة الحيوان” في الأجيال العربية من الأدباء الذين نشأوا مع المد العالمي المعادي للرأسمالية والفاشية والشمولية السوفييتية، لأنها بقلم كاتب يساري، فطرب لموضوعها المحافظون ولأنها تكشف تسلط الفئة المتسلطة، أي فئة متسلطة، فطرب لها أولئك الاشتراكيون اليساريون الحالمون. ومن الطريف في هذا الصدد، أن أورويل كتب “مزرعة الحيوان” بعد تجربته المريرة في إسبانيا، كما أوجزت منذ قليل، ولكنه وضع أحداثها في “مزرعة حيوانات”، يديرها رجل اسمه “جونز”، وحكماؤها من الخنازير، الذين ورثوا المبادىء الشمولية، من خنزير اسمه “ميجر”، وهو الذي هيّج الخنازير، فقد كان خطيباً مدهشاً ومفوهاً، وليقود ثورة الخنازير من أجل التحرر والفرص المتساوية والمجتمع المتكافئ. لكن قانون الطبيعة أقوى من قوانين المزرعة، فينفق الخنزير العجوز: “ميجر” ليتولى القيادة بعده ثلاثة من الخنازير الصغار هم: “سنوبول” و”نابليون” و”سكويلير”، والذين عاشوا في مستعمرة مصغرة للحياة ذاتها، تحكمها طبيعة المجتمعات الطبقية التي تعكس آثارها على الأفراد أيضاً. وهكذا ينشب صراع خفي بين الثلاثة، رغم انهم يبدون متفقين في الظاهر، لا سيما تحت مظلة “الغسيل الإيديولوجي” التي يقودها الخنزير “سكويلير” الذي كان مسؤولاً عن الإعلام في تلك المزرعة، وهو الشخصية التي كانت محط دراسات مستفيضة. في البدء، تم تفسير “مزرعة الحيوان” بأنها انتقاد شرس للتجربة السوفييتية، غير أن نقاداً غربيين شرفاء وواعين، قالوا إن هذه الرواية كشف حقيقي، وموقف ضميري إزاء كل ما يناقض السوية الانسانية، وشدد هؤلاء النقاد، على أن “خنزير الاعلام، سكويلير” هو مستنقع الفساد، لأنه لا يتورع عن الكذب، حتى على الخنازير القيادية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |