|
ارتبطت الأحزاب والحركات الدينية المتصارعة على السلطة والنفوذ في البصرة بأهداف وتوجهات النظام الإيراني الراعي والداعم لوجود هذه الحركات والأحزاب وهي ذاتها التي بقيت تتصارع مع القوات البريطانية من اجل انسحابها من البصرة وترك الساحة البصرية مفتوحة للنفوذ الإيراني المتنافي في المحافظة وقد تحقق لها ذلك في أواخر العام الخامس من الغزو الأمريكي للعراق وهو الامر الذي أغاض الأمريكان والحكومة العراقية في آن واحد لاسيما وان المحافظة أو المحافظات الجنوبية والوسطى مقبلة على تغيرات سياسية كبيرة بعد إن تم طرح قانون الأقاليم في البرلمان قبل أكثر من سنة وأوشك على تطبيقه قريبا. الجميع مرتبط بالأجندة الإيرانية وأمريكا ترغب بتصفية هذا الوجود الإيراني المقلق لها وإيران أيضا تريد إن تخوض حربا مع أمريكا غير معلنة على الأرض العراقية بأدوات عراقية ودعم إيراني وهذا هو جوهر المشكلة وأساسها في مواجهات الأيام الستة التي راح ضحيتها المئات من الجرحى والقتلى العراقيين واتضح الصراع على أشده بين عائلة الحكيم التي ساندت المالكي في حملته بعد المباركة الأمريكية لهذه الحملة وعائلة الصدر وحشد كل منهما أنصاره ومؤيديه لهذه المواجهة الدموية التي ستنعكس أثارها على الانتخابات المحلية في تشرين الأول من هذا العام. تريد هاتان العائلتان السيطرة التامة على البصرة وعلى منابع النفط فيها حتى تتمكن من الهيمنة على القرار السياسي في المحافظة أو المركز في بغداد وأراد المالكي المدعوم من الائتلاف إن يثبت قوة وفاعلية القوات الأمنية وجاهزيتها في مواجهة المجاميع المسلحة كما أرادت إيران إن تحرج المالكي ولو لحين محدد لذهابه بعيدا باتجاه أمريكا وسعي حكومته لتوقيع اتفاقية أمنية بعيدة المدى مع الأمريكان والتي تعدها إيران تهديدا صريحا لوجودها وهي التي دعت إلى رحيل القوات المحتلة عن العراق وأعلنت ذلك صراحة من المنطقة الخضراء إثناء زيارة نجاد إلى بغداد. إن فهم هذه المداخلات وتشابك الصورة في تلك المواجهات من خلال الاتفاق على استبعاد النجف من المواجهات والتي تعد المركز الديني والسياسي لهاتين العائلتين وكذلك هرولة أعضاء من الائتلاف في المجلس الأعلى وحزب الدعوة جناح المالكي إلى إيران للقاء الصدر من اجل التهدئة وإيقاف المواجهات بعد إن شعروا بالخطر الذي بات يهدد العملية السياسية وفشل المالكي في حسم الأمور لصالح الحكومة وهو الأمر الذي أدى إلى تدخل إيران في إيقاف المواجهات إذ أنها لاتريد للعملية السياسية إن تنهار وإنما تريدها إن تكون ضعيفة وتابعة لها لا ان تذهب بالاتجاه الأمريكي ونفت شخصيات من الائتلاف هذا الاتفاق لأنها لا تريد إن تعلن عن ارتباطها بإيران صراحة ولكن محسن عبد العزيز الحكيم أعلن صراحة عن حدوث هذا اللقاء والدور الإيراني في إيقاف المواجهات وهو الأمر الذي دفع بعدد من الشخصيات في الكونغرس الأمريكي للمطالبة بالتحقيق في هذا الأمر وكيفية توقفها المفاجئ إذ إن الأخر يقرأ الأمور قراءة مغايرة لقراءة العوائل المتحاربة وان كانت هذه العوائل من طائفة واحدة وهو ما سيحدث شرخا كبيرا في العلاقة بين الحكومة والأمريكان ولو إن مجلس الأمن السياسي العراقي في اجتماعاته الأخيرة أراد إن يرمم الصدع السياسي ويظهر الحكومة والعملية السياسية الجارية في العراق بأنها متماسكة وموحدة ومتفقة على نقاط جوهرية وأساسية لإقامة دولة القانون والمؤسسات التي كانت تنادي بها منذ خمس سنوات لكن واقع الحال يكشف عكس هذه الصورة وان المواجهات متواصلة بين الحكومة والتيار الصدري وهذا الصدع الموجود على ارض الواقع لا يمكن ترميمه إلا بصفقة كبرى ولهذا الموضوع حديث أخر لأنها صفقة إقليمية دولية يدفع ثمنها العراق.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |