|
زينب البحراني وفتاة البسكويت
أوميد كوبرولو فتاة البسكويت عنوان رقيق وجذاب لمجموعة قصصية رائعة للقاصة السعودية المعاصرة زينب علي البحراني، ويحوي الكتاب عشرة قصص قصيرة للبحراني أولها تحمل عنوان الكتاب وتليها لا أريد إلا وسادتي، بائع الهواتف المجهول، فقاعة عطر، أوغاد وقصص أخرى أبدعت في كل واحدة منها الزميلة البحراني وهي في مرحلة البداية من الكتابة التي اجتازتها بالامتياز بتجاربها الناجحة. في بادئ البدء يقول الأستاذ عزمي خميس مدير تحرير مجلة( أقلام جديدة ) الأردنية بأن الشغف بالإيجار في دواخل الشخصيات هو الذي ما يميز قصص زينب البحراني عن قصص بقية الكتاب، فهي تتخذ من العوالم الداخلية مسرحا حقيقيا لقصصها لتدور فيه وتتجول ملتقطة أدق الخلجات وأصغر الإرتعاشات. فهي عمليا تتخذ من الحدث الخارجي مجرّد باب صغير تدلف من خلاله إلى العالم الكبير اللامتناهي، علم النفس البشرية الشاسع، بكل تناقضاتها: في مخاوفها وهواجسها، أحلامها وأمنياتها، رغباتها وآمالها، قلقها وإحباطها. أما الأستاذ القاص العراقي نصرت مردان رئيس تحرير مجلة سومر العراقية فهو الآخر يضيف قائلا في تقييمه الذي نشر في غلاف فتاة البسكويت: يخيل لكل من سيطلع على مجموعة (فتاة البسكويت) أن أصداء ستاندال: " إن روحي تتعذب إن لم تلتهب " تتردد في نصوص هذه المجموعة التي تسجل نجاح القاصة (زينب البحراني) في تلوين نصوصها بعبارات مكثفة وسرد غير تقليدي عبر أخيلة وصور وأفكار وأحداث تتوالد فيها الأزمنة التي رصدتها القاصة بالمعايشة الحقيقية والتعبير الصادق عن معاناة أبطال نصوصها وهي تتنقل من نص إلى آخر بوعي متميز ومدروس تلهث في كل نص بين الحقيقة والخيال وبين العقل وجموح العاطفة وبين الممكن والمستحيل. إنني من متابعي أعمال الزميلة زينب البحراني، ولا أهمل قراءة أي نص تكتبه القاصة سواء قصة أو مقالا. فهي مثلما تبدع في مجال القصة تبدع مثلها في مجال كتابة المقالات وخصوصا السياسية منها ولها إسهامات فعالة في معالجة القضايا السياسية والثقافية التي تمر بها العالم من حولها. وتناولت الكاتبة الأوضاع المأساوية والانتهاكات اللا إنسانية التي تمر بها الشعب العراقي قبل سقوط النظام العراقي السابق وبعد سقوطه واحتلال وادي الرافدين من قبل الأمريكان والإنكليز وإشراك بعض الجهات العميلة في العملية السياسية للبلاد . فزينب البحراني قبل أن تكون قاصة أو كاتبة إنها إنسانة تؤمن بحرية وديمقراطية الشعوب وعهدت على نفسها بأن تحارب من خلال كتاباتها الإبداعية كافة أنواع الاضطهاد والعنصرية للبشرية، وما هي دفاعها المتواضع عن حقوق وحريات مكونات الشعب العراقي المظلوم الذي عان من الظلم والاضطهاد والعبودية طيلة عصور طويلة إلا الإثبات الحقيقي عن إيمانها الصادق بالقيم والمبادئ والمثل الإنسانية النبيلة، ولأجلها دخلت قلوب الملايين من العراقيين دون أن تعلم. أنا شخصيا تعرفت بالزميلة زينب البحراني بعد استشهاد الزميل الصحفي التركماني علي أكرم كوبرولو رئيس تحرير صحيفة آلتون كوبري التركمانية ألذي اغتالته الأيادي القذرة الملطخة بدماء العراقيين الأبرياء في سكينة الليل. فحزنت عليه الزميلة زينب كثيرا وتناولت استشهاده في مقالاتها أيضا. ففالبداية كانت تضنني بأنني من أقارب المرحوم وهكذا أصبحنا أصدقاء وحتى وأكثر. مرة وعدتها بأن أنشر ( بعد أخذ موافقتها ) رسائلها الإلكترونية التي كانت تبعثها لي في كتاب خاص بالرسائل المعاصرة لأسلوبها الجميل الرائع في هذا المجال الأدبي ولأنني كنت أيضا على يقين بأنها تصرف جهدا كبيرا وهي تصوغ كل رسالة منها بهذا الجمال والكمال. القارئ لمقالات الكاتبة وخصوصا السياسية منها، يضن بانتمائها إلى الفئة التي هو منها، فهكذا ضنها البعض بتركمانية عندما قرؤوا لها مقالا فيه تدافع عن الحق التركماني المغتصب، وآخرون ضنوها كردية وهي تكتب عن معاناة الشعب الكردي وآخرون ضنوها آشورية ويزيدية وهكذا... فرغم عدم كونها عراقية كانت تجيد عن جميع مفردات الشعب العراقي حتى وأحيانا أكثر من كثير العراقيين أنفسهم. ففي الفترة التي عملنا فيها سوية في هيئة تحرير المجلة التركمانية الشهرية ( توركمن شاني ) رفدت المجلة بمواضيع سياسية مهمة عن الوضع السياسي لتركمان العراق إضافة إلى قصصها ومقالاتها الأدبية الرائعة التي كانت تذيلها باسم ( زينب علي ). ( فتاة البسكويت ) أول مجموعة قصصية تصدر للزميلة زينب البحراني ولكنها لن تكون الأخيرة أبدا لإنسانة مثقفة، واعية، ناضجة واعدة ومعاصرة مثل البحراني، لها مشاعر جميلة وطموح كبيرة، وأنها حنونة وحساسة تحس بهموم و معاناة الآخرين وتسعى إلى معالجة قضاياهم بأسلوبها الخاص الجميل، وحتما السنوات القادمة ستكون حافلة بنتاجاتها الإبداعية المتنوعة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |