لعبة النار

 

احمد خالد الكعبي

satarff@yahoo.com

1

تفاصيل الصراع في الشرق الاوسط كثيرة ومعقدة لانه مفتاح "لمستقبل" الصورة التي سيكون عليها العالم في القرن الواحد والعشرين .

لا اتصور أن الشيطان يسكن في التفاصيل – في حدود هذه المسئلة –  بل هو يسكن في المباديء الجوهرية للصراع .. 

جوهر فهم الصراع يكمن في ان الغرب بقيادة الولايات المتحدة الامريكية يقدم "نموذجا" جذابا , فهو يقول انه يريد بناء - دول – ولا يمكن للدول ان تنسجم مع وجود المليشيات وقوى الضغط المدججة بالسلاح .

الجانب الاخر يطرح وجهة نطر مغايرة تماما للصراع الجاري, فهو يقول ان مايجري هو صراع حضاري وجودي , وبالتالي فان بناء الدولة ليست اولوية, بل مواجهة المشروع الغربي الذي يطمح للهيمنة على العالم الاسلامي هو الذي له الاولوية القصوى .

المشكلة في هذا الطرح هوان الاغلبية الصامته من الناس تريد حياة طبيعية , يبدو ان الناس ما عادت تحتمل الصراعات الايدلوجية , واتصور ان هذا ما يراهن عليه الغرب , فاذا ما خسرت الرأي العام فامامك طريقين :

الاول:ان تتحول الى منظومة دكتاتورية كي تفرض ما تعتقد بصحته. 

الثاني : ان تسلم لراي "الاغلبية" .

السؤال ( الكبير) الذي يجب ان يطرحه الاسلاميون على انفسهم هو:

هل من الممكن الا ستمرار في المراهنة على وجهة النظر القائلة باولوية الصراع الحضاري على مبدء بناء الدولة او – الاستقرار – العام وممارسة الحياة الطبيعية , والى متى يمكن الاستمرار على هذه المراهنة .

فيما يخص العراق فمن الواضح انه تحول الى مسرحا للصراع بين مركز القرار الدولي ومركز القرار الاقليمي , وما ذكرناه في المقدمه ينسحب على العراق , بل لعل العراق هو أكبر مصاديقه .

2

ما يجري في العراق هو انعكاس لذلك الصراع الذي يبدو ان لا نهاية قريبة له ..

للصراع في العراق جوهر (مفاهيمي) أكثر منه سياسي أو هو صراع مفاهيم له أنعكاسات سياسية ...

جوهر ما يجري في العراق هو سعي مركزالقرار الدولي الى بناء "النموذج الشرق اوسطي" وهذا يستلزم بناء دولة ناجحه وهذا الهدف بدوره يحتم عدم وجود قوة موازية للدولة ومن المعروف في مبادىء علم السياسة ان اول شروط بناء الدوله هو فرضها لسيادتها على كل مواطنيها وان تكون محتكرة للقوة المسلحة , وهذا لا وجود له في العراق ولن تبنى دولته الجديدة الا بتحقيق هذا المبدء ..

حسنا... ما الذي يمنع من تحقيق هذا الهدف الجوهري والذي تحول الى حلم لكل العراقيين ...

مركز القرار الدولي الذي لا يريد بناء "النموذج" "لوجه الله" بل من المؤكد أن له أهدافه وهي أهداف أستراتيجية بالتأكيد , مركز القرار الاقليمي يعرف هذا جيدا ويمتلك نفوذا هائلا لم يعد خافيا. هذا المركزيريد ( ضمانات ) من من ان لا يكون مستهدفا بعد استقرار الاوضاع في العراق , وبناء الدولة قي العراق ليس حلما عراقي فقط ولو كان كذلك لما عرقلته القوى الاقليمية التي اختلفت على كل شيء واتفقت على عدم السماح بنجاح العراقيين في عملية بناء دولتهم الجديدة , انه حلم امريكي ايضا... بناء الدولة يعني نجاح التجربة - الخطيرة – وهنا تسكن العبرات انه حلم امريكي (مخيف) اذا ما نجح يكون السؤال المطروح بعد تحققه هو :

من سيكون التالي . 

اذا مركز القرار الاقليمي يمتلك قوى وكيانات مسلحه في الداخل العراقي "ومراكز القرار" الاقليمية الاخرى تمتلك ايضا خطوطا عسكرية ولكنها ليست بقوة ما يمتلكه مركز القرار الاقليمي ولهذا فان هذا المركز يريد تلك الضمانات بعدم تهديد نظامه اذا ما فكك القوى المسلحة التابعه له وبالتالي انسياب عملية بناء الدوله في العراق ومن ثم نحقق الاستقرار العام وليس المطلق لان باقي القوى الاقليمية لن 

3

تسمح بتحقق هذا الهدف ليس فقط خوفا من التالي ولكن لاسباب طائفية ما عادت مخفية هي الاخرى.

أعتقد ان عدم حل هذه المعضلة هي السبب الرئيسي في التاجيلات المتكررة للجولة الرابعة من المفاوضات بينهما , فبدون التفاهم  والنقاش حول حجم وعمق الضمانات تتحول جولات المباحثات الى مجرد صور للاعلام لا أكثر .

لعل أقوى الرسائل - وهي كثيرة ومتنوعة بين الطرفين – التي اريد ايصالها هي ان الامر ما عاد يحتمل مباحثات وهمية أو فارغة لا تهيء الامور لصفقة كبرى ربما تتجاوز حدود العراق , العراق بلد مهم جدا ولن يكون من المنطقي او المعقول ان يبقى بلا دولة حقيقية الى ما لا نهاية , فأما السير قدما بمشروع بناء الدولة , أو تفكيك الدولة , ولا خيار ثالث , ولن يتم هذا الامر الا عبر تفاهم المركزين,  (وأعتقد) ان الرسالة وصلت الى الطرفين . وربما أن الدعوة الاخيرة من واشنطن لطهران بعقد الجولة الرابعة في بغداد بارقة أمل ولكنني على يقين ان طهران لن تستجييب ألآ أذا حصلت على وعد من ان هذا الجولة الجديدة لن تخصص لمناقشة ما جرى في البصرة فقط , بل للدخول في تفاصيل ما بعد الذي جرى , وما جرى هو مفتاح ما سيجري في مستقبل العراق .

السؤال المهم الذي يجب طرحه هنا هو : 

هل حصل صناع القرار الشيعة في العراق على ضمانات قبل ان يقدموا على " كسر الخنجر" شخصيا لا اعتقد انهم اقدموا على هذا القرار الادراماتيكي الخطير بدون الحصول على وعد بترسيخ النظام الجديد الذي يهيمنون عليه , هل سنشهد استقرار النظام السياسي الجديد في العراق , هل سنشهد انفتاح عربي واعتراف "تدريجي " بالواقع العراقي الجديد ..

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com