(اشرف) واستهداف النظام الايراني

 

عبد الكريم عبد الله/ كاتب وصحفي عراقي

abdollah1950@gmail.com

و(اشرف) في بداياتها في الثمانينات من القرن المنصرم، مجرد معسكر بناه جيش التحرير الوطني الايراني، الجناح العسكري لمنظمة مجاهدي خلق، في عمق صحراء العظيم العراقية في محافظة ديالى، يبعد عن الحدود العراقية الايرانية 70كياومترا، ولم يكن هذا المعسكر سوى موقع عسكري مموه على وفق  الطبيعة الصحراوية التي من حوله، محاطا بالاسلاك الشائكة والسواتر الترابية، ويحوي داخله الكيرفات والملاجيء ومخابيء الدبابات  والاليات التي كان يستخدمها جيش التحرير الوطني في معاركه ضد جيش النظام  بعد ان لجأت المنظمة الى سبيل الكفاح المسلح  كوسيلة لاسقاط النظام وممارسة حقها المشروع  في تحرير الشعب الايراني من ربقة الاستبداد الديني لنظرية ونظام ولاية الفقيه المطلقة، التي تتناقض ومباديء وافكار المنظمة الطامحة الى  الديمقراطية والحرية  واحترام حقوق الانسان، بعد ان  لم يترك لها النظام الايراني  فرصة للنضال السلمي  لتحقيق هذه الاهداف، وقد استهدف النظام الايراني  حتى في ايام النظام السابق وسنواته الاخيرة تحديدا  هذا المعسكر عشرات المرات، بالطائرات والقصف الصاروخي وبواسطة العملاء،  ولكن جيش التحرير الوطني تعامل مع هذا الوضع بما يقتضيه كجزء من المعركة التي تخوضها  المقاومة الايرانية  عامة لاسقاط النظام.

وبكل انتهازية تعامل النظام الايراني مع قوات الغزو الاميركي للعراق، وحاول بكل السبل الضغط على الاميركان لضرب معسكرات المقاومة الايرانية ومنها هذا المعسكر الذي تم قصفه فعلا وراح ضحية هذا القصف عدد من الشهداء، مع ان المقاومة الايرانية او صلت الى القيادات الاميركية بوسائلها الخاصة  جغرافيا مواقع  معسكراتها، وانها منظمة مستقلة  القرار ولا تتبع احدا، وان اهدافها  لا علاقة لها  بالنظام العراقي الذي يستضيفها فقط على الارض العراقية  لتلاقي المصالح،  وان وجودها على هذه الارض قائم بالاتفاق مع النظام العراقي على هذا الاساس – اي استقلاليتها -  لكن تصرف القيادة السياسية والعسكرية  للمقاومة الايرانية  بحكمة عالية  وممارسة درجة انضباط عالية حالت دون  جر جيش التحرير الوطني الى صدام مع القوات الاميركية ، حيث كانت هذه القيادة ترى انه ليس من مصلحتها هذا الصدام وانه يصب في مصلحة النظام الايراني بنتائجه مهما كانت  ، وقد تم فيما بعد عقد اتفاق قانوني مع القوات الاميركية تم بموجبه اعتبار مقاتلي جيش التحرير الوطني الايراني  واغلبهم من عناصر منظمة مجاهدي خلق  من اللاجئين بحكم الامر الواقع(0Defacto) المحميين بموجب القوانين الدولية وفي مقدمتها  معاهدة جنيف الرابعة، على ان ينزع المقاتلون اسلحتهم، وقد تم الامر على هذه الصورة التي اغاضت الى حد بعيد رموز النظام الايراني،  فقد صار معسكر اشرف الذي حوله مقاتلو جيش التحيري الوطني الايراني، الى مدينة مدنية رائعة، والى رمز – عراقي – ايراني - بعد تفهم دور هذه المدينة من قبل العراقيين  حيث اتضح لهم بما لايقبل الشك  والجدل ، انها الجدارالعالي لصد مشاريع النظام الايراني  الالحاقية للعراق، وفي مواجهة تدخلاته في الشان العراقي، فكانت هذه المدينة - الداينمو المحرك الفاعل  لتجميع صفوف الوطنيين العراقيين  في خندق المشروع الوطني الاستقلالي العراقي، الامر الذي  دفع النظام الايراني الى الاستشراس في استهدافها، بعد ان عرف انها تقف بقوة في وجه طموحاته في العراق ومن ثم في المنطقة العربية كلها من خلال منعه من استخدام الجسر العراقي للعبور الى بقية اجزاء الوطن العربي، ولهذا استهدفها  بجرائم الخطف وعبر عملائه  بقطع التموين الطبي والغذائي وتفجير المحطة التي تزودها بالمياه مستهدفا قتل سكانها عطشا  فضلا على قتل اكثر من عشرين الف عراقي يستفيدون من امدادات هذه المحطة للاستعمال البشري وللزراعة والري، واستهداف العراقيين  الذين يعملون فيها  في مجال الخدمات والبناء والتعليم والصحة وما الى ذلك، ومن منا ينسى الشهداء الذين زفت محافظة ديالى موكبهم الى الخلود اثر تفجير الحافلة التي تقلهم الى اشرف من قبل عملاء النظام الايراني وهم من العاملين في هذه المدينة بعد ان سدت في وجوههم ابواب العمل في عموم العراق  الذي الهبته اجهزة النظام الايراني بحربها الطائفية  ودعاياتها المسمومة وعملها الدائب على تفكيك سدى ولحمة المجتمع العراقي طائفيا وعرقيا وعقائديا، وعبر عملائها الذين تجاوزوا الثلاثين الف عميل معلن عددا حتى الان، وبعضهم اعضاء في البرلمان وحلقات السلطة العليا، كما استهدف شيوخ العشائر في المنطقة الذين ابدوا تعاطفهم مع المنظمة  بحكم ولائهم لوطنهم العراق وتفهمهم لدور اشرف  في تحقيق وصيانة الكيان العراقي  الحضاري التاريخي المستقل ، وقتل عددا منهم، ومع ذلك لم تتوقف اعداد العراقيين المناصرين للمدينة ووجودها في العراق عن الازدياد  فقد تجاوز في العام الماضي عددالعراقيين الذين وقعوا وثائق دعم المنظمة الخمسة ملايين ومئتي الف عراقي، من عموم محافظات العراق ومن لم يوقعوا فان عددهم لا يحصى، وبذلك يكون العراقيون عموما في خندق ميدنة اشرف، وحين تحدث الزعيم الايراني رجوي في رسالته الى الشعوب الايرانية والشعب العراقي والعالم بمناسبة العام الايراني الجديد، عن حقائق هذا الاستهداف واستعرضها، كنا نحن المتابعين نستعيد ذكرياتنا وتحدياتنا لكل تلك الاستهدافات ونحن نتوجه الى هذه المدينة الرمز، لنمارس ونكرس وحدة الموقف بين الشعب العراقي والايراني امام التحديات المصيرية التي يواجهونها،  اذ لايقل ما يعانيه الشعب الايراني  في مواجهة  الطاغوت  الفاشي والاستبداد الديني عن معاناة العراقيين في مواجهة احتلالين، اميركي معلن وايراني مبطن بل يكاد هو الاخر ان يكون معلنا وهو يسعى الى ذلك حقيقة ،  واحتراب داخلي محركه الاول والاخير هو النظام الكهنوتي الايراني ، وحين نعد نحن العراقيين  - اشرف – رمزا للتصدي  لمشاريع النظام  الايراني ، فاننا في الحقيقة  نعلن على رؤوس الاشهاد  تخندقنا الى جانب اخوتنا الممقاتلين في جيش التحرير الوطني  واستعدادنا لدفع ثمن هذا التنخندق مهما كان غاليا من اجل عراق حر ومن اجل جار ايراني حر هو الاخر والحر عضيد الاحرار.  

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com