|
انتشرت خلال الاسبوع الماضي اشاعة مفادها ان مسلحين،ملثمين اقاموا حاجزا للتفتيش على طريق الحلة - بغداد، وتحديدا بالقرب من ناحية اللطيفية، وانهم كانوا يحملون صورة الامام علي، يتعمدون ايقاف السيارات،للاستفسار من الركاب واحدا واحد، عن هويته المذهبية، ما اذا كان شيعيا او سنيا، فاذا قال أنه شيعي قتلوه، واذا قال سنيا، يطلبون منه شتم الامام على، للتأكد . في البدء هناك ملاحظتان على زمن ظهور هذه الشائعة والطريقة التي انتشرت بها : الاولى انها انتشرت بسرعة ليس داخل العراق فقط، بل في جميع انحاء العالم، وفي اي مكان يتواجد به العراقيون . مما يُظهر أن هناك حملة منظمة لنشر هذه الاشاعة عبر جماعات منظمة ايضاً ومرتبطة بخط واحد وبتوجيهات مركزية . ثانياً : انها ظهرت خلال فترة الهجوم على الفلوجة، بالضبط بعد اتضاح الصورة عن حجم الجرائم التي مارستها قوات الاحتلال في المدينة واهلها .سنناقش دلالة هاتين الملاحظتين فيما بعد .بالمقابل فأن مقاتلي البيشمركة ( وهم سنة )، ومقاتلي قوات بدر التابعة للمجلس الاسلامي والتي شاركت قوات الاحتلال بالهجوم على الفلوجة تحت اسم الحرس الوطني، رفعت عند دخولها الفلوجة صور السيد السستاني، والمرحوم السيد باقر الحكيم، لخلق انطباع عند اهل الفلوجة انهم يقاتلون بامر من المرجعية الشيعية، او بالنيابة عن الشيعة . اغرب ما في الامر ان السيد عبد العزيز الجكيم، في مقابلة اجرتها معه محطة العربية امس 22 / 11 / 2004 تحدث عن حادثة سب الامام علي (ع ) ليوحي أنها وقعت فعلاً، وتلاقفها بعض الماجورين وبعض الجهلة ليكتب عنها في الانترنت وكانها فعلا واقعة اكيدة، مع العلم لم نجد من يقول انه تعرض لمثل هذا الحادث، باعتبار ان كل الذين تعرضوا للحادثة قتلوا . كما ان مبدا التقية عند الشيعة يبيح للشيعة في مثل هذه الحالات، شتم الامام علي (ع) على اساس حديث منسوب للامام علي، يوصي به شيعته " اما السب فسبوني، واما البراءة فلا تتبرؤ مني "، وهو القول الذي تشكل على اساسه مبدأ التقية أصلاً .أي أنه يبيح شتمه أذا كانت الشتيمة تحقق الخلاص من موت محقق . وتصبح الشتيمة هنا فرض ديني . من الامور ذات الدلالة بهذه القصة هي رفع قطاع الطرق هؤلاء لصورة الامام علي وطلب شتمه، ما يجعلها في موضع الشك، وكأن الامام علي مجرد رمز خاص بالشيعة بحيث يمكن ان يشتمه السني بسهولة،مع ان المفارقة الغريبة ان من الاسهل على الشيعي شتمه كا قلنا بمثل هذه الحالات، مما يجعل السني اكثر حراجة في ان يشتم صحابيا، ابن عم رسول الله، ورابع الخلفاء الراشدين، زوج ابنة الرسول السيدة فاطمة الزهراء . فما لايعرفه بعض الجهلة، الذين رفعوا الصورة ( في حالة افتراض حصول الواقعة )، هو ان قدسية الامام علي عند السنة لاتقل عما هي عند الشيعة، الا بالدرجة والصفة، فهو الصحابي الجليل، الورع التقي عند السنة، الذي كرم الله وجهه ولم يسجد لغير الله، كما حصل لبعض الصحابة قبل ظهور الاسلام . اما الشيعة فيعتقدون أنه امام معصوم، وان عصمته جاءت بامر من الله، نقلها النبي (ص ) في حجة الوداع في موقع يقال له غدير خم، ولاينكر الكثير من علماء السنة هذه الخطبة لكنهم يفسرونها بطريقة مختلفة (1). فالسنة قد يختلفوا مع الشيعة على بعض معتقداتهم، الا ان هذا الخلاف، لايشمل الامام علي (ع )، عند اهل السنة، بل شيعته لذلك فان رفع صورة الامام علي وطلب شتمه ان كانت وقعت الواقعة فعلا، فهي دلالة على احد امرين ان لايكون حملة الصورة من المسلمين، اي انه لايعرف ان السنة يتحرجون من شتم الامام علي حتى اكثر من الشيعة اذا اخذنا موضوع التقية بنظر الاعتبار .ولم يحصل في التاريخ ان سمعنا سنيا فقيهاً او رجلاً عادياً ليس فقط يتنزه عن الشتيمة، بل هو يشعر بمواجهة ذكر الامام بالخشوع والرهبة .باستثناء السنة النواصب، اي الذين يناصبون الامام علي واهل بيته بالعداء، وهم لاوجود لهم على ارض الواقع،واصطلاح النواصب هذا نتاج عملية التنافس او الاتهامات التي يطلقها بعض من رواد هذا المذهب او ذاك على الطرف الاخر، فابتدع مصطلح النواصب، بمواجهة مصطلح الرافضة، الذي يطلقه بعض متطرفي السنة على الشيعة اي انهم يرفضون الاقرار بشرعية خلافة الخلفاء الراشدين الثلاثة الاوائل، لاعتقادهم ان النبي اوصى في غدير خم بتولي الامام علي من بعده. . كما يجب ألاخذ بنظر ألاعتبار، أنه لم يتصاعد الخلاف بين السنة والشيعة في العراق الىحد الخصام،والاقتتال، خلال القرن الماضي على الاقل، ولم يصادف ان شيعيا قتل سنيا او العكس بسبب انتماءه، وتعايش ابناء الطائفتين بسلام وتعاون، وتزاوج الابناء من كلا الطرفين دون أن يؤخذ بنظر ألاعتبار ألانتماء الطائفي للزوج ألاخر، باستثناء حادثة واحد حصلت عرضا في سامراء، تمكن المرجع الشيعي الميرزا الشيرازي من استيعابها ومنع تطورها رغم ان القنصل البريطاني سافر الى سامراء عارضا على الميرزا الشيرازي استعداد بريطانيا العضمى للقصاص من قاتل ابنه، الا أن الميرزا رفض مقابلته معتبرا ان المشكلة هي بين ابناء دين واحد وبلد واحد ولا دخل للغرباء بها، وان هذه المشكلة ما هي الاحادث بسيط بين اخوين (2). وعندما هاجم الاخوان الوهابيين بعض العشائر العراقية الشيعية في اطراف مدينة الناصرية عام 1924، قاد الشيخ مهدي الخالصي حركة الاحتجاج ضد هذا الهجوم، وعقد مؤتمرا في كربلاء مطالبا حكومة الاحتلال ببناء الجيش العراقي القوي ليحمل مسؤولية الدفاع عن الحدود والحفاظ على امن المواطن العراقي، وتسليح العشائر العراقية كي تتولى الدفاع عن نفسها الى حين اكتمال بناء الجيش القوي القادر على اداء مهماته، وقف كل ابنا السنة في بغداد وتكريت والموصل وسامراء مع الشيخ الخالضي وارسلوا الوفود الى كربلاء، استجابة لطلب الشيخ الخالصي وعرضوا استعدادهم للوقوف بجانب العشائر الشيعية، لمنع تكرار الامر . هذا في حين انشقت بعض العشائر الشيعية الموالية للانكليز على مؤتمر كربلاء، وعقدت مؤتمرا مضاد في الحلة، مطالبين ببقاء الاحتلال،والعهدة لقواته بالمحافظة على الامن والدفاع عن الحدود العراقية .(3)
تعكس قصة الخلاف بين الشيخ ضاري والكولونيل البريطاني ليجمن نموذجا اخر من التلاحم الشيعي السني، بمواجهة الاحتلال، واستعداد العشائر السنية في السير تحت قيادة المرجعية الشيعية عندما تلتزم بالمصالح الوطنية العراقية، وتقف في موقع القيادة الوطنية لجميع العراقيين، فعندما ارسل الميرزا محمد تقي الشيرازي مندوباً عنه يدعو عشائر الفلوجة والرمادي للانضمام لثوار ثورة العشرين كان الشيخ ضاري واحد من ثلاثة شيوخ ممن أستجابوا لفتوى الميرزا محمد تقي الشيرازي، اضافة للشيخ خضير الحاج عاصي رئيس الجنابات، والشيخ علوان الشلال شيخ البو محيي .وباشروا بمهاجمة القوات البريطانية في المنطقة، مما اضطر الكولونيل ليجمن الاجتماع بشيوخ العشائر في المنطقة،محاولا اللعب عبى اوتار الطائفية لتهدئة العشائر العربية في الفلوجة والرمادي، فتصدى له الشيخ ضاري ليقول : " ليس في العراق شيعة وسنة بل فيه علماء اعلام نرجع اليهم في امور ديننا. أن علماءنا حكومتنا وقد أمرنا القرآن باطاعة الله والرسول وأولي الامر منا، فأذا أعتديتم عليهم فأننا سننتصر لهم ونحاربكم بجانبهم، والاولى أن تلبوا ما أرادوا ." (4) تصاعد العداء بين الشيخ ضاري ولجمن الى حد اغتيال لجمن، وفرار الشيخ ضاري ثم القاء القبض عليه والى اخر القصة المعروفة . والشيخ ضاري هو جد الشيخ حارث الضاري، رئيس هيئة العلماء المسلمين الحالية.
أن تصعيد الشيخ ضاري، وهو السني، لخلافه مع المحتلين الانكليز أستجابة وطاعة لأمر المرجع الشيعي الاعلى،في حينها ؛ الميرزا محمد تقي الشيرازي، مقابل سعي بعض شيوخ القبائل الشيعية عند سلطة الاحتلال للايقاع او التخلص من محمد رضا الشيرازي، ابن المرجع، وشكواهم منه، بسبب نشاطاته المعادية للاحتلال،(5)، يعني أن المرجعية الدينية الشيعية،تستطيع ان تتجاوز حدود هيبتها وسلطتها المذهبية، وتنطلق للافاق الاسلامية الاوسع، عندما تتبنى القضايا الوطنية العامة، فتستقطب غالبية السنة، وتنفر اقلية شيعية، خارجة على الاجماع الوطني، رافضة لكل قيمه وثوابته بما فيها المرجعية . أن موقف بعض العشائر الشيعية من محمد رضا ابن المرجع الميرزا محمد تقي الشيرازي، يذكرنا بموقف بعض رجالات الدين الشيعة من السيد مقتدى الصدر ابن المرجع السيد محمد صادق الصدر، كما يذكرنا بان التوجهات النفعية لادين لها ولا مذهب، وعندما تتلبس بالدين او المذهب تاخذ لبوسها هذا علىاساس حسابات الربح او الخسارة، وليس العقائد او رضى الله . أن التلاحم السني – الشيعي في العراق، لم يكن نتاج التعايش الطويل بين الطائفتين، ووعي الناس بانعدام الفروق الكبيرة بين المذهين الى الحد الذي يستوجب القطيعة، فقط، بل يعود لحقيقة ان العشائر العربية الكبيرة موزعة بين الطائفتين، كعشائر شمر والجبور والجنابات وزبيد والعبيد وربيعة، وحتى عشائر الدليم – عشائر الفلوجة والرمادي – موزعة بين المذهبين، فعشيرة آل فتلة الشيعية التي تقيم بين الديوانية والنجف، تنتسب بالاصل الى عشائر الدليم السنية (6). كما ان اتصال النجف الجغرافي بمحافظة الرمادي عن طريق الصحراء الغربية، جعل منها مركزا تجاريا مهما للتسوق بالنسبة لعشائر الدليم، الامر الذي خلق صلاتاً من الود والتزاوج بين الطرفين، فحاج نجم البقال، احد قادة ثورة النجف ضد الاحتلال البريطاني عام 1918، هو رجل من وجهاء النجف، دليمي الاصل . (7) والجنابات، وهم اكبر العشائر القاطنة في منطقتي اللطيفية واليوسفية، وهي العشيرة المتهمة ظلما بالتعصب الطائفي منقسمة في ولائها بين التشيع والتسنن . ووقفت في مقدمة العشائر التي استجابت لدعوة الميرزا الشيرازي للانضمام الى جانب ثوار ثورة العشرين .لذلك لايمكن ان تتطرف او تتورط بأي نشاطات طائفية يمكن ان تتصاعد الى حد الاحتراب . لانها ستتعرض لاقتتال داخلي بين ابناءها، ولا نعتقد انها معنية او مستفيدة من هكذا تصرفات . أن التلاحم السني – الشيعي، كما تشير الوقائع على الارض، والتجارب التاريخية التي تطرقنا لها بسرعة، عادة ما يتصاعد ويقوى في اوقات الازمات الوطنية خاصة وكما لاحظ ذلك عالم الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي . ودينيا او مذهبيا لايمكن ان يتجرأ احدا من السنة على الامام علي، لامجاملة لاخوانهم الشيعة بل لما للامام من قدسية ومكانة عظيمة عندهم . فمن الفاعل اذا، ولماذا ..!؟ اتصل الكاتب ببعض المهتمين والمتابعين لتطورات الوضع في العراق،فاكدو جميعا أن هناك اشاعة بوقوع مثل هذا الامر، لااحد يستطيع ان يؤكدها او ينفيها، لكن مصادر الاشاعة وطبيعة مروجيها تشير الى ان الفاعل هو واحدا من الاطراف التالية : 1 : بعض الاحزاب المتاسلمة الشيعية التي تريد تحقيق ثلاثة امور من اشاعة مثل هذه القصص او ممارسة مثل هذه الافعال، منها انها اصبحت في موقف المحرج امام اعضائها، وعامة الناس، وفقدت مصداقيتها الدينية –الاسلامية، وهو تقف في موقف المتفرج بل الداعم لقوات الاحتلال التي كانت والى عهد قريب جدا تمثل " الشيطان الاكبر "(8)، وهي تدنس وتهدم المساجد في سامراء والفلوجة والرمادي، بل وتقتل الجرحى والمصابين . ففعلت هذه الحركات فعلتها هذه،لتبرر بذلك موقفها من جرائم القوات المحتلة، ولتخلق انطباعا عاما عند الشيعة بحيث يبدو العدوان على الفلوجة وكأنه يحقق الامن للشيعة، ويحافظ على سلامتهم . كما تلعب الاستعدادات للانتخابات لعبتها في عقول قيادات هذه الاحزاب، فهي تريد من الشيعة ان يلتصقوا بها، ويدعمونها في الانتخابات، للحصول على اكبر قدر ممكن من الامتيازات بمواجهة الفصائل الاخرى المتهافته على التعاون مع الاحتلال . وألامر ليس غريبأً او بعيداً على التصديق، فرغم أدعاء هذه ألاحزاب بالحمية والحرص على مصالح الطائفة، ألا أن موقفها من الانتفاضة الصدرية، أظهر حقيقة أن هذه الحركات تعمل بأجندة خاصة بها وحدها وبما يحقق طموحات ونزعات قياداتها الشرهة في ألالتصاق بالأمور الدنيوية، والتشدد الطائفي ليس الا جزء من بضاعتها، ومصادر رزقها ووسيلتها لتحقيق نزعات الذات المريضة .، وأن دماء الشيعة وممتلكاتهم، ارخص عندهم من مقعد وزاري في وزارة لاتمتلك أية شرعية وطنية، نصبها من كان بالامس الشيطان الاكبر 2 : ما يسمى بالحكومة المؤقتة وبالتعاون مع مخابرات الاميركية، خاصة وان نكرو بونتي من المختصين بمقاومة الثورة وحركات التحرر، وتاريخ خدمته في اميركا اللاتينية معروف للجميع .فقامت بمثل هذه الاعمال، لتهدئة الجنوب الشيعي، وامتصاص نقمته وهو يرى ابناء شعبه يقتلون بغير حق، وتهدم منازلهم وتسبى نساؤهم واطفالهم . مثل هذه الممارسات الطائفية التي تنسب للحركات السلفية كفيلة بان تحول التعاطف مع الفلوجة الى اقرار بصحة ممارسات قوات الاحتلال،وقبولها. 3 : هنا او هناك تشم دائما رائحة الموساد، فالدولة العبرية تربط دائما بين حماية امنها القومي، وبين تخريب العراق . وهي ومن يدعمها المستفيد الاول من تقسيم العراق، الذي كان بالنسبة لها هدف معلن منذ بداية ثمانينات القرن السابق، حيث طرح شارون بالاشتراك مع ايتان، منذ ذلك الوقت، خطة لتقسيم العراق والدول العربية الاخرى واسماها " استراتيجية اسرائيل للثمانينات والتسعينات " ( 9) كان شارون في وقتها ضابطا بالجيش اما الان فهو في موقع صاحب القرار القادر على توجيه اجهزة الدولة لتنفيذ خطته . وليس صعباً عليهم أن يستاجروا بضعة من المجرمين المعروضين للبيع في سوق اشباه الرجال الزاهرة في بغداد اليوم . 4: التيار الشعوبي المندس بين ابناء الطائفتين ممن يعانوا من حالة مرضية غير مبررة من الحقد على العرب . ويتذكر العراقيون المقيمين في لندن ما كان يردده بعضهم " سنجعل العرب في العراق بدون – البدون مصطلح كويتي يعني اولئك الحاصلين على اقامة طويلة في الكويت ولا يحملون الجنسية الكويتية او اي جنسية اخرى، فهم بدون جنسية، عرضة للطرد، مسؤولين غير مصانين - "، ولقد كشفت هذه التوجهات الشعوبية عن وجهها الحقيقي عند تصاعد حدة القتال بين قوات الاحتلال والشيعة في النجف ومدينة الصدر وغيرها من المدن الشيعية. اتضح بما لايقبل الشك ان دين هؤلاء الشعوبيين ليس الاسلام ولا التشيع بل " دينهم ان يقتل العرب " (10)، وهم يتشوقون لاندلاع الفتنة طائفية، القاتل والمقتول فيها من العرب . كل هذه الجماعات معنية بتشويه صورة المقاومة، لكل منهم اسبابه . لكن لحظة تأمل منطقي واحدة، كفيلة بأن يصل الانسان الى نتيجة براءة المقاومة من مثل هذه الافعال . فالمقاوم صاحب او حامل تلك المثل والقيم النبيلة التي تدفعه الى التضحية بنفسه وماله من اجل المصلحة الوطنية والامن الوطني العراقي، وحماية ابناء شعبه ووطنه من القتل والدمار المسلط عليه من قبل قوات الاحتلال، لا تسمح له قيمه هذا ان يفعل مثل هذه الافعال الاجرامية . ثم ان المقاومة في اي بلد وعلى مدار التاريخ تنطلق عادة بفعل وتخطيط نخبة صغيرة تامل ان تتوسع مع الزمن، وان ينتشر الوعي بين ابناء شعبها بمخاطر الاحتلال، فهي تطمح دائما بان يفهم من تدافع عن حقوقهم، وحريتهم واستقلال ارادتهم، ما يعنيه الفعل المقاوم من حل فريد أوحد لنيل الحقوق الوطنية . ثم ان المقاومة ليست خاصة بطائفة دون اخرى، أن حصة السماوة وحدها كان 5 شهداء سقطوا وهم يدافعون عن الفلوجة، والناصرية سبعة، كما وصلت بعض جثث الشهداء من ابناء المدن الشيعية الاخرى ممن قاتلوا بايمان وبطولة عن مدينة العزة والكرامة . ولا احد يستطيع ان يغفل مساهمة الصدرين التي كشفت اكذوبة ما يطلق من مصطلحات طائفية على مدن الثورة . لتبرهن ان الانقسامات ليس بين الشيعة والسنة، بل بين الشعب العراقي بمختلف مكوناته، وقوات الاحتلال وعملائها المحليين ممن ينتسبون لطوائف مختلفة . حتى المقاومة السلمية تضم اطراف مختلفة من الشيعة والسنة والاكراد والتركمان، كما يتضح بجلاء من خلال البيان الذي وقعت عليه 47 حزبا وتنظيم تعلن مقاطعتها للانتخابات، كان يضم اطرافا شيعية واخرى سنية(11) . كما ان قائمة المتهافتين على ارضاء السفير الاميركي تضم 56 جماعة من مختلف الاطياف المذهبية والدينية .وليس هناك من انقسامات طائفية تمنع هذا الطرف او ذاك ان يصطف مع الاحتلال او ضده . ولا ترفع الشعارات الطائفية الا تنفيذاً لأوامر الاسياد او لتحقيق أغراض تجارية . وعندما يعزز الدم الشيعي ارباحهم وامتيازاتهم، لامانع لديهم ان يقتلوا الشيعي على الهوية، ويبكون عليه كما ساهموا في قتله في النجف ومدينة الصدر، مقتفين بذلك سيرة معاوية لا علي،يوم قتل الصحابي عمار بن ياسر في صفين، قال جماعة معاوية أن علي وجنوده هم الفئة الباغية، لأنهم هم الذين احضروا عمار بن ياسر معهم للمعركة، فكانوا سببا في قتله .(12) أنهم ليسوا من شيعة علي بن ابي طالب، وان صرخوا وتنافخوا وتظاهروا بالتعصب للمذهب الا انهم في سيرتهم وسلوكهم من اتباع التشيع الصفوي كما وصفهم الدكتور علي شريعي ( 14 )، بل هم اقرب للخط الاموي الذي يغلب الركض وراء الملذات الدنيوية على طلب رضى الخالق . تبت اياديهم الملطخة بدماء شعبنا شيعة وسنة، لم يتركوا للنظام السابق من ذنب نتهمه به الا اقترفوه، فضاعت من اعمارنا 35 سنة استهلكناها في معارضته .
المصادر : 1: حول عقائد الشيعة ومحاور الخلافات الفقهية مع السنة ومفهوم الامامة عند الشيعة وتاريخ ظهورهم كطائفة اسلامية يمكن العودة الى : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين، أصل الشيعة وأصولها، القاهرة : المطبعة العربية، 1958، الطبعة العاشرة . فياض، د . عبد الله، تاريخ الامامية واسلافهم من الشيعة،بيروت :مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، 1986، الطبعة الثالثة . 2 : الوردي، د . على، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، لندن : دار كوفان،1992، الجزء الثالث، ص : 98 – 99 . 3 : حول قصة هجوم الاخوان الوهابيون على الناصرية، وتصدي الشيخ مهدي الخالصي لها ومؤتمر كربلاء ومؤتمر الحلة، يرجى العودة الى : الوردي، د . علي، مصدر سابق، الجزء السادس، ص : 132 – 152، الحسني، عبد الرزاق،تأريخ الوزارات العراقية، بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة،1988، الجزء الاول، ص : 80 – 96 .. الخطاب، رجاء حسين حسيني، العراق بين 1921 – 1927،بغداد : بلا دار نشر، بلا تأريخ، ص :274 -285 4: الوردي، مصدر سابق، الجزء الخامس، ص : 68 . 5 : نفس المصدر، الجزء الخامس، ص :197 . يعتقد كل من الدكتور علي الوردي، والدكتور وميض عمر نظمي، ان محمد رضا بن المرجع محمد تقي الشيرازي، كان من اوائل رواد الحركة القومية العربية في العراق، رغم اصوله الايرانية . لاحظ، نفس المصدر، ص : 200 – 202 . نظمي، الدكتور وميض جمال عمر، الجذور السياسية والفكرية والاجتماعية للحركة القومية العربية الاستقلالية في العراق، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية، 1984، ص : 351 – 352 . 6 : الوردي، د . علي، دراسة في طبيعة المجتمع العراقي، قم : انتشارات المكتبة الحيدرية، 1996، ص :235 – 236 . لاحظ كذلك : 7 : الوردي، د . علي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، مصدر سابق، الجزء الخامس، ص : 216 – 221 . 8 : الشيطان الاكبر هو تسمية اطلقها السيد الخميني على القوى الامبريالية، وبالذات اميركا، وتبنتها جميع الحركات و الاحزاب السياسية الدينية العراقية في ادبياتها، وشعاراتها 9 : يحتفظ الكاتب بصورة مطبوعة على الالة الكاتبة لترجمة نص المشروع . قامت منظمة التحرير الفلسطينية بترجمتها وتوزيعها في حينه . كما قامت جريدة السفير اللبنانية بنشر المشروع في اوائل عام 1991 على ما اتذكر، اتمنى ان تقوم الجريدة بنشر المشروع ثانية لما له من اهمية في كشف نوايا الحركة الصهيونية العالمية في تمزيق الوطن العربي الى دويلات طائفية صغيرة، ضعيفة ومتناحرة فيما بينها . 10 : تم استعارة الاصطلاح من القصيد المشهورة للشاعر العربي نصر بن سيار التي كتبها للخليفة الاموي يحذره فيها من ظهور تحرك شعوبي معادي للعرب في اصفهان . يحاول الشعوبيون أن يلصقوا الشعوبية بالمذهب الشيعي، بهدف منع الاخرين من الحديث عنهم او التطرق لذكرهم، بنسبة الحديث عنهم للتعصب الطائفي،وتصوير اي حديث في هذا الشان على انه غمزوتشكيك بعروبة التشيع، مع ان الشعوبية حركة سياسية وثقافية هدفها تمجيد ورفع القيمة الحضارية للشعوب الاسلامية الغير عربية والتبخيس من قيمة العرب الحضارية، وليس حركة دينية او طائفية، كما انه لم يكن من بين الشعوبين من هو من المذهب الشيعي . للاطلاع اكثر على اصل الحركة وتداخلاتها المذهبية يمكن العودة الى : الوائلي، الشيخ احمد، هوية التشيع،بيروت : مؤسسة اهل البيت، 1981،ص : 207- 211 . الحسيني، د . موسى، ساطع الحصري والخطاب الطائفي الجديد، بيروت : دار الكوثر، 2000، ص : 131 -164 . 11 : نشر البيان على الكثير من مواقع الانترنت،وجريدة الوفاق الوطني في بغداد، ويضم ثلاث مراجع شيعية اضافة الى هيئة جماعة العلماء السنية، واحزاب ومنظمات وطنية تضم اعضاء وانصارا من كلا الطائفتين . 12 :حسين، طه، الفتنة الكبرى- علي وبنوه -، القاهرة : دار المعارف،بلا تاريخ، الطبعة الثالثة عشرة، ص : 77 . 13 : شريعتي، علي، التشيع العلوي والتشيع الصفوي،بيروت : بلا دار نشر، بلا تاريخ .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |