|
بعد أن تغلبت الحكومة العراقية على أدوات القمع والارهاب وفرضها سيادة القانون وهيبة الدولة، بات لزاماً عليها الاستشراف المستقبلي الاستراتيجي لكل المعاني والمواقف والدلالات التي تفضي الى بناء المنظومة السياسية وتكريس الزخم الكبير باتجاه المسار والاجماع الوطني، ففي ظل الظروف الصعبة التي يعيشها العراق من تلكؤ البرلمان والحكومة، الامر الذي أدى الى ضعف الجانب الخدمي وتوفير الامن بشكل مطلوب، اذ لابد من السير قدماً في العملية السياسية، وإقرار القوانين المطلوبة للتنمية والاعمار، فكان لزاماً على القوى الكبيرة ان تمسك المبادرة وتطلب من الآخرين ان يلحقوا بها، بعد أن حصلت لهم قناعات بذلك لضمان نجاح العملية السياسية وحل الاشكاليات والازمات التي تحتاج الى وقفة شجاعة وصادقة لاحداث تطور ملموس وواضح على صعيد الامن والبناء والاعمار، لاسيما بعد أن انهارت قلاع القاعدة الارهابية في العراق وانحسارها، فقد تساقطت عياناً بعد اعتقال قياداتها واحداً تلو الآخر وأبعد من ذلك هو الهجرة المعاكسة وهروب عناصرها الاجرامية الى دول أخرى، غير أن التوتر الذي ساد الساحة العراقية لا ينتهي عند تخوم القاعدة فحسب بل هنالك من يحاول اشاعة الفوضى في أكثر من مكان، فلا سبيل امام العراقيين غير الذهاب الى طاولة المفاوضات والخروج من مربع وشرنقة التشكيك والتخوين غير الدقيق، والا فإن الجميع خاسرون ولم يكسب سوى أعداء العراق وتلك القوى الاقليمية التي لا تخفي اطماعها في العراق بجميع مكوناته، ولتجعل منه معبراً استراتيجياً لتوسيع تدخلاتها في الشأن العراقي. لذلك حظيت دعوة المجلس السياسي للامن الوطني بالقبول والاجماع الوطني لجميع الاحزاب والكيانات السياسية ودعواته الى حل مليشياتها فوراً وتسليم اسلحتها للدولة والتحول الى النشاط المدني كشرط اساس للاسهام في بناء العملية السياسية، وان اصطفافات الشعب العراقي بمرجعياته الدينية المختلفة، وقياداته السياسية، وعشائره، وهيئاته المدنية، ضد العنف والارهاب المنظم ومروجيه وهو من أهم عوامل نجاح معركة الامن والسلام لعموم البلاد ولكل المواطنين. ومن أجل دعم العملية السياسية والتنموية العراقية لابد من ان يرافقه تطور في الفهم العربي، فما يجري في العراق وما يتعرض له من تحد على كل الصعد، لازالت الرؤية العربية قاصرة عن فهم ديناميكية التعاطي مع الشأن العراقي، وإن الوضع العربي المتأزم اصلا لم يضع حلولاً لقضاياه ومشاكله التي يعتقد بمركزيتها، وهذه التصورات تداخلت بمكامن غير دقيقة مثل المزايدة على احترام سيادة واستقلال العراق، والتشكيك في هويته العربية والاسلامية، فلا بد لها من التسليم لارادة الشعب العراقي وتقرير مستقبله السياسي اذ لا يجوز ان يفتي بها غير العراقيين، وإمكانية ذلك الاسراع في اجراء المراجعة السريعة وتصحيح الاخطاء التي تفضي بمنع المتسللين الارهابيين، وتصدير اسلحة الفتك والقتل، فضلاً عن الاستجابة الفورية لمطالب العراق بفتح مكاتب التمثيل الدبلوماسي في بغداد واعتماد اللغة العصرية لحل كافة الاشكاليات التي تعترض الامن العراقي والعربي ككل.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |