|
-1- مرت يوم 14/4/2008 الذكرى العشرون لحملات الأنفال المشئومة التي قادها عهد صدام الطاغية. ولقد قيل الكثير في السنوات السابقة العشرين، عن تفاصيل هذه الحملات التي بدأت في ربيع 1988 وانتهت بنهاية عام 1989، وبلغت ثماني حملات. أي أن النظام لم يكتفِ بحملة أو حملتين، أو شهر أو شهرين في اعتداءاته على الآمنين والأبرياء، ولكنه كان يرسل موجات الموت والدمار شهراً بعد شهر، وحملة بعد حملة. -2-
لا نريد أن ندخل في تاريخ أو تفاصيل هذه الحملات، لأن الكتّاب والمثقفين بمختلف مشاربهم وأطيافهم – ومنهم حفنة قليلة من الكتاب العرب الشرفاء - قد كتبوا الكثير عن تاريخ وتفاصيل هذه الحملات. والمهم في هذا الهولوكوست والعبرة التي يجب أن نخرج بها ونتذكرها دائماً، هو أن نؤكد لأنفسنا أن الديكتاتوريات في العالم، لا تترك غير المآسي والكوارث والدمار والعثار. وأن من واجب البشرية كلها – وليس فقط من ابتلوا بها، وذاقوا طغيانها واستبدادها - أن تحارب الديكتاتورية، وتقف في وجهها لصالح البشرية جمعاء. -3- فلولا سكوت الضمير الأوروبي والضمير العالمي على جرائم النازية داخل ألمانيا، وإقامة المحرقة اليهودية، لما تجرأ هتلر على غزو أوروبا وتدميرها وقتل وأسر الملايين بعد ذلك، ولما خسرت أوروبا من عمرها، ومن تقدمها، ومن ازدهارها كل هذه السنوات الطويلة، التي عملت بها، لإعادة أوروبا على ما كانت عليه قبل الحرب العالمية الثانية، بل أفضل مما كانت. كذلك فلولا سكوت الضمير العربي والضمير العالمي على جرائم النازي الأخير صدام حسين، وما ارتكبه من جرائم في العراق، قبل حملات الأنفال من اعتقالات وقتل للنخُب وطرد نُخب أخرى من العراق، لما تجرأ على القيام بحملات الأنفال أو هولوكوست أهلنا الكُرد، وتكرار ما فعله النازي هتلر. -4- لقد استساغ هتلر العدوان والطغيان بعد الهولوكوست الذي نفّذه ضد اليهود، فاجتاح أوروبا وأجزاء من أفريقيا، ولولا أن استيقظ الضمير العالمي، وتدخلت أمريكا في الحرب العالمية الثانية، وأوقفت زحف النازية عند حدها، لاجتاح – ربما – هتلر العالم كله باستثناء أمريكا الشمالية. وقد قرأ صدام حسين هذا التاريخ، ولكنه لم يفهمه ولم يستوعبه جيداً. ومثاله في ذلك مثال كثيرين من الحكام العرب، الذين لا يستفيدون من دروس التاريخ، ومنهم معاوية بن أبي سفيان، الذي كان يقرأ كتاب التاريخ كل ليلة، ويضعه تحت وسادته، ولكنه في الصباح كان يفعل عكس ما قرأه. كذلك فعل صدام حسين. -5- فسكوت الضمير العربي بالدرجة الأولى والضمير العالمي عن جرائم الأنفال 1988-1989، دفع بصدام حسين إلى الإيغال في الجريمة، وإلى الجرأة والتقدم في غزو الكويت وشرق السعودية، أملاً منه أن يجتاح الخليج العربي كله بعد ذلك، ويبتلعه كلقمة سائغة. وكان من حظ الكويت أنها كانت مصدراً أساسياً من مصادر الطاقة البترولية في العالم، فاستيقظ الضمير العالمي بدافع من منافعه في الكويت، وتولّت أمريكا قيادة الحلفاء - كما فعلت في الحرب العالمية الثانية – وبدافع من منافعها في المحافظة على سلامة مصادر الطاقة في الخليج، وأخرجت صدام من الكويت وحررتها. فهل لو كانت كردستان العراق- بدون كركوك - منتجة للطاقة البترولية كما هي الكويت، لكان حظها أوفر بالأمان وبيقظة الضمير العربي والعالمي، وخاصة الأمريكي ؟
-6- لقد استطاعت أمريكا بعد عشرين عاماً من مجزرة الهولوكوست الكردي أن تنتقم من صدام، ومن الذين نفذوا هذه الجرائم البشعة في كردستان العراق، ولكن كان هذا بعد أن ارتُكبت هذه الجرائم، وذهبت مئات الآلاف من الضحايا الأبرياء، وبعد أن سبق السيف العدل والرحمة. فليس المهم أن يستيقظ الضمير العالمي، ولكن الأهم من ذلك متى يستيقظ، ويردع المجرمين قبل ارتكاب جرائمهم.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |