|
مسار النضال في العراق الجديد
أوميد كوبرولو في عراق ما قبل الاحتلال الأمريكي كان نضال الشعب العراقي بكل قومياته وطوائفه هو في سبيل رفع الظلم والاضطهاد والغبن والتهميش عن أبناء وادي الرافدين المظلومين في كل العصور السابقة وتحقيق المزيد من الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة في البلاد وبدون تفضيل فئة على أخرى مهما كانت عددها وقوتها ومنحها حقوق أكثر مما تستحقها دون الفئات الأخرى. حتى ولما كنا في ( أبو غريب ) أكبر السجون العراقية فكان هناك معنا قوميون، شيوعيون، إسلاميون، يمينيون ويساريون من كل الأحزاب العراقية المحظورة آنذاك ، وكان لكل سجين سياسي مبدئه السياسي الخاص الذي يؤمن به وأهدافه الذي يناضل من أجلها. النقطة الوحيدة التي كنا نتفق فيها الجميع هي مسار نضالنا الذي كنا نتوقعه بأن لن يتغير مهما حدث من الويلات والكوارث ومهما تبدل الأمور. كنا وأهالينا نتحمل الظروف اللا إنسانية القاسية في المعتقلات والسجون من إهانات وتعذيب لا لكي نكون يوما ما رؤساء أو مسئولين في مناصب رفيعة في البلاد وبل فقط كنا نضحي بأنفسنا ونجلب المشقات والمصائب والإهانات لعائلاتنا لكي نتوفق في الوصول إلى الأهداف التي ناضلنا من أجلها وبذلك تمكننا من تحقيق الحياة الحرة الكريمة لأبناء شعبنا العراقي العظيم الذي لا حول ولا قوة له في كسر قيود الاستعباد ، ولم يذق يوما ما طعم الحرية والديمقراطية. كان أملنا الوحيد آنذاك هو رسم تلك الابتسامة البريئة الجميلة في وجنات براعمنا الصغار حالهم حال براعم الدول الأوربية الذين ينعمون بالأمان والطمأنينة، لأن في تلك الدول قيمة للإنسان وحتى الحيوان عكس ما نراه ونسمعه عن بلداننا. كنا نفضل الحياة الجميلة والسعيدة لأجيالنا القادمة على حياتنا الشخصية التي كانت تلحقها الإهمال دوما. ولكن الذي حدث بعد سقوط النظام العراقي السابق واحتلال البلاد من قبل القوات الأمريكية والإنكليزية أصابنا بالخيبة والخسران والتندم. فتغير مسار النضال في العراق الجديد أيضا مثلما تغير أشياء أخرى كثيرة كالشرف والغيرة والكرامة والوطنية الصادقة وأمور أخرى لا تحصى ولا تعد. فكل الذين كانوا يناضلون في الماضي من أجل المبادئ السامية وتحقيق الحياة الحرة الكريمة للعراقيين تم تصفيتهم واحدة بعد الأخرى أو أبعادهم عن العملية السياسية التي أصبحت مسرحا لعملاء الأمريكان والإنكليز والإسرائيليين وغيرهم من الشعوب التي لها مصالح في المنطقة، وحتى الأحزاب والتنظيمات الوطنية التي تدافع عن وحدة العراق بدءوا بتغيير قيادييها بآخرين لا يهمهم وحدة العراق ولا حرية ورفاه الشعب العراقي ومستقبل البلاد. همهم الوحيد هو الترقي إلى المناصب العليا التي لا يستحقونها حتى ولو كانت هذه الترقية تأتي بعد طعن أعز رفاقهم في أحزابهم وتنظيماتهم السياسية. فترى أولئك الذين نالوا الفرصة من المناضلين الحقيقيين لكي يخدموا شعوبهم وبلدهم يتآمرون بسهولة في طعن أولئك المناضلين الحقيقيين بخنجر المسموم من الخلف والترقي إلى مناصبهم التي هم بغير آهلين لها. أما المناضلين الحقيقيين الذين قضوا أجمل سنوات عمرهم بين اعتقال والسجن في الغرف المظلمة للمخابرات العراقية ومديرية الأمن العامة والاستخبارات العسكرية وزنزانات سجن ( عفوا أصلاحية الأحكام الخاصة ) في أبو غريب وسجن بادوش في الموصل وغيرها من المعتقلات والسجون العراقية تراهم مسحوقين في البلاد أو فضلوا العيش كمغتربين خارج البلاد على العودة إلى بلاد لا قيمة لهم فيها. فبعد فشل الأمريكان والإنكليز وعملاءهم في العراق من تحقيق أحلامهم المريضة ومخططاتهم المشبوهة نتيجة معارضة الجهات العراقية الوطنية النزيهة لهم وخصوصا في مواضيع : 1. الفيدرالية التي بنيت على أسس طائفية وعرقية شوفينية والغاية منها تقسيم العراق إلى مناطق إقليمية في البداية وبعدها الاعتراف بتلك الأقاليم كدويلات جديدة قي المنطقة عميلة للأمريكان والإسرائيليين. 2. كركوك وضمها إلى الإقليم الكردي في شمال العراق والغاية منها واضحة ألا وهو تكريم الحزبين الكرديين الكبيرين في العراق الاتحاد الوطني الكردي بزعامة الرئيس العراقي جلال الطالباني والديمقراطي الكردي بزعامة رئيس الإدارة الكردية مسعود البارزاني، وذلك على مواقفهم العميلة لأمريكا وإسرائيل. لأن مصلحة الدولتين العدوَّتين مرهونة على دعمهم لعملائهم في العراق والذين يفضلوا بقاء الأمريكان المحتلين في العراق لكون بقاءهم ضمان بقاءهم الآخرين أيضا. وجب على المحتلين وعملاءهم المجرمين التخطيط لإزالة كل سياسي عراقي نزيه ووطني يتصدى لمخططاتهم الاستعمارية المشبوهة وذلك بالتآمر عليهم من الداخل والخارج. ولكن الذي يتحتم على أبناء العراق الغيارى هو عدم التخلي عن زعماءهم الوطنيين الذين يسهرون الليالي في سبيل فضح مخططات أعداء العراق الداخليين والخارجيين وطرد المحتلين من كل شبر عراقي دنسوه والحفاظ على وحدة البلاد أرضا وشعبا وتحقيق الوحدة والحرية والعدالة والمساواة ورفع الغبن والتجاهل عن المظلومين وإعطاء الحق المغتصب لأصحابه الشرعيين وألا بمناصرة الذين تخلوا عن وطنيتهم وعراقيتهم الأصيلة مقابل مناصب ومال لا يهمهم الظلم والانتهاكات والتجاوزات التي تلحق بأبناء الشعب العراقي وبل بتسليم رايتنا إلى أشخاص غير كفوئين وآهلين بقيادتنا سنكون سببا في عدم تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة كلها لا وفقط في بلدنا العراق. فيجب أن تبقى رايتنا في أيادي المناضلين الشرفاء لأنهم الوحيدين الذين يعرفون قيمتها ويصونوها بجد وفقهم الله والشعب العراقي العظيم وأمدهم بالعزم والقوة لطرد المحتلين وتحقيق الحياة الحرة الكريمة لكل العراق الموحد.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |