|
(1) يرجع بعض المؤرخين والمحللين المتنورين فكرة السقوط العربي من الاندلس الى بغداد في انهيارات متتالية للحواضر الاسلامية ونهيار الحضارة تحت اقدام المغول القدماء والجدد بسبب الاستبداد والا لماذا نحن دون امم الارض لقمة طرية تمزقها انياب الغزات وتقضمها ضروس المحتلين وقبل الاجابة على هذا السؤال لابد ان نعود الى التاريخ لنستقرئه ونلاحظ كيف يصنع الاستبداد على اعينا ومن يصنع الطغاة؟! وهنا لابد من استرشاف القديم والحديث حتى نرى صورتنا لامن اجل استعادة لحظات قاسية في عمر هذه الامة بل لنضع هذا كله في مرأة اللحظة الراهنة لعلنا نرى ونعرف ونتفهم ونعي مانحن عليه من (مدجن مشاكل) تشخيص تراثي (الحسن البصري) لعل دليلنا في هذه الرحلة هو العلامة صاحب الباع الطويل المعروف الحسن البصري وواقعنا المرالتعيس هذا يعزوه الفقيه البصري يؤكده بالقول :(أفسد امر هذه الامة اثنان عمرو ابن العاص يوم اشار على معاوية برفع المصاحف والمغيرة ابن شعبة حين اشارعلى معاوية بالبيعة ليزيد ولو لا ذلك لكانت شورى الى يوم القيامة ) وكان الاثنن من رجال واركان دولة معاوية فالاول: ابن العاص كان يطمع في امارة مصروعقد صفقة مع معاوية لينقذه في معركة صفين من هزيمة محققة على يد علي ابن ابي طالب بخدعة رفع المصاحف على اسنة الرماح واللجوء الى التحكيم ..أما الثاني :المغيرة ابن شعبة فقد اختطف لنفسه ولاية الكوفة بعد مقتل علي واشار على معاوية بأخذ البيعة لابنه يزيد من بعده وكانت تلك اطول بيعة في تاريخ الاسلام كان معاوية يحكم دولة الاسلام من شمال افريقيا وحتى جورجيا واذربايجان وخراسان بعد ان اغتصب الخلافة اغتصابا بحد السيف وجاء وجاء المغيرة عارضا خدماته على سيده معاوية بعدما علم بانه سيعزله من ولاية الكوفة فارادا ان يحابي معاوية حتى يبقيه فاشار عليه بتوبالبيعة التي ظلت سارية الى الان دستورا جامعا مانعا للمستبدين واعوانهم فقد هيأمعاوية المسرح حين توالت عليه الوفود وكانت الادوار موزعة على الجميع من زبانيتة ومرتزقته إذ اتفق الضحاك بن قيس الفهري على ان يعقب على كلامه بالدعوة الى البيعة ويحثه عليها كأن معاوية لايريدها وتحدث الضحاك قائلا:يامير المؤمنين إنه لابد للناس من وال بعدك ويزيد ابن امير المؤمنين في حسن هديه وقصد سيرته على ماعلمت من أفضلنا حلما واعلمنا وابعدنا رأيا فوله عهدك واجعله لنا علما بعدك ومفزعنا نلجأ اليه ونسكن الى ظله وكان يزيد سكيرا مستهترا ومع ذلك قام عمربن سعيد الاشدق ليقول:أيها الناس إن يزيد امل تأملونه واجل تأمنونه طويل الباع رحب الذراع إذا صرتم الى عدله وسعكم زبعد هذا الاطراء والفتاوى بتوليته من اهل الحل والعقد كان لابد من القوة الاجرائية المنفذة المرهبة فوقف يزيد ابن المقفع العذري قائلا:هذا امير المؤمنين واشار الى معاوية فإن مات فهذا وأشار الى يزيد ومن أبى فهذا واشار الى السيف .!! كان ابن المقفع صنفا من رجال الدولة فمابال المثقفيفين في مثل هذا الموقف ؟ فهذا احد حكماء العرب (الاحنف ابن قيس ) نوذجا دالا على المثقف الذي يمثل المعارضة الرخوة فعندما سأله معاوية عن رايه في يزيد قال :نخافكم إن صدقنا ونخاف الله إن كذبنا وأنت امير المؤمنين أعلم بيزيد في ليله ونهاره وسره وعلانيته ومدخله ومخرجه فإن كنت تعلمه خيرا للامة فلا تشاور فيه وإن كنت تعلم غير ذالك فلا تزوده الدنيا وأنت صائر الى الاخرة وإنما علينا أن نقول سمعنا واطعنا ومن هنا نرى ان مواقف المعارضة الرخوة انها تنحاز الى النظام في اول مواجهة بين الحاكم والمعارضين وتتبين بسرعة مقولة الشرعية الخادعة وهي في الحقيقة تخشى على مكاسبها ومكانتها القريبة ومن دائرة الحكم وصنع القرار ..ولايبقى في الميدان مقارعا ومكافحا غير الحر الابي الذي لايرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الابرما ..الذين يهبون بتصميهم على شهادة الروح والحياة للامة ..لكن ما اندر هؤلاء في كل عصر ودهر ..!! تشخيص عصري لداء الاستبداد وفي القرن الماضي اواخرايام الاستبداد العثماني الذي جثم مئات السنين يبيد ويقهر مخيما بكابوس التخلف والتحجر ظهر الفيلسوف المتحررالشيخ عبد الرحمان الكواكبي الذي شن حربا لاهوادة فيها على الطغا و الطغيان من خلال كتبه (ام القرى )و(طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) وهنا يوضح العلامة الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد من اعتماد المستبدين والاستبداد على لوازمه من الجهل والتطرف ويمجد العلم والتنوير لكاشف لدياجير الظلام والظلاميين :(فالمستبد لايخاف من العلوم الدينيه المتعلقه بالمعاد لاعتقاده انها لا ترفع غباوه ولا تزيل غشاوه وانما يتلهى بها المتهوسون...لاكن ترتعد فرائص المستبد من علوم الحياة مثل الحكمه النظريه والفلسه العقليه وحقوق الامم او السياسه المدنيه ..وغيرها من العلوم الممزقه للغيوم ..المبسقه للشموس المحرقه للرؤس ) ويؤكد تلميذ الامام المتنور محمد عبده العلامة الشيخ رشيد رضا في مقالاً له في المنارعدد أغسطس 1904 ص28 مشخصاً انحطاط المسلمين وتقهقرهم حيث يرجعه الى عاملين رئيسيين :(إن مرض المسلمين يكمن في امرين هما إستبداد الحكام والتقليد في الدين الذي إستلزم التقليد في كل شيء. وكلا الامرين مخالف للاسلام ) فهناك من يذهبون الى التاريخ ولا يعودون وان عادوا فانهم يدمرون حياتنا بمقولات لاتنتمي الى عصرنا بان يغطوا على عورات استبدادهم ب(مجالس الشورى )تعيينية في محميات فرسان الاستبداد وامراء الاعراب ليقال عنهم يواكبون العصر وتطلعاته ومسيرة الديمقراطية ..او ماتفرزه انقلابات العساكر و(مجالس قيادة الثورة) البديلة عن الديمقراطية كما في مفهوم عبد الناصر اوماطورته عبقريات الانظمة الشمولية من مسرحيات زائفة منحطة بحصولهم حتى على اكثر حتى من 100% و حتى على نظم تتشدق بالديمقراطية وكل مفاصلها غارقة في حضيض الاستبداد والرعب ..حيث يظل الرئيس ونظامه منتخبا مادام العمر وان نزلت به نازلة فالوريث جاهز ...وهذا النظام الشرقي للتوريث لايقف عند الحكام فقط بل انه يسري حتى على احزاب وتنظيمات ومؤسسات و..و..حيث تبقى الديمقراطية حلما وايقونات تزينية لاقبية الانظمة نرجع الى صلب الموضوع لجأ معاوية الى كل حيلة ودسيسة وكل ترغيب وترهيب حتى كان له ماراد وبمباركة (شيوخ الشيطان ) لهما لكونه خير سلف لخير خلف ..طبعا لما اتخمه به من الفتات امثال (شيخ المضيرة)واقرانه ..وما اوقره في ركابهم من اموال جليلة اعمت بصائرهم في المدينة المنورة وفي المسجد النبوي الشريف .. وكان اخرالمطاف له ماراد من تولية (يزيد)الفسق والفجو والاجرام ..ومرت 1370 عاما على هذه البيعة المشؤومة الشهيرة ومازال الناس يبايعون كل يزيد ملكا او رئيسا او اميرا والسيف على رقابهم كل شيء تغير لكنك ستجد في كل عاصمة يزيد ومعاوية ومعاوية قائم يأخذ له البيعة بشراء الذمم وبحد السيف ...
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |