القراصنة والإنتخابات .. أينزل بعيرنا من على تل العقود القديم ..

 

 د. محمد الموسوي/ الامين

العام للجبهة الوطنية العراقية

drmalmousawi@gmail.com 

من جديد وبعد مداد بحر من الدم في العراق المفترض أن يكون ديمقراطيا عادت لغة القرصنة السياسية..، وهذه ضربة جديدة يتعرض إليها الشعب بعد ضربة الإنتخابت البرلمانية السابقة تلك التي لعب فيها رجال الدين لعبتهم وسلبوا آراء الناس لينتهي الأمر إلى تسليم العراق بيد حكومة من المساومين والمقايضين والمهادنين الذين لا قدرة ولا توجه لهم لبناء حكومة ديمقراطية تطيح بتوجهات الجانب الأعظم منهم إن لم نقل أكثر فلم يكن أمامهم سوى تشكيل حكومة توافقية (حكومة محاصصة) وما دامت الحصص والإمتيازات سائرة حسب الإتفاقات فلا صوت ولا حرج ولا ريب ولا مشكلة لديهم سوى الإملاءات القادمة من وراء الحدود وعلى العكس في حال الإخلال بالإتفاقات البعيدة عن المواطن الناخب المسكين قامت قيامة الجميع وعلت أصواتهم ونشر غسيلهم على حبال فضائية دون أدنى رادع أو ريب .. أما الناخبين فلا حاجة لهم بهم فقد أدلوا باصواتهم وعند الحاجة إليهم يستحضر خطاب الدين للإستحواذ على آرائهم وسلبها من جديد فأصبح الناخب الحر وغير المقرب لفئة كائن للواجبات والموت والدم والسجن والتشرد فلا حق لهم يؤدى ولا رأيهم يحترم.. أما حكومة المحاصصة فقد اصابها العلل من يوم ولادتها فخلعت عافيتها وبدأت يوما جديدا من أيام المكابرة والمغالطات حتى إنفلقت على نفسها إنفلاقا تلو الآخر وأصابها الصداع ولم تعد تعرف أين تتجه لماضيها وضريبته القاسية أم لحاضرها الذي ترغبه ويمنعها طغيان طغاة الماضي..حائرون تائهون يشفق عليهم الحكماء من السياسيون.. والمسيرة السياسية مستمرة .. ولكن الأهم هو ان يحدد مسارها جماهيريا ويصنع مسارها جماهيريا وهذا ما يجب أن يبدأ في إنتخابات المحافظات المزمع قيامها قريبا وهي بداية ولادة الحق والقدرة الشعبيتين وبيد الشعب إن أفلح الشعب في ذلك من تكاتفه وصموده في معركته الإنتخابية هذه مع القراصنة وقد بدأت عمليات القرصنة بدءا من تحديد أكثر من ستة آلاف موظف في المفوضية العليا للإنتخابات بدون علم الجماهير وإعلان برنامج المفوضية في وقت متأخر وفي الفضائية العراقية التي لا يشاهدها إلا القليل من الناس وكان بالأحرى نشرها في وقت مبكر وفي عدة فضائيات ولمرات عديدة وكذلك على الإنترنت .. وهنا أذكر ابناء شعبي المساكين على مدار التاريخ بأنهم أمام معركة شرسة قطع الخصم شوطا كبيرا منها منتصرا ولم يبقى الكثير من الوقت ولا فرصة ولا خيار سوى الإنتصار ..فإما أن تنتصروا وتنفسوا الصعداء وإما أن تشتكوا طويلا وإلى أجل غير معلوم .. وعليه لا خيار أمامكم سوى خوض المعركة دون رهبة أو خوف ولا تنتظروا مالا ولا وظيفة ولا ميزة ولا شكرا من أحد خوضوها من أجل العراق ومن اجل سلامة أبنائكم وأمانهم وعودة مشرديكم ونيل حريتكم ووضع حد للمقابر التي تضاهي عدد المساكن وللسجون التي شكت من ظلم سجانيها على مدى أكثر من سبعين عاما من عمر العراق المعاصر ..خوضوا الإنتخابات لأجل العراق الجديد السعيد.. ولا لشيء سوى الإنتصار.

ونلفت نظر القارىء والناخب والمراقب إلى أن العراقيين الأحرار يخوضون هذه الإنتخابات مفلسين من كل شيء ما عدا قيمهم الرشيدة.. فلا رجل دين يساندهم ولا مالا ليعطونه لأحد ولا قدرة ولا نفوذ لديهم يمكنهم من الردع أو من أحد أشكال الإستحواذ والسيطرة على بعض من اسباب الفوز .. لا شيء لديهم سوى أن يستصرخوا الشعب بحرمة تلك الدماء التي هدرت والحرمات التي هتكت والنفوس التي أرعبت والدولة التي أبيحت للجريمة والفوضى والرذيلة .. لا شيء لدى الأحرار سوى أن يستصرخوا الشعب ليهب معهم لنصرتهم وليكونوا جميعا مشاركين وحامين لنزاهة هذه الإنتخابات لكي لا تتكرر مأساة الإنتخابات الماضية وكي نوقف شكوانا ونعيش حياتنا بما أوجب الله علينا من السلام والأمان ..

تدرك غالبية الشعب العراقي أهمية وخطورة هذه الإنتخابات ولذلك شكلت وفدا من شيوخ العشائر والمثقفين وسعت مسبقا ومنذ أكثر من شهر لتحديد موعد لزيارة المرجع الديني الكبير سماحة السيد علي السيستاني دام ظله لمطالبته بمباركة القوى الوطنية والديمقراطية التي تكن له الإحترام الوقار والإجلال أو على الأقل إلتزام جانب الحياد لتفادي ما وقع على الأمة من ضرر وبلاء بعد الإنتخابات الماضية التي جرت بمباركة المرجعية الدينية وقوبل هذا الطلب برفض غير مقبول قبل معرفة أسباب الزيارة وأصيب الوفد الذي ضم عدد كبيرا ومن كافة فئات الشعب بخيبة أمل كبيرة وقد يدفعهم هذا الأمر إلى الإحساس بالغبن والشعور بعدم وجود راعي حقيقي لهذه الأمة وهذا ما قد يدفع الناس إلى خلق علاج للأزمة في العراق كالإنتفاض على كل شيء بما في ذلك رجال الدين وعزلهم عن السلطة تماما وإبقائهم في مساجدهم وكنائسهم وعابهم كحل أفضل وحفظ قيمة الدين وإبقاء مبدأ الإعتقاد قويا متينا من خلال عزل الدين عن السياسة وهذا أمر حتمي قيامه كردة فعل جماهيرية لما يجري وما يدور حاليا في جميع أنحاء العراق بلا إستثناء .. والكثير من العراقيين يتحدثون عن النهضة في أوربا بعد عزل الدين عن السلطة والسياسة وبذلك نهضت أوربا وبقت الكنيسة مبجلة وذات قداسة عليا في كل مكان.     

والكل عازمون على إنزال البعير من على التل بعد شيخوخة عقود مل منها الدهر.. وحذاري أن تأتوا ببعير جديد..وإلى عراق أفضل.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com