|
لا يمتلك القادة السياسيون حقاً آلهياً بالحكم، وليس من الديمقراطية بشيء اختيار الناس لممثليهم وفقاً لمعايير هامشية مثل المكانة الاجتماعية والشهادة الأكاديمية والثروة ، بل الواجب أن يصوت الناس للمرشحين على أساس وعودهم وتعهداتهم الانتخابية، المعلنة في مناهج أحزابهم وحركاتهم وبياناتهم الموثقة، والتي هي بمثابة العهد والاتفاق بينهم وبين الناخبين الذين يصوتون لهم، وعلى المرشحين الفائزين الوفاء بوعودهم لناخبيهم من خلال مشاركتهم في تقديم مشاريع القوانين والمناقشة والتصويت في البرلمان، والحزب أو التكتل الحزبي الذي يؤلف الحكومة مطالب بالإلتزام بتنفيذ وعوده بالكامل، ومن المحزن بأن كل هذه الشروط الأساسية لاكتمال العملية الديمقراطية لم تتوفر في الانتخابات النيابية في العراق، التي على أساسها تكونت الحكومة العراقية الحالية، فلم تكن هنالك بيانات انتخابية بل تصريحات متفرقة، وانفرد رؤوساء الأحزاب والتكتلات باختيار الممثلين كما يشاؤون، وبعد الانتخابات التي صوت فيها العراقيون بالحبر والدماء تصرف معظم أعضاء البرلمان والحكومة باستعلاء، واستهانوا بمطالب العراقيين، وأعطوهم إذناً صماء، وبدلاً من الوفاء بالقليل من الوعود التي صرحوا بها مثل انهاء الاحتلال والأمن وإعادة الإعمار انهمكوا بالتشاحن فيما بينهم وزيادة رواتبهم وترتيب أمور حجهم السنوي شبه الجماعي، والأدهى من ذلك إذعانهم لأوامر الأمريكان المحتلين والرضوخ لمخططاتهم التخريبية بدلاً من خدمة مصالح العراقيين. انتظرنا طويلاً تصحيح الانحرافات الخطيرة التي اعترت مسيرة العمل السياسي الراهن في العراق، والتي باتت تنذر بتحول وشيك في النظام السياسي نحو الدكتاتورية والتسلط واحتكار العمل السياسي واقصاء الخصوم من العملية السياسية، تمهيداً للتضييق من جديد على الهامش الضيق للحريات بدعوى الحفاظ على الأمن وغيرها من الذرائع التي اعتادت بعض النظم التعسفية في استخدامها لقمع شعوبها، وتواجه العراقيين الخائفين على سيادة ووحدة وثروات بلادهم أعتى التحديات مع اقتراب مواعيد تنفيذ الحكام الحاليين لإملاءت الاحتلال الخاصة بتقسيم العراق إلى كيانات وكانتونات إثنية وطائفية بهدف إضعافه ومنعه من التصدي للهيمنة الأمريكية والصهيونية في المنطقة مجدداً والتوقيع على صك عبودية العراق لأمريكا المموه بإسم المعاهدة الأمنية، ورهن ثروته من النفط لدى الشركات الأمريكية الاحتكارية، وقد افترض أعوان وحلفاء المحتلين بأن العراقيين المنهكين من الإرهاب وانعدام الأمن وضحالة الخدمات وضنك العيش وانتشار الفساد لا يمتلكون الإرادة ولا القدرة على الوقوف بوجه مخططاتهم، ولكن مجابهات البصرة ومدينة الصدر أثبتت خطأ افتراضهم. يعتمد نجاح مقاومة المحتلين على عدد من المقومات السياسية والتنظيمية، من أبرزها تكوين جبهة معرضة واسعة، تضم كافة الأحزاب والحركات الوطنية باستثناء أتباع النظام البعثي البائد والإرهابيين الطائفيين، تعمل على استقطاب وتفعيل مشاركة كافة العراقيين في أنشطتها، وكسب التأييد العالمي لأهدافها الإنسانية والوطنية، ولعل أفضل نقطة انطلاق لهذه المقاومة الخيرة إعداد وثيقة، تشتمل على القواسم المشتركة من المباديء والتوجهات التي يجمع عليها العراقيون المعارضون للاحتلال والتبعية له، والسرعة في تشكيل جبهة المعارضة وتفعيلها مطلوبة لضمان افشال ومنع تمرير إملاءات المحتلين، لذا اقترح مبادرة التيار الصدري لطرح بيان السيد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري الموجه لوزير الدفاع الأمريكي كوثيقة أساسية من وثائق الجبهة المزمع انشاؤها، حيث اشتمل البيان على أهم المباديء التي ينبغي على معارضي الاحتلال الالتزام بها، وهي كما يلي: - رفض الاحتلال رفضاً مطلقاً واعتباره شراً مستطيراً على العراق وأهله. - مطالبة الاحتلال بالرحيل ووضع جدول زمني للانسحاب من دون قيد أو شرط. - التأكيد على حق العراقيين في معارضة ومقاومة الاحتلال بكافة الطرق والوسائل بما فيها المقاومة المسلحة. - رفض كل أنواع المعاهدات والاتفاقات مع المحتلين باعتبارها تفريطاً وانتقاصاً لسيادة واستقلال العراق. - مطالبة الحكومة العراقية بالاستجابة لمطالب الجماهير العراقية بانسحاب قوات الاحتلال والحفاظ على سيادة واستقلال وموارد العراق. - إن الاستمرار بالمشاركة في العملية السياسية مرهون باستهدافها خروج المحتلين بالمقام الأول. - جميع العراقيين وعلى اختلاف أعراقهم ودياناتهم وطوائفهم أخوة، ودماؤهم وحقوقهم مصونة. - الالتزام بالعدل وحفظ الحقوق والمساواة بين العراقيين ونبذ الدكتاتورية والتسلط. لقد أكدت كل نتائج استطلاعات الرأي المنفذة من قبل مؤسسات عالمية وعراقية بأن الغالبية العظمى من العراقيين يؤيدون انسحاب القوات المحتلة بأسرع وقت، ولكن الحكومة العراقية والجماعات السياسية المشاركة فيها تجاهلت هذه النتائج، وهي ماضية في تنفيذ ما يمليه عليها الاحتلال من قوانين ومعاهدات وقرارات مخلة بسيادة واستقلال العراق ومتناقضة مع الوعود التي قطعتها على نفسها وعهود أعضائها أمام الله والعراقيين بالحفاظ على الدستور، لذا يتوجب تقديم الدليل القاطع على أن العراقيين يعارضون الاحتلال والتبعية له من خلال استفتاء شعبي، وذلك بدعوة العراقيين للتوقيع بالتأييد على ما ورد في خطاب السيد مقتدى الصدر من مباديء، واستعمال مختلف الطرق والوسائل لتنفيذ هذا الاستفتاء الشعبي، بما في ذلك فتح مراكز ثابتة لجمع التواقيع، والقيام بجولات ميدانية في المدن والقرى، وانشاء موقع ألكتروني لنفس الغرض، ودعوة العراقيين في المهجر للمشاركة في الحملة، والمطلوب هو جمع تواقيع الملايين من العراقيين، لكي نبرهن لدول وشعوب العالم جمعاء بأننا نرفض الاحتلال والتبعية، وأجزم بأن هذا الهدف قابل للتحقيق بعون الله، وسيمهد لخروج المحتلين والعودة بالمسيرة السياسية إلى مسارها الصحيح الذي يرتضيه العراقيون، واسمحوا لي بأن أكون أول الموقعين تأييداً لبيان السيد مقتدى الصدر.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |