لنتحاور ...

 

كفاح محمود كريم

kmkinfo@gmail.com

أسئلة تحيرني!

 الأستاذ كفاح محمود كريم:

 أشكرك على التعريف بقضايا شعبك وأنا كمثقف عربي أقف مسافة متساوية من الجميع لأقف على الحقيقية..

 لي أصدقاء من كافة الملل والطوائف والنحل أرضيا وإلكترونيا..كنت أتحدث مع زميل عمل وصديق عراقي من آل الجلبي (هو صديق وزميل طفولة للدكتور علي القاسمي) عن الوضع العراقي أمس..

 لا أحد يستطيع أن ينكر أن هناك مآسي وجرائم ارتكبت لكن ما يشغلني كمثقف عربي.. ( ويقصد هنا الأنفال وحلبجة )!.

 لماذا ارتكب النظام هذه الجرائم؟ وما الذي دفعه إلى ذلك؟ لا تقولوا لي ..أن النظام استيقظ في الصباح وقرر أن يرتكب هذه الجرائم!

 ما هو ردكم على صور وعلاقات البارزاني مع الكي جي بي والموساد الإسرائيلي في الستينات؟

 ماذا كنت ستفعل لو كنت مكان صدام حسين في الحكم وأنت ترى ما تراه الآن؟

 لماذا لا يستطيع أحد أن يضبط الوضع العراقي حتى الآن؟

 هل يصلح نظام ديموقراطي للعراق بهذه التركيبة المعقدة والمتفجرة؟

 لماذا هناك شيعة لا يزالون يؤيدون ويدافعون عن صدام على افتراض أنه كان طائفيا؟

 ماذا أفعل أنا كمثقف عربي وأنا أراكم ترون حكومة وإفرازات الاحتلال واقعا شرعيا؟

 ماذا تطلب ككوردي من المثقفين والمفكرين العرب الأحرار ممثلين بهذا الصرح؟

  عامر العظم

 الأستاذ الفاضل

الدكتور عامر العظم

رئيس الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب

 بداية اشكر لكم مداخلتكم الكريمة ومروركم الجميل هذا، كما بودي أن أشيد باهتمامكم شخصيا بما نكتبه سواء اتفقنا أم لم نتفق في وجهات نظرنا للأمور، وهذه صفة خلاقة وراقية أتمنى أن تسود صفحات ومنتديات موقعنا الكبير هذا، وان يكون بحق الصوت والصوت الآخر، بل يكون صوتا لكل المضطهدين في الشرق الأوسط وعالمنا العربي والعالم.

في تساؤلكم الأول عن سبب اقتراف النظام السابق لهذه الجرائم، حقا هو لم يستيقظ فجرا ليقترف كل هذه المآسي؟

ربما الكثير من الأشقاء العرب لا يعرفون طبيعة الذين حكموا العراق لأربعين سنة خلت ومنظومة أفكارهم وأسلوب إدارتهم وسلوك أعضائهم وقياداتهم تجاه من يعارضهم في الفكر أو الرأي أو ربما يزاحمهم على إدارة البلاد، ولو تسنى لسيادتكم وقرأتم الحلقات السابقة من مقالنا حول الأنفال لأدركتم الكثير مما جرى ، وعموما لكي لا أطيل عليك أخي الفاضل فان النظام السابق لم يستيقظ فجرا لكي يبيد ويهجر أكثر من نصف مليون عراقي بحجة أنهم من تبعية فارسية؟ وهذه واحدة من أكثر جرائمه بشاعة بحق المواطنين العراقيين بصرف النظر عن أصولهم العرقية أو الأثنية، فكما تعلمون استاذنا الفاضل هناك ربما الملايين من العرب والمسلمين وغيرهم ممن استحصلوا جنسيات أمريكية وأوربية وغيرها حسب نظام الإقامة والتجنس في تلك الدول خلال اقل من عشرة سنين ، وأصبح من حقهم أن يكونوا ليس فقط مواطنين من الدرجة الأولى فحسب بل رؤساء أو وزراء أو أي موقع آخر.

 وبصرف النظر أيضا عن الأسباب التي أدت إلى الحرب مع الكورد ، وأقول الكورد لأن النظام السابق لم يقاتل ويقتل قوات البيشمه ركه فحسب بل دمر أكثر من أربعة آلاف قرية بكل ما فيها وعليها من بشر وحيوان ونبات وأحالها إلى ارض محروقة، وتلك العمليات التي استمرت لأكثر من عام كامل، موثقة لدى الأمم المتحدة وأقرتها محكمة الجنايات العراقية العليا، وهناك منظمات أممية غير حكومية على اطلاع موثق بكل تلك الجرائم بحق الإنسانية.

 أما فيما يتعلق باتهام الكورد وقياداتهم بالعلاقة مع إسرائيل فتلك شماعة مقرفة حقا، والأولى أن ندع هذا الموضوع للآخرين سيدي الفاضل ، فعلم إسرائيل يرفرف فوق أعلى المباني في عواصم العروبة وفي مقدمتهم عاصمة العرب وحضارتهم ونضالهم قاهرة مصر العروبة ومعظم عواصم الدول العربية الأكثر علاقة بموضوع فلسطين الجريحة أرضا واقتصادا وتاريخا.

 إن علاقة الكورد بإسرائيل كما تدعي بعض وسائل الإعلام العربية واحدة من الشماعات المزرية والمثيرة للتقزز أمام ما يجري الآن من صفقات بين إسرائيل وكثير من الأنظمة العربية وحتى كثير من القوى ذات العلاقة المباشرة بقضية فلسطين في الساحة الفلسطينية وغيرها.

أنا لن أكون في مكان احد في العراق فانا اشغل مكاني فقط، وكان على الرئيس السابق أن يقاتل بمستوى طروحاته وخطبه حتى الموت لا أن يخزينا جميعا بتلك الصورة والنهاية البائسة التي انتهى بها نظامه المهلهل والمليء بالأكاذيب والشعارات الفارغة التي خدرت شارعنا العراقي والعربي منذ عشرات السنين، انظر يا أخي الفاضل ماذا يجري في بلد يفترض أن يكون واحدا من أرقى بلدان العالم بتاريخه وثرواته وإمكانياته وحضارته، بسبب تلك الأكاذيب والشعارات الكاذبة والاستبداد الفردي والقبلي والعرقي وحتى المذهبي، ليس في العراق فحسب، فهذه سمة معظم أنظمتنا السياسية في منطقة الشرق الأوسط.

الوضع العراقي سيتم ضبطه لو تخلت دول الجوار وما بعد الجوار عن أجنداتها في العراق، وتخلى الحاضنون لأجندات الخارج في العراق ممن يحنون للقائد الضرورة والدكتاتورية المقيتة ويتأملون بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. ويمنحون الوطنيون العراقيون فرصة تحرير البلد من الاحتلال والإبادة الجماعية التي تقترفها دول الجوار في الشرق والغرب والشمال من العراق.

 لا علاقة بالديمقراطية بما يحدث الآن في العراق، فكما يعلم جنابكم الكريم إن الديمقراطية نظام لتبادل السلطة بأسلوب متحضر بعيد عن الأساليب التي اعتدنا عليها هنا بالانقلابات والتوريث، وما يحدث في العراق اليوم حرب بين الماضي والحاضر وبين إيران وأمريكا وبين سوريا وأمريكا وبين وبين إلى آخر المتصارعين والمتورطين معهم من العراقيين وليس للشعب العراقي أية مصلحة في كل ذلك، وما يجري كله لحساب الأمريكان والقاعدة وبقايا النظام السابق والقوى الدينية والمذهبية المتطرفة.

 رغم إنني لا أحبذ الرد بسؤال ولكنني أراني مضطرا للقول: وهل تستكثر على نظام وحزب حكم العراق ما يقارب الأربعين سنة أن يكون له إتباع ومريدين من كل الشرائح والطبقات وحتى الأعراق والمذاهب؟

 صدقني أيها الشقيق الذي أكن له كل الاحترام والاعتزاز، لو كنا جميعا تركنا الفلسطينيون يقررون مصيرهم منذ البدايات لكانت الأمور غير ما هي الآن، لقد زرعنا في فلسطين وأنشأنا أكثر من عشرين قطرا عربيا بكل ما تعني الكلمة من إيديولوجية ومخابرات وإمكانيات ومرتزقة وجنابكم خير من يعرف حقيقة تأثير النظم العربية على مجريات القضية الفلسطينية والمتاجرة بها كما يحصل اليوم مع القضية العراقية. لو تركوا العراقيون يمارسون دورهم في التعاطي مع من استقدمهم ومنحهم فرصة الاحتلال من الأمريكان وغيرهم، لاستطاع هذا الشعب أن يختصر الزمن لعلاج جروحه الغائرة. ليس الأمريكان وحدهم يحتلون العراق فهناك الإيرانيون وعصابات الجريمة المنظمة القادمة من خارج الحدود بكل مسمياتها والجهات القادمة منها وكل أجهزة المخابرات العاملة على ارض العراق. لم يكن الكورد هم الذين استقدموا الأمريكان أيها الأخ الفاضل بل استقدمهم الأشقاء في الخليج وسوريا ومصر العربية والمغرب، بل وقاتلوا معهم وإمامهم قوات الجيش العراقي وأبادوه أبان ( غزوة ) الكويت.

في هذا الصرح أيها الفاضل الكبير أرى بارقة أمل لبناء صرح راقي للتعاطي مع الحياة ومفرداتها، متمثلة بطروحاتكم وجرأتكم في تناول كثير من القضايا المهمة بروح راقية ومتحضرة للوصول إلى أفضل النتائج.

أتمنى أن يتفهم المثقف العربي قضيتنا ويتعاطى معها كما تعامل وتعاطى المثقف والإنسان الكوردي العادي مع قضايا الشعب العربي في التحرر والاستقلال منذ صلاح الدين الأيوبي وحتى يومنا هذا، لا أن يهمشنا وينظر إلينا من زاوية شوفينية فيضطرنا للتعامل مع من يفهم ويتعاطف مع قضيتنا من غير جيراننا.

حقيقة أيها الأستاذ يعز علينا أن نرى الكثير من الأوربيين والأمريكيين ممن يتعاطفون معنا من المنظمات المدنية والمؤسسات الاجتماعية وحتى الدول، في الوقت الذي لا نرى معنا من يشترك معنا في الدين والأرض.

 خيارنا كما قلت في مقال سابق هو العراق وسوريا وليس لهم غيرنا إخوة وأصحاب، صدقني والعكس صحيح.

 شكرا أيها الأستاذ الفاضل عامر العظم..

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com