العراق بين احتلالين

 

عبدالجبار الجبوري/

كاتب وإعلامي عراقي

abjaljaboori@gmail.com

تمّر اليوم الذكرى الخامسة لاحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في المنطقة من عرب ودول جوار، تم في هذا الاحتلال الوحشي تدمير بنية العراق وقتل ابناءه من علماء ورجال دين وروؤساء عشائر تناويء الاحتلال وطيارين شاركوا في ضرب إيران ابّان الحرب العراقية الإيرانية وتم اعدامهم في جزيرة (خرج)، واليوم إذ تمّر ذكرى الغزو، لابد ان نقف عند محطات هامة لقراءة ما تيسر من سورة العراقيين وهم يقفون بصلابة وشرف في وجه الغزاة الاميركان واذنابهم وعملاءهم في العراق، متوحدين يداً واحدة خلف المقاومة التي اذّلت الجيش الأميركي وادارة بوش، وحين نقرأ اولى محطات الجهاد نرى المشهد العراقي يزداد بريقاً وان نصر المؤمنين الصابرين قاب قوسين أو أدنى، فيما يزداد مشهد الغزاة ظلاماً، فعلى الصعيد العسكري يغوص الاحتلال وأعوانه في وحل الهزائم فالحملات العسكرية بمسمياتها (البائسة) لم تتوقف عن قتل الشعب في كل مدن العراق ضمن فشل في ديالى إلى فشل في الانبار والموصل وكركوك وبغداد والبصرة ومدينة الصدر والناصرية والديوانية والكوت والميسان ويكاد لا يخرج منها من يشرف على هذه (الحملات) إلاّ وتعرض إلى محاولات اغتيال كما حصل (للمالكي ووزير داخليته وناطقه العسكري ووزير دفاعه) في البصرة أما في الموصل التي يستعّد أهلها لمواجهة (الاجتياح) المزعوم منذ أشهر حيث تعلن القوات الأميريكية الغازية تأجيل الاجتياح بحجة (عدم جاهزية القوات العراقية) فيما تتواصل عملياتها في البصرة والصدر بفشل ساحق للاسبوع الرابع على التوالي، وعملية (صولة الفرسان) التي نفذها المالكي بنفسه في البصرة أظهرت عجزاً قائلاً في أداء قوات المالكي المنهزمة (حسب اعتراف الفنان اللواء محمد العسكري) الذي اعترف بهروب أكثر من ألف ضابط كبير وجندي من المعركة وطالب باحالتهم إلى القضاء (العادل)، حتى وقع المالكي ووزير دفاعه في ورطة عبّر عنها بـ(اخذنا المسلحون في البصرة على حين غرة) هذا الورطة أخرجته منه إيران التي تشارك القوات الأميريكية في احتلال العراق حيث وقفت بتدخلها المباشر المعركة في البصرة وهذا دليل قاطع على شدة النفوذ الكبير الذي تمارسه إيران على رؤوساء الكتل الشيعية الموالية لها والمؤتمرة باوامرها ومن ضمنهم (المالكي وميليشياته) وهكذا توقفت عمليات (صولة الفرسان المهزومة) بأوامر إيرانية مباشرة لكي تتدخل قوات اميريكية باكمال صفحة العدوان لتطّوق (مدينة الصدر) وتقتل أبناءها لليوم العشرين ولحد الآن والحجة جاهزة البحث عن الخارجين على القانون ولم يقل المالكي بأن صولة الفرسان الهاربين كان هدفها اخراج التيار الصدري من الانتخابات المقبلة والقضاء على (جيش المهدي) واخراجه من العملية السياسية برمتها اذن هي تصفية حسابات سياسية ولا أكثر هذا أولاً وثانياً الاستيلاء على موارد النفط في موانىء العراق الجنوبية التي تشرف عليها (الميليشيات) بكل أنواعها منذ خمس سنوات من الاحتلال وهذا ما اعترف به (المالكي نفسه) وأعلن عن (تحرير) الموانيء العراقية من الميليشيات، فأين كان المالكي منذ خمس سنوات إذن، نعود إلى الاحتلال الإيراني الموازي للاحتلال الأمريكي للعراق، فايران ومن خلال تقريري بترايوس-كروكر في الكونغرس الأمريكي اثبتا وبكل وضوح أن إيران هي شريك مباشر لادارة بوش في احتلال العراق وهي من يشرف ويدّرب ويأمر ويسلّح أطراف الحكومة وميليشياتها المرتبطة مباشرة بإيران ووصف بترايوس حكومة المالكي بولائها التام لايران وتنفّذ (اجندتها السياسية) في العراق وهي اجندة معروفة فأولها السيطرة على جنوب العراق الغني بالنفط وتحويله إلى اقليم شيعي تابع لولاية الفقيه وثانيتها اشغال الادارة الامريكية وقواتها في العراق وضمان عدم شن هجوم امريكي على الاراضي الإيرانية وثالثها وهو الاهم هو الضغط على ادارة بوش في موضوع الملف النووي الإيراني الذي وصل إلى مراحله الاخيرة ، عليه ماذا يتّبقى من قراءه المشهد السياسي للاحتلالين الامريكي-الإيراني، امريكا تعيش (لحظاتها الفيتنامية) الاخيرة في العراق بكل دعايتها الجهنمية الاعلامية التي يحاول (بوش-غوبلز) ان يصور الموضع العسكري انه في سويعات (النصر النهائي)في حين تعيش إيران على وقع الخوف من الهزيمة المؤكدة للاميركان في العراق لانها تعاني من احتلال سياسي داخلي وضغوط كبيرة من جماهير إيران ومقاومته الباسلة المتمثلة بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، التي تتزعمها رئيسة جمهورية إيران المنتخبة السيدة مريم رجوي والمشاكل الداخلية الكبيرة التي اظهرت (ملالي طهران) على حقيقتهم الاجرامية في تدخلها في شؤون الدول الأخرى وهي تعاني وضعاً صعباً في الداخل ومن الانتخابات الإيرانية الأخيرة الاّ حلقة من حلقات سقوط النظام الإيراني المتعطش للدماء دائماً والذي يمارس ضد شعبه أقسى انواع التعذيب والذل والهوان انها الايام الاخيرة للاحتلال الأميريكي للعراق .. ومن هذه الايام يتداعى نظام الملالي في طهران ليلقى مصيره المحتوم أمام ضربات شعبه ومقاومته الوطنية، العراق بين احتلالين، العراق يهزم الاحتلالين.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com