هذا هو العراق الجديد .. عراق الموت والسجون

 

أوميد كوبرولو

turkmensani@yahoo.com 

هذا هو العراق الجديد الذي وعده الأرعن جورج بوش للعراقيين وسكان الأرض. هذا هو العراق المستقر والآمن والحر والديمقراطي جدا مثلما حلم به بوش وأقنع العالم في غزوه لنجدته من نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. هذا هو العراق مهد أقدم الحضارات الإنسانية على الكرة الأرضية الذي أصبح بلد الأشباح والأموات . هذا هو العراق الذي يقتل فيه كل يوم عشرات أبناءه بدون إثم وذنب. هذا هو العراق الذي يتيتم فيه البراعم الربيعية كل يوم. هذا هو العراق الذي تتأرمل فيه النساء باستمرار. هذا هو العراق الذي يقتل فبه حتى ابتسامات الصغار. هذا هو العراق الذي يصبّح فيه شعبه على جثث الأرصفة ويمسي على دماء ضحايا الانفجارات التي لطخت كل شارع وزقاق وحي. نعم هذا هو العراق الذي يرى ويتجرع فيه أبنه القتل والتعذيب والإهانة والذل حتى وفي أحلامه. إنه عراق الجديد، عراق الموت والسجون.

كان العراقيون في الماضي القريب في عهد النظام السابق يشكون من كثرة السجون والمعتقلات العراقية وأساليب التعذيب الوحشية فيها رغم عدم اشتهار آنذاك غير سجن أبوغريب في بغداد وبادوش في الموصل ومعتقلات المخابرات العامة ومديرية الأمن العامة والاستخبارات العسكرية. اليوم فبعد سقوط النظام العراقي واحتلال العراق من قبل أعداءه زاد عدد السجون والمعتقلات فيه عشرات الأضعاف فبالإضافة إلى سجون الدولة الرئيسية هناك سجون عراقية في كل مدينة. وهناك سجون أمريكية وإنكليزية خاصة لا تتدخل الحكومة العراقية في أمورها كسجن كروبر قرب المطار الدولي ببغداد وسجن بوكا قرب مدينة البصرة. وهناك سجون ومعتقلات أخرى عائدة لبعض الجهات السياسية التي تشارك في إدارة البلاد وأخرى للجماعات الأخرى التي ليست من حق الحكومة العراقية التدخل في شئونها أيضا. فتوقعوا في كركوك على سبيل المثال عندما يقبض على شخص يبحث عنه أهله قبل كل شيء في سجون خاصة تابعة لحزبي الاتحاد الوطني الكردي ( اليكتي ) الذي يقوده فخامة الرئيس العراقي جلال الطالباني في السليمانية والديمقراطي الكردي ( البارتي ) الذي يقوده فخامة رئيس الإقليم الكردي مسعود البارزاني في أربيل ودهوك. خلاصة الكلام العراق الذي تحول إلى سجن كبير يفر منه شعبه الذي يتعرض فيه إلى أنواع إهانات المحتلين الأشرار والعناصر الأمنية والميليشيات التابعة للأحزاب والتنظيمات العميلة للأمريكان المجرمين إلى دول الجوار كتركيا وسوريا والأردن وإيران، تحولت إلى سجون داخل سجن العراق الكبير.

وبعد كل ذلك يظهر أحد المسئولين في حكومة معالي رئيس الوزراء نوري المالكي أو الأعضاء في البرلمان العراقي مثل السيد وثاب شاكر عضو مجلس النواب العراقي ورئيس لجنة المصالحة الوطنية في البرلمان العراقي ويصرح وبدون أن خجل حتى ومن نفسه ويقول بأن القوات الأمريكية أطلقت سراح 300 عراقي من سجن كروبر الواقع قرب المطار الدولي ببغداد كخطوة لإنجاح المصالحة الوطنية العراقية وسيستمر إطلاق سراح بقية المعتقلين الذين يزيد عددهم على 23 ألف في السجون الأمريكية فقط، وكأن الجهة التي قامت بإطلاق سراح المعتقلين العراقيين أي قوات الاحتلال الأمريكي ليست بقوات إحتلال مثلما عرفناها وبل جهة وطنية عراقية حالها حال بقية التنظيمات والتيارات السياسية العراقية وتهمها مصالحة العراقيين كثيرا. بالله عليكم ألم يخجل هذا المسئول العراقي حتى ولو من نفسه وهو يرى بأم عينيه أن شرفه وكرامته تهان وتداس بأقدام المحتلين وهم يقومون باعتقال أبناء بلده ويستعملون ضدهم أبشع وسائل التعذيب الجسدية والنفسية واللاأخلاقية وبعدها يتفضلون علينا ويطلقون سراح أبنائنا الأبرياء الذين اعتقلوا بدون أي ذنب؟ ألم يسأل هذا المسئول الفاضل نفسه بأي حق تقوم قوات الاحتلال باعتقال العراقيين مادامت هناك حكومة عراقية، وزارة داخلية، مديريات أمن ومخابرات وشرطة وعشرات المعتقلات والسجون العراقية؟

وبعد يومين فقط من تصريح السيد رئيس لجنة المصالحة الوطنية وثاب شاكر بإطلاق سراح المعتقلين العراقيين من قبل قوات الاحتلال، تعلن المجموعة العربية في مجلس محافظة كركوك بلسان السيد راكان سعيد نائب محافظ كركوك عن القائمة العربية عن اتفاقها مع الإدارة الكردية في أربيل لإطلاق سراح 122 معتقل من عرب كركوك والمحتجزين لدى الأخيرة. بالله عليكم يا ناس بأية ذريعة يحجز عرب كركوك أو تركمانها في معتقلات وسجون الإدارة الكردية ؟ ومتى كانت كركوك خاضعة لتلك الإدارة حتى يعتقل أبناءها من قبل عناصر الميليشيات الكردية ويساقون إلى أربيل وسليمانية ودهوك؟ أليس هناك في كركوك حكومة وامن ومخابرات وشرطة وسجون لمحاسبة أبناء المدينة المحتلة منذ سقوط النظام العراقي السابق من قبل الأمريكان وقيادتي الحزبين الكرديين اليكتي والبارتي؟ وأية ملائكة نزلت من السماء وأقنعت مسئولي تلك الإدارة لكي يوافقوا على أطلاق سراح عرب كركوك اليوم؟ ألم يكونوا هم أولئك نفسهم الذين كانوا يقولون دوما بأن كركوك هي للأكراد والتركمان وعلى العرب الرحيل منها لأن صدام هو الذي جلبهم إلى كركوك؟ فلو كانت هذه العملية خطوة لتعزيز جهود المصالحة الوطنية كما يدعون فلماذا لا تطلق الإدارة الكردية سراح المحتزين والمسجونين التركمان المتواجدين في سجونها أيضا؟

نعم هذا هو العراق الجديد الذي من جانب يقتل ويعتقل ويحتجز ويسجن ويرحل أبناءه من مناطقهم ومن جانب آخر ينعم أبناءه بالسلام والطمأنينة وعلى هواء الأمريكان والجهات السياسية العميلة لها وبموجب صفقات سياسية تؤمن بقاء البلاد في قبضة قوات الاحتلال وتلك الجهات السياسية الجبانة التي باتت مكشوفة للعراقيين جميعا. فلا خيار لأبناء وادي الرافدين المظلومين غير المقاومة والتصدي لأولئك الأوباش والطغاة الملعونين وعدم السماح لهم على النيل من وحدة العراق وتقسيم البلاد كما يحلمون به والله والشعوب المحبة للسلام والإنسانية معهم. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com