|
طهران- اشرف – حرب الاشاعات والاستخبارات
عبد الكريم عبد الله/ كاتب وصحفي عراقي على هامش مقال السيد نزار الجاف: اود بدءا ان اهنيء الكاتب هنا، على تشخيصه الحقيقي لاولوية حرب النظام الايراني مع منظمة مجاهدي خلق المعارضة، وتقديمه لها على حروبه الدونكيشوتة الاخرى مع ارجاء العالم، فهذه الحرب كما يفهمها وتفهمها المنظمة ايضا، حرب وجود، لانها اثبتت على مدى اكثر من اربعين عاما من تاسيسها وهي تواجه اشرس نظامين دكتاتوريين قمعيين حكما ايران في العصر الحديث – النظام الشاهنشاهي ونظام ولاية الفقيه، انها تزداد قوة يوما بعد آخر وقدرة على المواجهة والتصدي والتقدم، وضرب المناطق الموجعة في جسد النظام الحاكم في طهران وكيانه القائم اليوم، لكنني اود ان انبه الكاتب الى ان مدينة اشرف ليست مدينة عسكرية كما كان الامر في السابق وكما ذكر، فلا سلاح فيها ولا تدريب على السلاح واستخدامه عمليا، وانما هي مدينة بناء واعمار وتعلم واعلام وتثقيف وتوعية وحشد ورصد سياسي واستجابة سياسية سلمية لشؤون ايران دون ان تتدخل في الشان العراق مع تضامنها مع القوى الوطنية العراقية في التصدي لمشاريع النظام الايراني الالحاقيه، برغم كل سبل الاستهداف الدنيئة للنظام الايراني وعملائه التي طالت المواد التموينية والوقود وحتى التزود بمياه الشرب والاستهلاك البشري عبرتفجير محطة ضخ المياه على دجلة قرب سامراء بعد قتل شيخ العشيرة الموكلة حمايتها، وتفجير حافلات النقل التي تنقل العمال العاملين في المجال الخدمي في المدينة من العراقيين والذين راح العشرات منهم ضحايا هذه التفجيرات الاجرامية، هذه المدينة التي باتت واحة وجنينة وارفة الظلال في صحراء العظيم الدهماء، ليضرب سكانها من المقاتلين الساكنين بانتظار الفرصة السانحة للعودة اما للقتال او لممارسة الكفاح السياسي العلني لاسقاط النظام، قدرتهم ليس على خوض المعارك فقط وانما في صنع معجزات البناء والتعمير والخلق الارضي، واذ يفشل النظام الايراني في مواجهة (مثل المدينة) يفشل في مجاراتها برغم كل امكانيات الدولة المتاحة وارتفاع اسعار البترول التي باتت مرتعا خصبا لعصاباته للسرقة والنهب والاختلاس، هذه المدينة التي تضرب كل يوم للعالم مثلا في الصمود والتحدي والارتقاء، بينما يفشل النظام الذي يدير اجهزة (دولة) ويتردى كل يوم في مستنقعات العجز عن الاستجابة لاحتياجات الشعوب الايرانية، وتعم الفوضى ونقص الخدمات كل مدنه ومن ينسى موت الايرانين بردا في الشتاء الماضي بسبب عجز النظام عن توفير الوقود؟؟ وهذا ما يجعله يتميز غيظا ورعبا في الوقت نفسه، وسبق ان ذكر انه على استعداد ليس لتقديم راس (جيش المهدي) في العراق كما يشير الكاتب، ولكن للاعتراف باسرائيل التي يعلن انه يريد ازاحتها من الوجود! وايقاف نشاطاته النووية وراس حزب الله اللبناني وحماس والجهاد الاسلامي في فلسطين والقاعدة وقادتها في ايران، مقابل طرد رجال اشرف من العراق، من مدينتهم الرمز، جدار الصد العالي، لانه يعرف انها على بعد خطوات منه جغرافيا فضلاً على كونها على بعد خطوات منه ومن كراسي حكمه التي يعتليها بالبطش والقمع والعنف والدم. اما الحديث عن تسرب هذا الرقم او ذاك من العناصر المتساقطة في رحلة التحرر ومسار الكفاح وخروجهم على صفوف المنظمة من المدينة، فهناك مثل يقول، ان الضربات مهما اشتدت قوتها تهشم الزجاج لكنها تصقل الحديد، واشرف هي المدينية الحديدية وابوابها مفتوحة لمن شاء ان يغادر فهي ايضا لا تريد الضعفاء بين صفوفها وتتفهم ان نفسهم على المطاولة لم يعد يحتمل المزيد وقادتها لا يجبرون احداً على ما لا يستطيعه ولا يكلف الله نفسا الا وسعها، وهو ما يؤمن به قادة اشرف ومنظمة مجاهدي خلق فدخول المنظمة صعب ولكن ما اسهل الخروج منها، لمن شاء الخروج، وهؤلاء اشبه بالاوراق الذابلة التي يعني تساقطها تجدد الشجرة الوارفة وتجدد شبابها، يا سيد نزار، ولذلك لا وجه للمقارنة وللعنوان وان كنا نفهم حسن نواياك بين طهران المكبلة بقيود الملالي، واشرف الاحرار، فالاخيرة تضرب المثل وتصنع القدوة والانجاز وتعيش المستقبل، وطهران تخرب من الداخل وتهجرها روحها وتضرب المثل السيء وتعيش الماضي الذي ولى بينما تخطو اشرف الى الامام الى حيث النور وفضاءات الحرية، بينما تتراجع طهران الملالي الى عصور ما قبل الحضارة وظلامها، وزنازين ايفين وسواه، زنازين العقل والجسد.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |