|
لاحظت في الاونة الاخيرة بدء قادة الاحزاب الكردية باطلاق تصريحات لينة بعيدة عن التشدد حول المناطق المتنازع عليها وبوجه خاص محافظة كركوك، لان الاحزاب الكردية وبعد أن اصبح شمال العراق ملاذا امنا لهم بدأت بالسيطرة التامة على مناطق اقليم توركمن ايلي الواقعة ضمن تلك المنطقة وبالاخص مدينة اربيل و كفري . ومن هناك بدأت الاحزاب الكردية بتنفيذ خطة امحاء الوجود التركماني ومسح الارضية التي يقف عليها الشعب التركماني، لان اقامة اي اقليم او اي ادارة لشعب ما لا تتم الا بتوفير الارض لذلك الشعب . وبعد 2003 اي بعد الاحتلال الامريكي بدأت هذه الاحزاب بمباركة من الولايات المتحدة الامريكية وبعلم من دول الجوار للعراق وبدون استثناء والجميع الكتل السياسية العراقية ( عدا بعض النواب من القوائم المختلفة والشخصيات العراقية الوطنية المرموقة على الساحة السياسية العراقية ) تنفيذا لاوامر اسيادهم الامريكان على حساب الشعب التركماني المظلوم، بتنفيذ المرحلة الثانية من مخطط امحاء توركمن ايلي من الخريطة العراقية وذلك بالزحف المباشر على قلب منطقة اقليم توركمن ايلي، حيث استلمت الاحزاب الكردية الضوء الاخضر من تلك الدول لامحاء الوجود التركماني في منطقة اقليم توركمن ايلي (المقصود هنا الشعب التركماني ) . ومن هذا المنطلق وبعد نجاح الاكراد م في الوصول الى غايتهم في النفوذ والسيطرة وتطويق كامل لتوركمن ايلي، والضرب بيد من حديد على الوجود التركماني فيها وخنقه بالكامل نسمع اليوم تصريحات جديدة كان اخرها تصريحات السيد مسعود البارزاني والذي يوصي بعدم التشدد في التعامل في القضايا المتعلقة بالمنطقة! انني اعتقد بوجوب ادراك ساسة التركمان لهذه التصريحات المسمومة وقراءتها بتمعن لان تلك التصريحات وان بدت في ظاهرها تحمل معاني الحرص على المصلحة العامة غير انها في حقيقتها تبين مدى الاحساس الكردي بالطمانينة والراحة بالانتصار على الوجود التركماني وهي دليل صارخ على تمكنهم من فرض سيطرتهم بطريقة او اخرى على منطقة اقليم توركمن ايلي من تلعفر حتى مندلي وبالاخص بعد سقوط وانهيار النظام البائد، حيث بدأت عملية التكريد من التون كوبري ونازلا الى مندلي وحك مؤامرات عديدة للنيل من تركمانية مدينة تلعفر ( حيث تكلمنا في هذا الموضوع كثيرا في مقالاتنا سابقا ) . ان تزامن اطلاق هذه التصريحات مع تلك التي اطلقها السيد ستيفان ميتسورا والحديث الدائر حول اقامة اقليم خاص لمدينة كركوك يكاد يصب في خانة واحدة يمكن تلخيص الهدف منها بتكريس تصفية الوجود التركماني وتقسيم توركمن ايلي وتقزيمه واختزاله الى مسألة كركوك ( حيث انني حذرت في مقالات سابقة ولعدة مرات من خطورة اتباع سياسة تركمانية تعتمد على اختزال مشكلة توركمن ايلي الى مشكلة كركوك ونسيان التركمان والاراضي التركمانية الاخرى) . ولقد صدقت رؤيتي وتفسيري للاحداث، وها هي المستجدات الاخيرة تؤكد النية لاعدام توركمن ايلي وفرض انصاف الحلول على التركمان في كركوك فقط . ان السياسين الذين يجيدون الفباء السياسة يعرفون انه عندما تعلن للمقابل خطوطك الحمراء تحكم بالاعدام على مجال مناورتك السياسية اولا، وترسل اليه اشارة خفية بأن الخطوط الاخرى في قضيتك هي خطوط خضراء لابأس ان تخطاها ثانيا، وتمنح اليه الفرصة ان يقايضك في خطك الاحمر ويضيق عليك الخناق ويقطف منك ما استطاع من تنازلات. وبعبارة اخرى انك ستخسر المعركة السياسية قبل ان تبدأها. وهذا بالفعل ما حدث في التعامل التركماني لقضية توركمن ايلي واعلان كركوك كخط احمر وما حدث بعد ذلك معروف للجميع، وها نحن وصلنا الى نهاية المطاف. ان مسلسل التراجعات والتنازلات والاخطاء السياسية المستمرة والتي اوصلنا الى فقدان المبادرة السياسية والسيطرة على كامل توركمن ايلي والرضى بقبول حل في كركوك سينتهي الى القبول بتقسيم المدينة فقط الى ثلاثة اقسام، اي حبسنا في جزء من كركوك ( وفقا لنموذج برلين الغربية) . وحتى القبول بهذا الحل المخزي سوف لن يرضي الطمع الكردي في الاصرار مستقبلا عل ربط اقليم كركوك الخاص الذي يخطط له مستقبلا وبشكل روتيني وبأغلبية الاصوات الكردية المستقدمة للمدينة الى ادارة الشمال في اية عملية استفتاء تجرى في المدينة . ان المطلعين على اسس السياسة الكردية يعلمون ان الاكراد ماضون في تنفيذ مشروع متكامل اخطر واحرج واهم نقطة فيه السيطرة على كركوك وبترولها، حيث يسهل بعد ذلك انشاء وتوسيع هذه الدولة على حساب الدول المجاورة، ان المخطوطون لهذه السياسة لقنوا الاكراد بالمضي خطوة فخطوة تجاه الهدف النهائي وابداء التأني والصبر في ذلك والجلوس فترة من الوقت لقضم اللقمة يبتلعوها ثم النهوض لقضم اللقمة الاخرى . ان المشاركة في ادارة اقليم كركوك هي الخطوة والقضمة قبل الاخيرة لقضم لقمة كركوك بأسرها بضمها بعد عدة سنوات الى ادارة الشمال، حيث سيتم في هذه الاثناء التمهيد لذلك ببناء كركوك كردية بجانب كركوك الحالية، اذ بدأت تباشير تنفيذ هذا المشروع في منطقة شوروا في شمال كركوك على طريق اربيل. ولمن لايصدق أو لايريد التصديق انصحه بالقيام بنزهة في سيارته لتلك المنطقة ليرى ويتأكد بأن الاكراد جديون ولايمزحون . لا يسعني وانا انهي مقالتي هذه أن اؤكد واؤكد المراوغة السياسية للاحزاب الكردية في تنفيذ ما يريدون، حيث الغاية تبرر الوسيلة، اذ انهم يمسكون العصى الغليظة بيديهم لاخافة من يخاف، ويخفونها عندما لايستدعي الموقف لذلك فدوائر الدولة في محافظات نينوى – كركوك – ديالى – وقسم من صلاح الدين بيد الحزبين الكرديين وميلشياتها البيشمركة تريد ما تشاء والاسايش الكردية تفرض نفسها في هذه المحافظات، وعليه اناشد ساسة التركمان اللجوء الى التفكير العميق في هذا الموضوع الحيوي وترك الصراعات الجانبية والى الابد، وعدم تشتيت انتباه الشعب التركماني عن خطورة المؤامرة الدبلوماسية الجديدة باشغاله بمثل هذه النزاعات التي لا تحل مشاكلنا الحقيقية الا وهي مشكلة اقليم توركمن ايلي كما حدث هذا الموضوع في الايام القليلة الماضية . اللهم اشهد اني بلغت، والتاريخ لا يرحم
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |