صيف المالكي

 

ساهر عريبي

sailhms@yahoo.com

يعتقد البعض بان المالكي يمر بربيع حكمه بعد أن نجح في البصرة كما يزعم هذا البعض وبعد أن أجمعت عدد من القوى السياسية العراقية على دعمه في حملته لأعادة ما يسمى بهيبة الدولة!, وكذلك بسبب الدعم اللامحدود له من لدن الأدارة الأمريكية التي تعتقد بأنه يقوم بعمل كبير ألا وهو  قتاله لميليشيات جيش المهدي.

وعند الرجوع الى الوراء قليلا والنظر في حيثيات نشوء هذا الجيش فسيصل المرء الى نتيجة مفادها بأن المالكي وحزبه هم من اسس هذا الجيش ووفرا الأرضية المناسبة لنشأته. فهذا الجيش تأسس لتحقيق هدفين أساسيين أولهما مقاومة الأحتلال وثانيهما إقامة حكم الله في بلاد الرافدين.

وأما عن الهدف الثاني فهو الهدف الذي عمل  حزب الدعوة وطيلة خمس عقود على تحقيقه. فكل أدبيات هذا الحزب كانت ومازالت تؤكد على ضرورة إقامة حكم الله في الأرض بل إن الحزب لاتروق له تجربة الحكومة الأسلامية في إيران والتي يعتبرها الحزب تجربة إسلامية ناقصة وان الحزب هو القادر الوحيد على إقامة حكومة إسلامية متكاملة تعتبر بديلا للمنظومة الغربية الكافرة بنظر الحزب والتي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.

لقد بث الحزب هذه الأفكار ونشرها في المجتمع العراقي ومنذ نشأته , وخاض لأجلها حربا شرسة مع النظام الصدامي دفع خيرة شباب العراق أرواحهم ثمنا لها. فكان التيار الصدري إمتداد لذلك الفكر الدعوتي الذي أسسه الشهيد الأول محمد باقر الصدر والذي نشره وثبته في المجتمع العراقي حزب الدعوة الأسلامية.

ولذلك فقد كان التقارب واضحا بين حزب المالكي وبين التيار الصدري وجيش المهدي عند تأسيسه , ولذا فلم يكن من المستغرب أن يرجح التيار الصدري كفة مرشح حزب المالكي لتولي منصب رئاسة الوزراء فالأثنان ينهلان من معين واحد الا وهو فكر الشهيدين الصدرين.

واما الهدف الأخر وهو هدف مقاومة الاحتلال فلقد وضع أسسه حزب الدعوة والمالكي بالخصوص. فحزب الدعوة رفض ومنذ البداية الحرب الأمريكية لأسقاط النظام وإمتنع عن حضور كافة المؤتمرات التي عقدتها المعارضة العراقية وتحت الرعاية الأمريكية  ولقد قاد رئيس الوزراء العراقي الجناح المتشدد داخل الحزب الرافض للدخول في المشروع الأمريكي لأسقاط النظام أنذاك. ولطالما إفتخر الحزب بموقفه هذا حتى ان المالكي وبعد السقوط دعا علنا الى ضرورة إجهاض المشروع الأمريكي في العراق لما فيه من خطر على الأمة الأسلامية!. لقد ساهمت هذه  المواقف المتطرفة للمالكي وحزبه في بروز ظاهرة العمل المسلح في العراق لأخراج قوات الأحتلال  , ومن ثم إقامة دولة الأسلام التي طالما دعا حزب المالكي لأقامتها.

واليوم وبعد ان حلا مذاق دنيا هارون الرشيد في فم المالكي وأفواه أعضاء حزبه الذين حولوا العراق الى غنيمة يقتسموها هم وعوائلهم وأقاربهم, نسي المالكي وحزبه كل تلك الأفكار والمواقف والتي كلفت العراق الكثير,  وأعلن المالكي حربا لاهوادة فيها على ماسماه بالعصابات المسلحة الخارجة على القانون أيسرها أن تسقط فيها الرؤوس وتذوي فيها الأجساد. فإن كان المالكي يستهدف جيش المهدي فإن هذا الجيش قد اعلن هدنة رحب بها الجميع بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية, فلماذا خرق المالكي الهدنة؟ وهل يجوز نقض المواثيق والعهود  وإستباحة الدم العراقي؟

وإن كان المالكي  يقصد تلك المجاميع من جيش المهدي الغير منضبطة والتي لم تلتزم بأوامر قائدها , فإن هذه المجاميع يا سيادة رئيس الوزراء هي ضحية لأفكارك وأفكارك حزبك التي نشرتها في المجتمع, وهي الضحية لمواقفك ومواقف حزبك المتشددة والتي تنصلتم منها اليوم. فياسيادة رئيس الوزراء إن هؤلاء ضحاياكم وانتم تجهزون عليهم اليوم تحت شعار إعادة هيبة الدولة ! فهذه الدولة ووفقا لأدبياتكم التي ثقفتم عليها هؤلاء هي دولة غير شرعية لأنها غير إسلامية.

واما إن كان قصدكم عصابات السرقة فعليكم إزالة الأسباب والموجبات التي أدت الى نشوء هذه العصابات ألا وهي الفقر والبطالة والحرمان في الوقت الذي تعبثون فيه بمقدرات الدولة. إذ ينبغي وقبل القضاء على هذه العصابات البدء بتطهير الوزارات من الفاسدين وأنت أكثر الناس معرفة بهم , وينبغي تهيئة فرص عمل للعراقيين ليعيشوا حياتا كريمة , فلاعجب إن حمل هؤلاء السلاح وهم الفقراء ولكن العجب أن تحمل انت السلاح لقتالهم  .

إنني أراك تعيش ربيع حكمك حقا في هذه الدنيا ولكن وفقا لأفكارك وأدبيات حزبك فإن صيفا قائضا ينتظرك في الأخرة.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com