الحالة الفرعونية لدى الانسان – الحلقة الثانية والعشرون

 

محمود الربيعي

mahmoudahmead802@hotmail.com

كيف تعامل الأئمة المعصومون عليهم السلام مع الحالة الفرعونية

 

علي بن أبي طالب عليه السلام

 يعتبر الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام قمة في القيادة الجماهيرية وفي ميزان العدالة الاجتماعية والقانون وتطبيق الشريعة وتوزيع الكفاءات ومحاربة الفساد الإداري والمالي ومواجهة الطغاة والظالمين وتصحيح المسارات الخاطئة، كما يعتبر الرجل الأول بعد رسول الله صلى الله عليه واله وهو القدوة الحسنة في التواضع والقوة في إن واحد..  وكانت سيرته عليه السلام تسير بموازاة سيرة صاحب الشريعة النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم حيث سعى الإمام (ع) إلى تطبيق المنهج العادل ولم يفرق بين إنسان وآخر في القضاء والحكم وتوزيع الثروة بالحق وقاد جيشه لمقارعة الطامعين والمستبدين والظالمين ليحقق قيم الإسلام بالشكل الذي يحفظ حقوق الناس على حد سواء.

 

الحسن المجتبى عليه السلام

 لقد أسست الحركات المضادة التي كانت تسعى للاستيلاء على السلطة إلى مهاجمة القيادة الشرعية لإبعاده عن سدة الحكم وإرجاع القيادة الجاهلية الظالمة والمستبدة عن طريق الترغيب والترغيب والتشكيك واستطاعت أن تمزق وحدة الصفوف وتقسيم النسيج الواحد إلى عدة حركات تبنت المشروع الجاهلي لقيادة المجتمع والانسياق إلى خطط الخداع والتعمية وأدخلت الأمة الواحدة في صراعات مستمرة كان لابد من التفكير في إيقاف النزيف الدموي والحفاظ على مابناه الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

الحسين الشهيد عليه السلام

 إن مواجهة الطغاة والظالمين ليست بالنزهة لأنها مسالة حياة أو موت لكنها في نفس الوقت مسالة حياة الشريعة وإنقاذها من الضياع،  بل وإنقاذ الناس من ظلامية الجبابرة والطغاة،  وهذا هو مافعله الإمام الحسين عليه السلام من تقديمه للتضحيات العالية حيث لم يترك شيئا إلا وقدمه لله سبحانه وتعالى ولقد كان واثقا من النهاية الحتمية للظالمين وانتصار الحقيقة على الكذب والدجل،  وهكذا كان الحسين عليه السلام وأسرته المجاهدة وأصحابه قدوة للبشرية كافة.

 

علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام

 واجه عليه السلام تحديات كبيرة تحت ظروف قاهرة بعد استشهاد أبيه الحسين عليه السلام ، واستيلاء بني أمية على السلطة بالشكل الدامي الدموي الذي أعطى انطباعا واضحا عن صورة النظام الأموي الجديد واتخاذه طريق التصفية الجسدية وإرهاب الناس والاستيلاء على ممتلكاتهم وسلب إرادتهم.

 استخدم الإمام زين العابدين عليه السلام طرقا مختلفة في مواجهة الظلم وكان من اهم ميزات خطته نشر الثقافة الإسلامية والجماهيرية عن طريق بث المفاهيم المتنوعة عن طريق الدعاء والرسائل المختلفة التي كان من أهمها تلك الصحيفة المشهورة باسم الصحيفة السجادية وتدعى أيضا بزبور آل محمد صلى الله عليه واله وسلم، كما اهتم الإمام (ع) ببناء علاقات مع أصحابه ومؤيديه في السر ويقوم بواجباته في التدريس ونشر العلوم الإسلامية وان يؤسس لحركة منظمة ، ومشروع مواجهة مستقبلية.

 

محمد بن علي الباقر عليه السلام

 لم يختلف دور الإمام الباقر عليه السلام عن دور أبيه الا من حيث التدرج الطبيعي والتاريخي لقيادة الجماهير ولقد اهتم الإمام(ع) بتعميق الدور الذي أداه أبيه (ع) ونشر الثقافة الخاصة لأهل البيت وتأسيس المدرسة التي ينتمي لها المسلمون ألان والتي تدعى بمدرسة اهل البيت بما تحمله من تعاليم في الفقه وما يتبع ذلك الفقه من تعاليم واسعة في كافة مجالات الحياة، كما تعتبر حركة الإمام العلمية وسيلة للحفاظ على التراث النبوي ومواجهة لثقافة الجهل والتجهيل التي كانت تمارسها السلطة والتي أفرزت ولاتزال تفرز الكثير من ترشحاتها والتي من أبرزها ثقافة العنف والظلم والفساد.

 

جعفر بن محمد الصادق عليه السلام

 لقد شهدت المرحلة التاريخية لحياة الإمام الصادق عليه السلام أهم مراحلها في حركة التأسيس وكان لها الدور الرائد في مواجهة الثقافات الفاسدة التي انتشرت في صفوف الجماهير بسبب فساد السلطة والحالة الانتقالية لسلطتين متجبرتين هما سلطة بني أمية وسلطة بني العباس اللتان لم تختلفا من حيث أهدافهما واساليبهما، لذلك اهتم الإمام بنشر الآراء الصالحة للحفاظ على تراث الأمة وعقيدتها بالإضافة إلى تأسيس المدرسة الفقهية التي شاع عنها إنها اكبر مدرسة علمية حيث تخرج منها الآلاف من الطلبة كل منهم يقول حدثني جعفر بن محمد الصادق عليه السلام.

 

كما كان له الدور الفعال في تنشيط الحركات التصحيحية في مواجهة الظلم والظالمين، ولقد مارس العديد مما يمارسه المصلحون على مدى التاريخ وسط تلك الأجواء والظروف القاهرة وكان له رجال أكفاء يمارسون أدوارهم بأمان وحرص وقد قدموا التضحيات الجسام من اجل ولائهم لتلك الحركة التي قادها الإمام بشكلها السلمي.

 

موسى بن جعفر عليه السلام

 لقد أدركت السلطة الجائرة مدى خطورة الحركة العلمية الشعبية الجماهيرية للائمة عليهم السلام بعد استشهاد الحسين عليه السلام وأثرها في التأثير على الجماهير والتفافها على الممثل الشرعي الذي يصلح للخلافة والحكم وتحقيق العدل وحاولت تلك السلطات الظالمة أن تستميل الأئمة عليهم السلام بما تقدمه من الإغراءات والتقريب الذي لم ينفع ولم يثني الأئمة عن أداء واجبهم الشرعي والاستمرار في نشر الثقافة الجماهيرية التي تهيئ الطريق لبناء مجتمع يؤمن بالحق والعدل،  وبالنتيجة قررت تلك السلطة زج الإمام الكاظم عليه السلام في السجن لمنعه من نشر الثقافة التي تتعارض وثقافة الحكم الجائر.

 

علي بن موسى الرضا عليه السلام

 كان دور الإمام الرضا عليه السلام قد مثل منعطفا تاريخيا في حركة الأئمة عليهم السلام بالإضافة إلى كل ماذكر بشان الأئمة عليهم السلام وقيامهم بالدور التثقيفي وإسداء النصح للعلماء والجماهير لتحمل الأعباء والمسؤولية لنشر العلوم الإسلامية ونشر ثقافة العدل، والعمل على إيقاف التيارات الفاسدة والثقافات الهدامة الدخيلة مما جعل الأئمة أن يكونوا في الصفوف المتقدمة لتداول السلطة رغم أنهم كانوا يرفضون أن يكونوا أداة للسلطة بل كانوا يفضلون أن يكونوا مع الجماهير لغرض الحفاظ على التراث الفكري والعقائدي والتواجد في صفوف الحركة الإصلاحية.

 

محمد بن علي الجواد عليه السلام

 عادة ماتحتاج الشعوب إلى قادة حكماء علماء أبرار أتقياء يسددون وينصحون ويعلمون، وبالنظر إلى الصعوبات التي كانت تواجه الأئمة عليهم السلام من حالات التجبر والطغيان والقهر التي كان يتصف بها الحكام عادة من الدفاع عن السلطة مهما كان الثمن ولو بإراقة الدماء وهتك الأعراض وسلب الأموال واضطهاد الناس وزجهم في السجون والمعتقلات إلا إن الأئمة عليهم السلام اختاروا الطريق السلمي لعملية تعزيز الثقافة الإسلامية وهو ماقام به الإمام الجواد عليه السلام، حيث يتضح من خلال قراءة الأدوار التاريخية للائمة عليهم السلام أنهم خطوا نفس الخطوات التي تلائمت والجو الذي فرضته السلطة من نشر الإرهاب والفساد على مستوى الحكام ودوائرهم المتعددة المحيطة بهم بحيث أدى الأئمة أدوارا تخدم قضيتهم الكبرى في حفظ الرسالة والتمهيد لدولة العدل الكامل.             

 

علي بن محمد الهادي عليه السلام

 لقد تميز دور الإمام الهادي عليه السلام بأنه أصعب الأدوار التي مرت على الأئمة عليهم السلام فقد ظلوا تحت رقابة السلطة التي جعلتهم تحت أعينهم ليل نهار حيث جعلوا الإمام عليه السلام داخل قصورهم أو قريبين منهم لكي يمنعوا تواصلهم مع العامة ورغم ذلك فقد تمكن الإمام (ع) أن يستمر بدوره في التواصل مع أصحابه وأتباعه بشكل سري كبير وكانت الشكوك تحوم حوله والرقابة مشددة عليه ولكن واجبه الشرعي كان يحتم عليه الإجابة على الأسئلة الشرعية التي يحتاجها أتباعه المؤمنين ويوجه تعليماته بشان توزيع الحقوق الشرعية في الأمور التي تخصهم وتخص المحتاجين منهم ويرشدهم إلى الصواب والسلوك والتصرف الرشيد أوقات المحن والابتلاءات وتسديد المواقف الملائمة للتصرف ازاء أفعال السلطة المستبدة.

 

الحسن بن علي العسكري عليه السلام

 لم يختلف دور الإمام الحسن العسكري وحياته السياسية كثيرا عن دور أبيه إلا انه كان يخضع إلى رقابة أكثر تشددا لأنه كان أكثر حركة في النشاط العلمي فقد كان يدرس في حلقات دراسية نشيطة مزدهرة في علوم التفسير والحديث والأخلاق وبقية العلوم إضافة إلى الأدوار ذات الطابع التوجيهي السياسي وإدارة أمورا لحقوق الشرعية كتوزيع تلك الحقوق على المستحقين والإجابة على المسائل الشرعية ونصائحه وإرشاداته تجاه أفعال السلطة الظالمة التي كانت رقابة شديدة عليه وعلى من يتصل به من أتباعه ومريديه باعتباره الممثل الشرعي للخلافة إذ لم يكن عسيرا على تلك السلطات أن تقتله أو تزجه في السجون والمعتقلات كما فعلت بالإمام موسى بن جعفر عليه السلام، ولان هذه السلطات لم تكن تختلف كثيرا عن تلكم التي مارست الاضطهاد وقتل الأنبياء بغير حق. تلك القوى المستبدة الظالمة التي قتلت النبي يحيى عليه السلام مثلا أو التي قتلت الحسين عليه السلام ذلك الإمام العزيز.

 

الإمام المهدي محمد بن الحسن عليه السلام

 لقد واجهت الإمام المهدي عليه السلام ظروفا جديدة مختلفة تماما عن الظروف التي واجهها من قبله الأئمة المعصومين عليهم السلام، وهنا نشير إلى الحالة الشبيهة لما واجهت النبي موسى عليه السلام من حيث طبيعة الولادة والعناية الإلهية التي رعت كل منهما وانجتهما من القتل الذي كان يتربص به كل من فرعون مصر وفرعون سامراء، وكانت أيضا آثار غياب يوسف عليه السلام في البئر وخارج حدود منطقة قومه الذي قضى حياته في مصر بعيدا عن أبيه وأهله وقومه، وكان يشبه في غيبته أصحاب الكهف في غيابهم الطويل وعودتهم فهو الإمام الموعود الذي تنتظره البشرية لإنقاذها من ظلم المستبدين وبقية الظالمين، وهو يشابه في غيبته غيبة عيسى عليه السلام الموعود بالعودة ليكون احد قادته في جيش الدولة المهدوية المنتظرة ليكون هو والمهدي عليهما السلام ليقضوا على بقية الظالمين والمستبدين ولينشروا الخير وليملؤا الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا وعندها يذل النفاق وأهله ويعز الإسلام وأهله.

 فالمهدي ليس لأحد دون احد فهو المنقذ لنا جميعا سواء كنا مسلمين او مسيحيين أو يهود أو غير ذلك فكل الناس مسلمين لله ومسلمين لأمر الله، وكل الناس تتوق وتشتاق إلى القوة العادلة التي تفرض هيبتها من اجل تحقيق القدر الأكبر من الحقوق وتشعر بسعادتها حينما ترى رؤوس الجبابرة والطغاة منكوسة بعد أن كانت متغطرسة مغرورة.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com