عبد الأئمة عبد الهادي(أبو نصار) رياضيا ومناضلا
محمد علي محيي الدين
abu.zahid@yahoo.com
ولد المناضل عبد ألائمه عبد الهادي ( أبو نصار) سنة 1934 في مدينة الحلة محلة التعيس من عائله متوسطة الحال تتكون من الأب والأم وثلاثة أولاد وخمسة بنات وأبو نصار أكبرهم ومنذ نعومة أظفاره أنحاز نحو الكادحين والمسحوقين من العمال والفلاحين والكادحين من أبناء محلته فنمت وترعرعت في نفسه ألام ومآسي جوع وقهر الكادحين وكان جاره في محلة التعيس الشيوعي البارز المرحوم الراحل ( جاسم العنيبي) أبو قيس والمرحوم الراحل ( موسى جعفر) وأصدقائه من الطلاب التقدميين أولاد المرحوم ( نادي علي الطائي ) عائلة ألسيده الفاضلة ألمناضله ( اعتقال الطائي ) وأخوتها كلهم من المناضلين الأوائل في ألحله …
في ذلك الوقت نمت وترعرعت في روح ( أبو نصار ) فكرة التمرد على المألوف والنضال والعمل من أجل تغير ذلك الواقع المؤلم والحقيقة المرة نحو مستقبل مشرق وسعيد خال من الجوع والأمية والجهل والمرض ولتخيم عليه السعادة والحياة الحرة الرغيدة والعيش الكريم ،فأصبح يشعر ويدرك بأن له دور كإنسان في هذه الحياة يجب أن يؤديه اتجاه شعبه ووطنه فاختار له موقف وفعل ،فا لموقف كان يستنبط منه الرؤيا والاجتهاد والفعل كان العمل والنضال والنشاط الذي يدفع مسيرة الحياة إلى الأمام وديناميكيتها نحو التقدم والتطور وكان دور رفيقنا المناضل ( أبو نصار ) يتركز في النشاط الرياضي بين الفرق الرياضية الأهلية أضافه إلى نشاطه السياسي وكان بطلا في ألعاب الساحة والميدان وكرة القدم والسلة والطائرة ومشاركاً في جميع الألعاب المدرسية في مراحل دراسته الأولية وكذلك مع الفرق الأهلية التي ظهرت في الخمسينات كفريق الأنوار والتحرير لكرة القدم أما ألعاب الساحة والميدان فكان بطلها في الزانة والعالي والمائة متر ركضا و (4*100) بريد وتوج بطلا في الساحة والميدان في سنة (1955-- 1956) وكنت أنا أحضر كافة المباريات التي كانت تقام في مدينة الحلة على ملعب الإدارة المحلية في القاضية وكنت من المعجبين به ،وتعرفت عليه عن كثب وأصبحت صديقه منذ ذلك الوقت،كما كان يمتاز عن باقي الطلاب في جميع مراحله الدراسية وكان يشارك في جميع الفعاليات المدرسية مثل (التمثيل والخطابة والشعر والرسم والخط) وكان يمتلك صوتاً رخيماً ومؤثراً كما كان عفيفاً ونظيفاً طيب القلب نال ثقة واحترام وحب إدارات المدارس التي درس فيها أضافه إلى حب أقرانه الطلاب وحب الجماهير التي تعرفه وكسب ثقتها واحترامها .
في سنة (1955---- 1956) أقيم مهرجان رياضي في الحلة لجميع المدارس على ملعب الإدارة المحلية ،وقد حضر الاستعراض الزعيم الركن أمر اللواء الأول في المسيب ( رفيق عارف) وكان محبا ومشجعا للرياضة والرياضيين وقد أعجب بأبي نصار لفوزه في بطولة الساحة والميدان فأرسل أليه ضابطين للألعاب وطلبا منه مرافقتهما إلى النادي العسكري في الحلة لكي يكرمه فذهب معهما ،فرحب به خير ترحيب وهنأه على الفوز وطلب منه التطوع في الجيش علما أن أبو نصار كان في الصف الخامس العلمي في ثانوية الحلة وبعد الإلحاح
والمتابعة والجهد المبذول من قبل ضابط ألعاب اللواء الأول والاغراءت والوعود بمنحه رتبة ملازم بعد مرور ثلاثة سنوات على تطوعه ،ونتيجة لذلك استجاب لطلبهم وأنتسب إلى قيادة الفرقة الأولى في الديوانية منسبا إلى الفوج الثالث لواء المشاة الأول في المسيب ويذكر أبو نصار الاستعراض الرياضي الذي حدث في ساحة ألكشافه في بغداد وكان حاضرا
(الملك فيصل الثاني) وخاله الوصي وعندما تقدم أبو نصار لاستلام الجائزة من الملك فيصل والذي توجه له بسؤال عن طوله فقال له طولي ( 1متر و 65 سنتيمتر ) فرد عليه الملك ( هاي شلون أيصير وأنته قفزت متر و وسبعين سنتيمتر)
فقال له أبو نصار والملك يضحك بإعجاب ( أنته ملك العراق وطولك أقصر من طولي ) ......!!!!!!!
وبعد تطوعه في الجيش ومشاركته في جميع الألعاب الرياضية في الفرقة الأولى وألعاب الجيش كافه وبعد مضي أكثر من ثلاث سنوات حدثت ثورة 14 تموز العظيمة ولم يرفع إلى رتبة ملازم حيث كان ينتظر التسريح من الجيش وكان التسريح معطلا في ذلك الوقت وأثناء وجوده في الجيش دخل الدورة التربوية المسائية وتخرج منها في سنة 1960 وتسرح بنفس
الوقت من الجيش وعين معلما للرياضة والعلوم منسبا على تربية الحلة وعندما كان في الجيش وفي اللواء الأول تعرف عليه عن كثب أمر اللواء الأول وقتها الزعيم الركن ( حميد ألحصونه ) وعرف ميوله ومبادئه التقدمية فصار يعتمد عليه في بعض الأمور السياسية لأن الأمر كان يدعي التقدمية وهو منها براء،وبعد انتكاسة ثورة 14 تموز وكان حميد ألحصونه قائدا للفرقة الأولى في الديوانية المتبرع الأول في حمل راية مكافحة ومحاربة القوى الشيوعية والتقدمية ونتيجة لمعرفته بأبي نصار صار يضايقه ويحاربه فأمر بنقله إلى العينة والى لواء 15 الواقع في الشعيبة في محافظة ألبصره ومن ثم نقله إلى لواء 14 في الناصرية والأمر بمراقبته ومضايقته أينما وجد في الناصرية حيث منعه الأمر من دخول المعسكر فأستأجر غرفه في الفندق وأخذ يتدرب في نادي الحرية وكان معه في النادي المرحوم ( جاسم ألركابي )الذي أحبه وأصبح صديقه الدائم في الناصرية ،وعند الاستعراض الرياضي في ألعاب الساحة والميدان للواء 14 أشترك أبو نصار في العاب الزانة والعالي والمائة متر ركضا وفاز في الثلاثة وكذلك ركض ( 100*4 ) بريد وكان الاستعراض برعاية القائد( حميد ألحصونه ) فعند تقدمه لاستلام الجوائز ولأربعة مرات أنتفض القائد وأضطرب وقال له بعصبيه وانفعال ( ولك أذبك عله راسك الكاك واكف عله رجليك ) وهذا الكلام نقله لي الأخ أبو نصار في حينها .
وظل القائد يلاحقه فنقله إلى العينة مره أخرى وسجنه في الديوانية لمدة أربعين يوما وقدمه للمحكمة العسكرية والتي كان حاكمها آنذاك الحاكم المرحوم (محمد سعيد الجنابي ) الذي برائه من التهمه وأطلق سراحه وبعد فتره نقله القائد إلى النادي العسكري في الحلة و نقله بعد فتره إلى مدخر تموين المسيب التابع إلى اللواء الأول مع تشديد المراقبة والمضايقة لحين انفتاح أمر التسريح سنة (1960) فتسرح وعين معلما للرياضة ومادة العلوم للصف السادس الابتدائي لأنه خريج الدورة التربوية المسائية ومنذ ذلك الوقت أصبحت تربطني به علاقة حزبيه تنظيميه إضافة إلى العلاقة الأخوية والصداقة الشخصية فكان ملتزما ومتفانيا وحريصا ومدافعا مخلصا عن الحزب وأفكاره ومبادئه وقد صمد وقاوم الأفكار المعادية للحزب وكان صِدامياً فكنا نجلس في مقهى ( أبو ثامر ) مقابل ثانوية الحلة للبنين أثناء موعد انتخابات نقابة المعلمين للدفاع وحماية المعلمين المرشحين في ( ألقائمه المهنية ) آنذاك وكان أبو نصار ممثلا للقائمة المهنية في قاعة الانتخابات والتي كان من قادتها المدرسين الوطنيين مثل الأستاذ (وهاب علوش ) و( رياض العبيدي) و(محمد الربيعي) وآخرين من شيوعيين وديمقراطيين وتقدمين .
كان أبو نصار محبوبا وشفافا يمتلك قيما روحيه عميقة ,وبعد انقلاب 8شباط 1963 المشئوم أعتقل في 16شباط 1963 وأودع سجن الحلة المركزي بعد التعذيب من قبل الحرس القومي ،وفي السجن كان عضوا بارزا في اللجنة الاجتماعية والتنظيمية التي ألفت في السجن وكان اللولب والمحرك والساعي في أنجاز الكثير لرعاية السجناء والمعتقلين الذين يحتاجون للرعاية والاهتمام وتذليل الصعاب بين السجناء والسجانين, حيث كانت علاقته بإدارة السجن وطيدة من خلال مدير السجن آنذاك السيد( ناجي كريم القيسي) من أهالي الحلة والذي كان صديقه وجاره بنفس الوقت،فكان أبو نصار يستلم المواد الغذائية من المقاولين ومشرفا على مطبخ السجن وقد وفر للسجناء ( الحمام ) في بداية الأيام إضافة لسعيه لتوفير الحاجات الضرورية والأدوية وغيرها من المستلزمات والتي تطلبها اللجنة ألقائده للسجناء.وكان لرقته وحنانه وعواطفه يرعى أثنين من المعتقلين أحدهما بصير والآخر مريض نفسيا وعقليا حيث كان يجلب لهما الطعام ويلازمهما ويلاطفهما ويذهب معهما إلى المغاسل ويغسل ملابسهما ويسهر على راحتهما واستقرارهما علاوة على خدمة جميع المعتقلين وتوفير الحاجيات الضرورية لهم وممارسة الرياضة الصباحية والتمارين السويدية مع الدكتور فاضل الطائي وتشكيل فريقاً لكرة ألسله والطائرة من السجناء السياسيين.
وفي أنقلاب 18 تشرين ( عبد السلام عارف ) ضد البعثين والحرس القومي كانت تقف دبابة على مقربه من السجن عائده إلى الحرس القومي الذي أراد أن يرمي السجناء بالقنابل ليقضي عليهم ولعلاقة أبو نصار بمدير السجن حثه على الصمود والوقوف بشده ومنعهم من الرمي حيث تمت السيطرة على المعتدين وإيقافهم عند حدهم وفشلت تلك ألخطه الجهنمية الفاشية لإبادة المعتقلين بهمة مدير السجن وشرطته .
وعندما أحيل أبو نصار إلى المحكمة العسكرية الأولى طلب منه الحاكم ( نافع عبد الله ) الملقب نافع بطه أن يسب الحزب الشيوعي ويتبرأ منه مقابل أطلاق سراحه رفض أبو نصار وأصر على مدح الحزب الشيوعي والدفاع عنه وقال أنه حزب وطني يدافع عن الفقراء وشعاره ( وطن حر وشعب سعيد ) أنتفض الحاكم وشتمه واصدر الحكم بالسجن والإشغال الشاقة لمدة عشرة سنوات وبقي في السجن لمده طويلة وبعد انتهاء محكوميته بعد تخفيض الحكم إلى سبعة سنوات نقلوه إلى الأمن ألعامه ومنها حجزوه في معتقل الفضيليه ولأكثر من ثلاثة أشهر أعيد بعدها إلى الأمن ألعامه ومن ثم إلى أمن الحلة فصمد إلى أن أطلق سراحه وهو مرفوع الرأس ثابت على المبدأ ومدافعا عنه دون أن يحصلوا منه على البراءة.
وفي سنة 1968 أعيد إلى الوظيفة وكان معلما وطنينا مخلصا نظيفا متفانيا في خدمة الوطن والشعب يحب جميع الناس،وفي سنة 1983 قدم طلبا لأحالته على التقاعد وذلك تخلصا من المضايقات والمراقبة الشديدة وذلك لأنه لا يحتمل الظلم والاضطهاد والذي كان يمارس ضد المعلمين والمدرسين التقدميين وجميع الخيرين من أبناء الشعب لإجبارهم على الانتماء إلى حزب البعث المقبور وصمد وتحمل الكثير،ولم يخضع لما يريدون مطلقا فأحيل على التقاعد تخلصا منه ومن أفكاره على الرغم من أنه كان في أوج حيويته ونشاطه وقابليته على الاستمرار في التعليم مده أطول.
وبعد سقوط النظام الفاشي عاد لممارسة نشاطه في المجالات المهنية ،وأنتخب عضو مجلس أدارة الجمعية الإنسانية للمتقاعدين،ورغم أنه يتعكز على عكازه لكبره فلا زال ذلك النشط المثابر في حضور الاماسي والاحتفاليات التي يقيمها حزبه الشيوعي ،ولا زال يسهم بما يستطيع للنضال من أجل وطن حر وشعب سعيد.
العودة الى الصفحة الرئيسية
في بنت الرافدينفي الويب