|
النضال حتى الموت
أوميد كوبرولو ( الموت وحده يفلح في إجبارنا على التخلي من نضالنا ) هذه العبارة الصادقة عن مدى العشق الكبير لدى المناضلين الحقيقيين من أجل مبادئهم السامية وأهدافهم النبيلة ونضالهم الدؤوب من أجل حقوق شعوبهم المغتصبة من قبل الطامعين الآخرين، سمعتها في كل مرة من الأخ الكبير الدكتور سعد الدين أركيج رئيس الجبهة التركمانية العراقية، سواء خلال لقائي بسيادته في المؤتمرات والاجتماعات أو عبر المكالمات الهاتفية التي كنت أجريها مع سيادته بين حين وآخر. فنعم ونعم الكلمة الصادقة فالنضال الحقيقي الصادق من أجل مبدأ يؤمن به أي كائن منا أو له هدف مشروع للمصلحة العامة أو من أجل رفع الغبن والتهميش والتجاهل عن فئة معينة واسترجاعها حقوقها المغتصبة بدون أي حق من قبل الآخرين أو النضال من أجل الحرية والديمقراطية وتحقيق العدالة والمساواة في بلاد ما يجب أن يكون بمنتهى النزاهة والشفافية والإخلاص. وبدون شك لو يكون النضال هكذا يكون نضال عظيم ومتميز ومنصور حتى ولو لم يصل المناضل الحقيقي إلى أمانيه ونواياه التي ربما يستشهد من أجلها. لأن المناضل الحقيقي يقسم من أول لحظته بأن لن يتخلى عن نضاله مهما تعددت الأسباب، ويتجاوز كافة المصاعب والحواجز والعراقيل، ويتحمل المشقات والهلاك إلى آخر قطرة من دمه الطاهر النقي الذي يجري في عروقه حتى يظفر أو يستشهد. المناضل الحقيقي لا يهمه نعيم الحياة ولا راحته وسعادته ولا جمال الدنيا ولا الملذات كلها. يناضل ليلا ونهارا. يتحمل برد الشتاء وحر الصيف، ويتجرع الآلام والأوجاع. يقاوم التعذيب الجسدي والنفسي ويقضي ربيع شبابه أو آخر أيامه خلف القضبان الحديدية. لا يهمه غير النضال من أجل إسعاد الآخرين وتوفير الحياة الحرة الكريمة للأجيال القادمة التي ستخلد مناضليها حتما عبر العصور القادمة. تلك الأجيال التي لها الحق في نيل حقوقها الكاملة بدون نقص. تلك الأجيال التي لها الحق بأن تكون حرة وطليقة وتنعم بالديمقراطية الحقيقية. تلك الأجيال التي لها الحق في الابتسامة إلى الحياة الجميلة. تلك الأجيال التي لها الحق في العيش بأمان واستقرار. تلك الأجيال التي لها الحق في التمتع من تقدم العلم وازدهاره. تلك الأجيال التي لا تستحق أن تكون محتلة من قبل الأعداء وعملائها الأشرار. تلك الأجيال التي لا تستحق أن يموت أبناءها في عمليات تفجيرية حاقدة. تلك الأجيال التي لا يستحق شارع أو زقاق واحد من شوارعها وأزقتها بأن يلطخ بدماء أبناءها الأبرياء. تلك الأجيال التي لا تستحق أن يفتح أبناءها أعينهم في كل صباح على جثث الأرصفة أو المقابر الجماعية التي تعثر عليها بين الحين والأخر. تلك الأجيال التي لا تستحق بأن يطارد أبناءها من قبل أشباح الموت والجوع والمرض في كل مكان. تلك الأجيال التي لا تستحق أن يتشرد أبناءها في بلدان أخرى للبحث على الحياة الآمنة لأطفالهم. تلك الأجيال التي لا تستحق بأن يهتك عرض حرائرها ولا تغتال ضحكة براعمها. المناضل الذي عشق الآخرين والنضال من أجل إسعادهم يضع أمام أعينه كل الاحتمالات الصعبة الشاقة التي ستواجهه في نضاله ويسهل عليه الموت الذي لا يهابه أبدا. ومادام الإنسان يناضل من أجل مبدأ سامي، أو هدف مشروع، ونضاله هذا حتى الموت، فلا يهمه الأموال حتى ولو كانت بكنوز الدنيا. لأجله تراه وهو يبتسم عند الشهادة من أجل مبادئه وأهدافه. فبدون شك العراقيون الأبطال تعلموا النضال الحقيقي من أجدادهم العظام الخالدين الذين يشهد لهم التأريخ القديم والحديث. فالنضال من أجل رفع الظلم والحقد والعدوان كان قدرنا المحتوم طيلة العصور الماضية واليوم أيضا. فمثل الرجال العظام الذين سبقونا في النضال ونالوا شرف الشهادة من أجل مبادئهم وأهدافهم سنمضي نحن أيضا في دروب أولئك الخالدين، الأكرم من جميعا حتى وننقذ شعبنا العراقي الأبي من المحتلين الأمريكان وعملاءهم الأشرار، ونتصدى لجميع المخططات الشوفينية والطائفية والانفصالية الحاقدة، ونرفع الظلم والعدوان عن شعوبنا المظلومة ونحقق الأمن والسلام والحرية والديمقراطية ونعيد الحقوق المغتصبة لأهاليها أو ننال شرف الشهادة العليا مثلما أقسمناه على الدماء الزكية لشهدائنا الأبرار، والتي روت أرض وادي الرافدين. نعم إنها نضال حتى الموت ولن يبعدنا من نضالنا هذا غير الموت الذي لن نهابه من أجل نيل حرية وحقوق شعبنا المظلوم.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |