|
ساهر عريبي تعتبر طبقة مزوري الشهادات الدراسية واحدة من اهم الطبقات في المجتمع العراقي اليوم, فهي تضم سياسيين كبار وأعضاء مجالس محافظات ومحافظين وموظفين كبار في الدولة فضلا عن عسكريين أصحاب رتب عالية من قبل الرتب لواء ركن وعميد ركن والى اخر القائمة.ويعود السبب الأساسي لنشوء مثل هذه الطبقة والتي تلعب اليوم دورا سلبيا كبيرا في المشهد السياسي العراقي, الى إعتماد القوى السياسية الحاكمة على مبدأ الولاء والطاعة كمعيار أساسي في التقييم وفي توزيع تركة الدولة العراقية كالغنيمة بين أتباعها. وتشير إحصائيات هيئة النزاهة العراقية إلى وجود حالات كبيرة من تزوير الشهادات الدراسية, غير أن الهيئة لم تتمكن ولحد اللحظة من إتخاذ أي أجراء بحق أولئك المزورين او فاقدي الشهادات العلمية المطلوبة لأنهم تحت حماية قوى سياسية نافذة. ولعل من اهم أثار وجود هؤلاء المزورين هي حالة التردي التي يعاني منها العراق وعلى مختلف الأصعدة فعندما تغيب مقاييس الكفاءة والنزاهة لتحل محلها المقاييس الشاذة والقائمة على المحسوبية والمنسوبية والولاء فحينها لايرتجى من هؤلاء خيرا لأنهم لايملكون الأهلية ففاقد الشيء لا يعطيه. وكنموذج لذلك هو تعيين رئاسة الوزراء لشخص يشرف على مشروع ميناء البصرة الكبير وهو لا يملك أدنى مقوم او كفاءة تؤهله لذلك. والأنكى من ذلك هو ان رئاسة الوزراء قد طلبت من احد المختصين وهو من خيرة الكفاءات العراقية المشهود لها بالنزاهة والأخلاص ان يشرف على المشروع، غير ان التيار المتخلف والذي يسيطر على مكتب رئاسة الوزراء عين الأول مكانه ومن ثم طلب من الثاني ان يعمل تحت إمرته!. وخلال زيارتي الأخيرة للعراق إلتقيت بصديق كان تجمعني به صحبة منذ أيام المعارضة، وقد إفترقنا بعد ان وصلته الأوامر الحزبية القاضية بترك النضال والتوجه لدراسة العلوم الدينية والتي لم يفلح بها أيضا لشدة نبوغه!. ولقد وجدته اليوم في بغداد يضرب اخماسا بأسداس فقلت له مابالك، ومالي اراك مهموما مغموما؟ أولم يعطك الحزب وظيفة مرموقة يحلم بها الكثيرون وانت لا تملك أي شهادة دراسية؟ أولم يعطوك فضلا عن ذلك رتبة عقيد تحت يافطة دمج الميليشيات, علما بأنك لم تحمل السلاح يوما بوجه النظام الصدامي؟ فلقد كان صاحبي هذا مثله مثل عدد كبير من الحزبيين ممن حازوا اليوم على رتب عسكرية عالية في وزراة الداخلية والدفاع، كانوا احرص الناس على حياة أيام المعارضة ولاباع لهم في النضال بل كان كل همهم العيش الهني والرغيد. فقال لي اولا تعلم بأن هيئة النزاهة أخذت تضيق علينا اليوم وتطالبنا يشهاداتنا الدراسية وكما تعلم فإني قدمت شهادة مزورة وانا خائف اليوم ليس على الوظيفة وإمتيازاتها فحسب، بل خائف من الفضيحة. فقلت له لا تخف ولا تحزن فلن يصيبك أي مكروه طالما ان دولة الأمين العام جالس على كرسي الحكم فلن يصيبك اي مكروه. ولكن لي عتب عليك, أولم ادعوك أيام المعارضة إلى ضرورة ان تدرس وتحصل على شهادة دراسية, فكنت تقول لي وماحاجتي بها, فأنا من المدينة الطيبة ومقرب من القيادة وسيكون لي شأن شئت ام أبيت. وكنت أقول لك خذ الشهادة لتعطي قيمة لنفسك في زمن العلم والتقدم خاصة وانك هاجرت معي الى السويد وهو بلد مجالات العلم والدراسة فيه لاحدود لها. فقال لي وكيف يكون لي دافع للدراسة وهم يثبطوننا عنها ويدعونا للأنعزال عن المجتمع الغربي ( الكافر والفاسد). أولا تذكر الشيخ التورنتي الذي كان يحرم علينا إنجاب الأطفال في الغرب بحجة أنهم سيفسدون، أولم يحرم علينا البقاءفي السويد؟ فقلت له يأأيها الأحمق لقد إستهام بك الخبيث، اولا تعلم بان سماحته قد أصدر فتواه بحرمة إنجاب الأطفال من وحي عقده النفسية وليس من وحي العقيدة الدينية؟ أولا تعلم بأن الله قد حرمه من الذرية فأراد ان يحرمكم منها؟ أولا تعلم بأن ذاك الدجال( والذي لديه خط ساخن اليوم مع دولة الزعيم) قد حرم البقاء في الغرب بعد سقوط النظام إلا أنه بقي والى اليوم يرتجف في شتاء الغرب القارص ولم يكلف نفسه عناء العودة الى الوطن وإداء وظيفته الدينية فيه؟ أولا تعلم بأنه يملك القصور في بقاع مختلفة من الأرض إلا انه يذهب كل شهر الى دائرة المعونات الأجتماعية ليقسم بشرفه ومقدساته بانه لا يملك شيئا طمعا في الحصول على المعونة الأجتماعية؟ أولا تعلم بأن ذلك الدجال الأخر الذي يدعو العراقيين في المهجر الى العودة الى العراق, يعود كل ثلاثة أشهر الى الغرب ليستلم تقاعده بعد ان يوقع على وثيقة يقسم فيها بشرفه ومقدساته بأن لا دخل مادي له علما بأن لديه ثلاث مناصب في العراق بفضل حزبه المغوار وهو الذي لا يملك شهادة دراسية واحدة؟ فكيف صدقت هؤلاء الدجالين المتاجرين في الدين؟ فقال لي دعك من هذا فإننا فزنا اليوم وخسر غيرنا من اصحاب الشهادات المرموقة والنضال فقلت له نعم لقد فزتم ولكن حتى حين! وألأن ماذا تريد مني؟ فقال لي ساعدني في الخلاص من ورطتي وإعطني واحدة من شهاداتك الدراسية, فقلت له أيهما؟ فقال إعطني شهادتك في الهندسة النووية؟ فقلت له وما حاجتك بمثل هذه الشهادة وانت لا تفقه فيها شيئا وسوف يفتضح امرك؟ فقال لي أن لدي مشروعا وافق عليه دولة الزعيم ، ففرحت وقلت لعل دولة الزعيم في صدد الشروع في بناء مفاعل نووي لتوليد الكهرباء بإعتبار دولته ذو أفق واسع ويخطط لمستقبل للعراق وللسنوات العشر القادمة، إلا أنني اردت ان يطمئن قلبي فسألته وما هو المشروع الذي وافق عليه دولته؟ فقال إنه مشروع زراعة النخيل في بغداد ومن نوى التمر ، فهل عرفت سبب حاجتي لشهادة في الهندسة النووية؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |