قالت لي جدتي: إذا اغتنى الفقير، فبعد أربعين عاماً ستشمّ منه رائحة الفقر، وإذا أصاب الغني فقراً، فستشمّ منه رائحة الغنى بعد أربعين عام..!

حاسة الشم القوية تلك ـ حسب نظرية جدتي ـ  لا يمكن تطبيقها في كل حين..

ولكن ما ذكرني بجدتي، هوإنني (كانسان إيزيدي) كنت قد كتبت موضوعاً عاماً، فوصلني تعليق من احدهم ليذكّرني بأنني (مجرد إيزيدي) وعليّ أن اهتم بمعبوداتي (!!!) وليس لي أن احشر نفسي في مسائل أخرى..

هكذا إذن..؟؟!!

أي أن تكون إيزيدياً ليس لك الحق أن تشكومن شحة الماء والكهرباء، وليس لك الحق أن تتذمر من (كثرة) الطسات في الشارع قبالة دارك، كما لا يجدر بك أن تساهم برأيك في مشروع قرار دستوري فيدرالي، وتبدي رأيك في محفل استطلاع الآراء عن سبب خسارة منتخب العراق أمام قطر..

وأن تكون إيزيدياً ينبغي أن تسعى لإهمال لسانك، وفي نفس الوقت تسعى لتطوير حاسة السمع لديك، كي لا تفوتك فرصة التقاط (حكمة) يتفوه بها من يختلف عنك بانتمائه الديني...!

وكي تكون إيزيدياً صالحاً، عليك أن تدفن راسك في صفحات تاريخ لم تكتبه، وتستوعب أساطير وبطولات الغير التي لا تدخل دماغك، و(تجاهد) على الطريقة الإيزيدية لزرع بذور ذلك الإذعان المتأصل في روحك، في تلافيف أدمغة أطفالك، كي لا ينفلت من لسانهم  كلمة سوء قد تتسبب بضياع الوطن..!!

أن تكون إيزيدياً، يعني أن تكون شاكراً لا ساخطاً، سعيدا غير حزين، وأنت تستلم ما خصصته لك الحكومة من مواد تموينية أسوة بباقي إخوتك في الوطن.. وتسكت فحسب..!!

أن تكون إيزيدياً .. لا يحق لك أن تكتب شعراً، وتتغزل بإحداهن، ولا يحق لك أن تحلم بتقبيل شفاه إحداهن، كما انه لا يحق لك (البتة) أن تنتعش عيناك بجمال الورد والزهر والبلابل..

ولا تنسى، عندما تكون إيزيدياً، ستفوح رائحة الإيزيدية منك ولوبعد أربعين قرناً حتى لوحصلت على شهادات (البروفيسور) في علم الذرة.. وفي الفيزياء النووية..!!

المهم.. انك إيزيدي.. ولا يحق لك أن تنسى ذلك.. وغير مسموح لك أن تفكر كالآخرين..

وعليك كإيزيدي.. أن تفرح لأننا نقول لك (إيزيدي) ولا نقول (يزيدي) وننعتك بالصفة التي تعرفها..(!!!!)

رحم الله جدتي.. ودعوني أقول كي لا أثير احدهم: (لتنزل رحمة السماء على جدتي)..!!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com